وجه قينان الغامدي رسالة للشيخ عبدالله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء ، طالبه فيها بأن يلتفت العلماء لمناقشةالجذور والأصول التي يستند إليها من غرر بأبنائنا، ونقضها، وتنوير الناس بزيف تأويلاتها، وتوضيح انحرافاتها . وانتقدت رسالة قينان التي نشرتها صحيفة مكة اليومية ، تركيز العلماء على الشجب والاستنكار للأعمال الإرهابية التي يقوم بها أبناء المملكة داخلها وخارجها ، بينما استمر المضللون ينشرون ويكرسون ضلالهم وانحرافهم، في كل صفوف وفئات المجتمع، مع تشدد وقمع واضحين لكل من يعترض . وفيما يلي نص الرسالة :
رسالة إلى الشيخ عبدالله بن منيع للتأمل والتفكير فيما استقر في الأذهان من داخل (الحمى) لست بحاجة إلى التعريف بمكانة ومكان الشيخ الفاضل عبدالله بن منيع، فهو كما يقال (علم في رأسه نار)، وهو لا شك جدير بالاحترام والتقدير، وحين اخترته لأوجه إليه رسالتي هذه فلأنني أعرف سعة صدره، وقابليته المتميزة لرأي غيره، وفطنته وعمق نظره للأمور، ولأنه عضو في هيئة كبار العلماء وأبلغ وأقدر منا جميعا في مشاركة أعضاء الهيئة رؤاها وخططها. المذاهب الهدامة.. أم الأفكار والاجتهادات؟! وفي الأسبوع الماضي وعلى إثر حديث الملك عبدالله للعلماء والمشايخ نشرت عدد من الصحف تصريحات للشيخ خلاصتها أن (هيئة كبار العلماء ستعمل على تعرية المذاهب الهدامة التي تشوه الدين الإسلامي… إلخ)، ولأنني خريج معهد علمي، ثم جامعة الإمام، فقد استقر في وجداني منذ عقود أن مصطلح (المذاهب الهدامة) يعني كل ما هو خارج حمانا (الفقهي) الذي توارثناه من الحفاظ المقلدين من فقهائنا عبر العصور بغثه وسمينه، ولم يقل لنا أحد إن علينا مناقشة ومحاكمة تاريخنا الثقافي، وتراثنا الفقهي قبل أن نحاكم الآخرين، لذا فإنني آمل أن يكون قصد الشيخ بالمصطلح هو (الأفكار والاجتهادات والتأويلات والتفسيرات الهدامة) في تراثنا وفقهنا الذي نتبناه ونسير عليه، وذلك لأن المذاهب الهدامة -حسب فهمي القديم- ليست شائعة ولا مؤثرة في بلادنا، فغالبية السعوديين مسلمون سنة، لكن هؤلاء المسلمون السنة تشوه فهم بعضهم لتعاليم وقيم الإسلام في ضوء فكر متطرف الخطاب والمنهج بدأ منذ نحو أربعة عقود وما زال مستمرا حتى يومنا هذا، وتبعا لهذا التشوه نشأت داخل عباءتهم وخرجت الأفكار والدعوات المتطرفة التي أفضت إلى الإرهاب باسم الدين، ولهذا فإن المطلوب أن يكون جهد التصحيح والتنوير منصبا ومركزا على مذهبنا السني الذي سميناه منذ فترة قريبة (السلفي)، وهو مذهب تستند إلى نصوصه وتراثه معظم حركات الإرهاب اليوم، ابتداء ب(السلفية الجهادية) المنشقة عن السرورية، ومرورا بالقاعدة ربيبة (السلفية الجهادية) وانتهاء ب(داعش) ربيبة الجميع، وهذا تاريخ حديث معروف، ومنابعه معروفة، (ولا بد من الإشارة هنا -كما ورد في كثير من كتب الراصدين- أن (السرورية) هي أكبر الجماعات الحركية في المملكة، وأكثرها انتشارا وأتباعا، وهي منشقة عن جماعة (الإخوان المسلمين) لكنها جمعت بين منهج