أدين أحد المتهمين السعوديين أمام القضاء في المحاكمات الأخيرة وحكم عليه بالسجن 23 سنة؛ لتكفيره الأمة الإسلامية من العهد الأموي حتى عهد الدولة السعودية الثالثة. وهذا فرد واحد من مجاميع منتشرة تؤمن بتكفير الأمة مجتمعة وعبر التاريخ، أي تكفير آلاف الملايين من المسلمين خلال مئات السنين، وبالتالي يمنح هؤلاء المكفرون أنفسهم مشروعية القتل والتخريب كونهم يجاهدون في أرضية كافرة بما حملت من بشر.. هذا الاعوجاج الفكري لا يستوجب الصبر عليه على الأقل في الجانب التنويري ودحض الأفكار التكفيرية وتجفيف منابعها.. وقد ذهلت وأنا استمع للعائد من تنظيم داعش الأستاذ مانع المانع وهو يروي على القناة السعودية الأولى واقع حال السعوديين المنضمين لجماعة داعش (الإرهابية المتوحشة)، مكفرين الأمة ومستبيحين الدماء والأموال والنساء.. وقال المانع في لقائه إن تلك الجماعة تستند في رؤاها الفقهية التكفيرية إلى ما يلتقطونه من أحكام وأدلة من بعض المشايخ والدعاة ومن بعض الرسائل والمنشورات القديمة المنتشرة بيننا يتلقفها طلاب العلم ويتبادلونها كإيمان لا يقبل الجدل.. وهذه الأقاويل والمنشورات يتمنهج عليها السعوديون (الدواعش) ومن خلالها يؤسسون أحكامهم التكفيرية التخريبية. وهذه المعلومة تستوجب التنبه وسحب كل الرسائل والمنشورات القديمة من أيدي الناس، وإن كانت فكرة السحب غير واردة، فليتم تفنيدها من قبل العلماء وكشف إعورارها ليتبين لطالب العلم الحق من الباطل، أما أن تترك على ما هي عليه من أفكار تنتج لنا يوميا (مكفراتية) وترك تلك المغذيات التكفيرية بين أيدي الناس يعد تهاونا واستسهالا في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه. وذكر الأستاذ المانع معلومة تعد خطرا حقيقيا على البلاد، إذ ذكر أن السعوديين المنضمين إلى داعش يقطنون حيا في إحدى مدن سوريا يطلق عليه حي (الجزراوية) نسبة للجزيرة العربية، وهؤلاء السعوديون لا يشتركون في الحروب هناك بل ينتظرون أدوارهم لتفجير أنفسهم داخل المملكة.. ويقدر الأستاذ المانع أعدادهم بالمئات واستهداف المملكة تحديدا من هؤلاء يعتمد على الأقاويل المبثوثة في أشراط الساعة بأن لا تفتح أو لا تسترد القدس إلا بفتح الجزيرة العربية. كل هذه الأفكار المعوجة ازدهرت واعتنقها أبناؤنا بسبب انتشار رسائل ومنشورات من مجتهدين لم تصوب اجتهاداتهم، فكان ضررها على البلاد والعباد. فإلى متى (نصبر) وفي كل يوم ونحن نخرج عشرات الدواعش بسبب قراءة تلك الرسائل والمنشورات المغلوطة في اجتهادها وأحكامها؟.