الإخوان الحركي وبين المنهج الفقهي التقليدي السائد في المملكة، وهذا الجمع الذكي هو الذي منحها فرصة الانتشار والتجذر. دور العلماء في تنقية تراث المذهب من تأويلات تدعم التطرف ومنذ أن بدأ أبناؤنا الإرهابيون يضربون في عقر دارنا، كتبت وغيري أن دور العلماء ليس الشجب والاستنكار وإنما الالتفات إلى الجذور والأصول التي يستند إليها من غرر بأبنائنا، ومناقشتها ونقضها، وتنوير الناس بزيف تأويلاتها، وتوضيح انحرافاتها، لكن -مع الأسف- لم يحدث شيء من ذلك، وبقينا كلنا نشجب ونستنكر، ونعيد كلاما مكرورا لا قيمة له ولا أثر، بينما استمر المضللون ينشرون ويكرسون ضلالهم وانحرافهم، في كل صفوف وفئات المجتمع، مع تشدد وقمع واضحين لكل من يعترض، وتطورت الأمور وكبرت المنابر وتنوعت الجماعات التي ضللت الأبناء وصنعت منهم ما عرفنا من خلايا إرهابية، بعضها استيقظ وانتهى بالقتل أو السجن وبعضها ما زال نائماً يتربص، واستمر الحال حتى أصبحت المملكة -رغم معاناتها مع الإرهاب- متهمة بدعمه وتغذيته، وكان السبب وما زال واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار، وهو أن علماء المملكة المعول عليهم، وباحثيها القادرين لم يتصدوا لتراث المذهب فينقوه مما فيه من رؤى وتأويلات فقهية تدعم أفكار التطرف وتدعو إلى تفسيق مسلمين من داخل المذهب، وتكفير مسلمين من مذاهب أخرى، وتستبيح دماء البشر وقطع رؤوسهم وسحق جماجمهم باسم الجهاد (المزعوم)، وهي استباحة ما زال بعض من نسميهم (دعاة ووعاظا) يرددونها ويحرضون عليها حتى يومنا هذا. علماؤنا وغبار الكسل والصمت (العريقين) إنني أعتقد –يا شيخ عبدالله- أننا الآن في المملكة نمر بمرحلة هامة وخطيرة في أزمتنا مع الإرهاب، هذه المرحلة -كما أرى- هي التي جعلت الملك عبدالله يقول للعلماء: (فيكم كسل وفيكم صمت)، والملك (حفظه الله) لم يقل ذلك إلا وهو يرى حجم الخطر الضخم للإرهاب ويعرف منطلقات وبواعث التطرف التي أفضت وتفضي إليه ويريد أن يضطلع كل بدوره، فهو (وفقه الله) لديه -لا شك- من المعلومات والمعطيات أكثر مما عندنا حول هذه المرحلة التي هي امتداد ونتيجة في ذات الوقت للعقود الأربعة الماضية الحافلة بنشاط التطرف والمتطرفين في بلادنا، ولهذا فإن هذه المرحلة الحالية فيما أتصور وأعتقد تستوجب أن ينفض علماؤنا غبار الكسل والصمت (العريقين)، وأن يفتحوا حوارا واسعا جادا وعميقا حول جذور الإرهاب وأصوله في ثقافتنا المحلية، وحين أقول ثقافتنا فإنني أعني ما استقر في الذهن والوجدان العام، وما تكرس خلال العقود الأربعة الماضية من تطرف وتشدد عبر خطابات دينية ورؤى فقهية تم استدعاؤها من قرون سحيقة دون تأصيل علمي معتبر، ودون نظر عقلي واع، فأصبحت خطابا سائدا كرس بين الناس الشكلانية الدينية، وفتح الباب واسعا أمام الحركيين التنظيميين ليختطفوا الشباب من أحضان فطرتهم السوية، وتحويلهم إلى وقود وحطب في معارك الإرهاب محليا وعربيا ودوليا. خطة طريق لمجابهة ومحاربة التيار الإرهابي القاتل ألا ترى -يا شيخي الكريم- أن تلك مرحلة كانت في قوتها التدميرية لأنفس وعقول الناس أقوى من الفيضانات، ومع أن التكفير والتفسيق كانا سائدين علنا ومن فوق كثير من المنابر وعبر الأشرطة والمطويات والمحاضرات، فإن هذا المد المتطرف كان ينمو ويتكرس، ولم يبدأ انحساره الخجول -مع الأسف والألم- إلا بعد أن رأينا حصاد ما زرعته الصحوة برعاية رسمية واجتماعية متمثلا في شباب من أبنائنا يفجرون في شوارعنا ومنشآتنا، ويتوعدوننا بالويل والثبور، والقتل والتنكيل والفوضى، وإقامة دولة الخلافة… إلخ. هذا الواقع -يا شيخنا الموقر- أعتقد أنه معروف لهيئة كبار العلماء ولكل راصد لهذا التاريخ القريب، وهو فعلا مرصود ومدون في كتب بعضها كتبها أصحابها (السعوديون) بعد تجربة عملية خاضوها بأنفسهم داخل هذا التيار المتطرف التكفيري (السني السعودي)، وهي كتب موجودة ومتاحة، وحري بعلمائنا أن يطلعوا عليها، لعلهم يجدون فيها ما يساعدهم في رسم خطة طريق لمجابهة ومحاربة هذا التيار الإرهابي القاتل الذي يتخذ من مذهبنا (السني السلفي) في المملكة مرجعا لاستباحة ما يشيع من أفكار تطرف، وما يعلن من فتاوى تكفير وما يرتكب من جرائم قتل وتنكيل لا يقرها دين ولا عقل ولا أخلاق جهيمان.. وتفشي الخرافة باسم الدين ودعنا -أيها الشيخ الفاضل- نستعرض لمحات سريعة مما حدث، وكان مقدمة لما نحن فيه اليوم: ألا ترى معي أن حركة (جهيمان) ومهديه المنتظر عام 1979 كانت أول نذر الشر المستطير التي أطلت برأسها مستندة إلى أفكار متطرفة، ورؤى فقهية متشددة، وتفسيرات مسيسة، استدعتها تلك الحركة من عمق تراثنا، انتقاء من تأويلات منحرفة لنصوصه، واختيارا من رواياته الأسطورية، وخرافاته الفقهية، فماذا فعلنا بعد القضاء على عناصر حركة (جهيمان)؟ لقد تبنى الوطن ذاك الفكر المتطرف، الذي في ضوئه قامت (الصحوة) فتمدد الفكر وتكرس، وشيئا فشيئا أصبح السعوديون قسمين: قسم سعودي، وقسم إسلامي، ومع الأسف لم يتنبه أحد إلى هذا التقسيم، حتى قويت شوكة مستغلي الدين لأهداف سياسية، ورأينا مراكز الدعوة تنافس مدارس التعليم في الانتشار، أما الدعاة فلم يخل بيت سعودي من داعٍ أو داعية، وكل هذا حدث في مجتمع مسلم مئة بالمئة، لكن التقسيم الذي حدث في غفلة (الصحوة) هو الذي جعل القسم السعودي مستهدفا بالدعوة الجديدة على يد القسم الإسلامي الذي كان منظما بدقة، وكان نافذا ذا سطوة على المال والقرار، فنشأت على يده مدارس وحلقات تحفيظ القرآن الكريم، (وكأن مدارس التعليم العام تدرس الإنجيل)، وقامت بجهوده مخيمات الصيف والشتاء الدعوية في جميع المناطق، واستحدثت برغبته جماعات التوعية الإسلامية في المدارس والجامعات، والمستشفيات، وقطاعات الأمن والجيش وفي كل إدارة ومؤسسة، وأصبح لها إدارة عامة في كل وزارة ومؤسسة، وصار كل صاحب ثوب قصير ولحية معفاة وهاجر للعقال طالب علم أو واعظا معتبرا، فتفشت الخرافة باسم الدين، وأصبح كل من هب ودب واعظا يستشهد بالقرآن على هواه، ويستدعي من الأحاديث والقصص صحيحها ومكذوبها ما يناسب موضوعه ورغباته، وينقل البعض عن البعض، ويستنبت من الواقع أحداثا غير صحيحة، ويختلق أمورا غير موجودة للترهيب والترغيب، ورأينا فتية أغرارا يتصدرون المجالس والمنابر يحدثون الناس ويقرعونهم على ضلالهم ويلصقون بهم الانحراف عن جادة الصواب استنادا إلى مشاهدتهم التلفزيون أو حضور فرح أو سماع أغنية إلى غير ذلك من الأمور التي جعلت التحريم قاعدة، وسد الذرائع وسيلة لإرهاب الناس، وحملهم على الامتثال، وصار كل من يعترض فاسقا في أحسن الأحوال وقد يرتقي بسرعة إلى مرتبة الكفر والعياذ بالله. التطرف يجد في صمت العلماء دليلا على رضاهم عما يروج له ألا ترى –يا شيخ عبدالله- معي، أن الشجب والاستنكار لم ولن يجدي، وأن توزيع التهم على هذا وذاك خارج حدود بلادنا إنما هو هروب من مواجهة واقع نعرفه وتعامينا عنه طيلة العقود القريبة الماضية، وأن مصارحة أنفسنا ومواجهة ذواتنا بحقيقة أن التطرف والتشدد وما أسفر عنه من نتائج منتج محلي قبل أن يتحول إلى عربي ودولي، وأن واجب علمائنا وفقهائنا مواجهة هذا الواقع وتفنيد جذوره ونقض أصوله التي هي موجودة بضلالها وانحرافاتها في تراثنا الذي يحتاج نقدا وتنقية وتوضيحا، وأنه ما لم يفعل علماؤنا ذلك بقوة وصراحة وحكمة، فإن الانحسار الخجول لهذا الفكر المتطرف سيتوقف، وأن الفكر نفسه سيستأنف نشاطه بصورة أقوى مما كان، ليس فقط لأن مقولاته وأفكاره ما زالت حية طرية، وإنما لأنكم صامتون عنه أيضاً، فهو يجد في صمت العلماء دليلا على رضاهم عما يروج له، بل إن بعض دعاة التطرف والمحرضين عليه في بلادنا يتخذون من توقير العلماء -أمثالكم- ومدحهم مدخلا لإسكاتهم عن ضلالاتهم، وسبيلا لتحريف مقولاتهم وفتاواهم للاستشهاد بها، مثلما فعلوا ويفعلون مع فتاوى الشيخين الجليلين (ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله). ثوابت الدين معروفة وما عداها يجب وضعه على مشرحة النقد نعم –يا شيخ عبدالله- انحسار الفكر المتطرف فيما يظهر بدأ، لكنه انحسار كان وما زال بطيئا، وسيبقى بطيئا وضعيفا، ما لم تحدث مواجهة فكرية فقهية صريحة وواضحة تقودها هيئة كبار العلماء، ليس مع رموز التيار المتطرف ودعاته فقط، وإنما مع الجذور التي يستندون إليها، وهي جذور لا قدسية لها وقابلة للنقاش والنقض، بل إن التأصيل العلمي الدقيق، قد لا يبقي لمعظم تلك الاجتهادات والتفسيرات والرؤى الفقهية قيمة ولا أثرا، إذ إن ما دون نصوص القرآن الكريم، والثابت القطعي من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يوجد مانع واحد من مناقشته ونقضه وتبصير الناس بما فيه من مثالب وتناقضات وأهداف مرحلية انتهت بزوال عصر الحاجة إليها، فثوابت الدين القطعية معروفة، وتكريسها مهم، أما ما عدا ذلك فهو قابل للأخذ والرد، ويجب وضعه على مشرحة النقد. هيئة كبار العلماء ودعوة التصحيح والتجديد والتنوير إنني أعرف -يا شيخنا الكريم- أن هيئة كبار العلماء تعلم أننا نعيش في عصر يحتم عليها البحث والتفكير والاستنباط من نصوص الوحي وقطعي الحديث ما يؤكد ويكرس أن الإسلام دين محبة وإخاء وبناء وإنتاج وعدل، وأنه صالح لكل عصر ومصر، وأن من سبقونا بعد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، اجتهدوا واستنبطوا وفق مفاهيمهم ما ناسب أزمنتهم، وانسجم مع حياتهم، وأحيانا قرروا ما يناسب رغبات وتطلعات وأهواء، وأننا في هذا العصر لسنا ملزمين بما اجتهدوا فيه ولا بما قالوه أو فعلوه، فلا قداسة لأحد غير الأنبياء والرسل ولا عصمة لغيرهم، ولهذا فإنني وأبناء الوطن نتطلع إلى الهيئة الموقرة بكثير من الأمل والرجاء في أن تقود دعوة التصحيح والتجديد والتنوير، بحزم وجرأة، لتضع فهما واضحا نظيفا لجوهر الدين القويم في مساره التعبدي والحياتي والفكري السليم، وتنقذ الوطن وأهله من شر ما يتربص به من داخله – قبل الخارج – من بعض أبنائه المنحرفين، وحين أقول (فهم واضح ونظيف) فلأنني أعلم أن الدين محفوظ من رب العزة والجلال، وأن الأخطاء والكوارث والجرائم التي ترتكب باسمه مردها إلى الفهم السقيم له، والتأويل المنحرف لنصوصه القطعية، والترويج لما علق بالتراث من خزعبلات واختلاقات وأكاذيب. إنني لست وحدي في هذا التطلع والأمل فقد قرأت يوم الخميس الماضي مقالين، الأول في صحيفة (مكة) للدكتور صالح زياد تحت عنوان (الإرهاب.. هل يستطيع العلماء أكثر مما يفعلون؟)، والثاني في صحيفة (الجزيرة) للدكتور حمزة بن محمد السالم تحت عنوان (مواجهة الفتن بالكسل والصمت)، ومقال ثالث يوم الجمعة الماضية في صحيفة (المدينة) للشريف (حاتم العوني) تحت عنوان (المشايخ الكسالى)، وقد يكون هناك مقالات أخرى لم أطلع عليها، بيد أن هذه المقالات الثلاثة مهمة وتطرح ما أتفق معه وما أرجو من شيخي الفاضل عبدالله بن منيع أن يتأمل فيه، بعين المتأمل وفكر العالم ونظر الفقيه، ومثله يفعل بقية أعضاء الهيئة الموقرين، على أن المقال الأخير للعوني يعتبر في نظري أهمها، فهو يطرح أسئلة جوهرية هامة جدا، لعل هيئة كبار العلماء تتوقف عندها وتتمعن في أبعادها، وتسبر أغوار عمقها، وتستجلي عظمة أهميتها في شأن تصحيح مسارات الفهم السائد للتطرف والتكفير، وفي آثار ما تثيره هذه الأسئلة على الوحدة الوطنية، وما يتهددها من مخاطر بسبب المتطرفين والمكفرين والجهلاء بسماحة الدين وعظمته. انتشال المجتمع من التطرف يتطلب فقها وفكرا نقيين جديدين وأخيرا -يا شيخي الفاضل- فكما تعلم ونعلم جميعا، وطننا -ولله الحمد- آمن مستقر قوي، وأعداء الخارج معروفون، وقيادتنا الحكيمة، وقواتنا الباسلة، كفيلة بهم ونحن جميعا ملتفون خلفهم، لكن هذا الالتفاف الذي نقوله ونسعى لتكريسه، يتطلب انتشال مجتمعنا السعودي من مسارب التطرف، وتحصينه من موجات التكفير، وهي -كما تعلمون- مسارب وموجات محلية المنبع عميقة الجذور في تراثنا، ومظاهرها معروفة وواضحة، فشبابنا الذين فجروا عندنا، والذين نناصحهم في السجون، والذين ينحرون الناس ويذبحونهم بالسكاكين مع (داعش) وغيرها، كلهم تربوا في بلدنا، وتغذوا فكريا في بيئتنا، وتم تحريضهم على الخروج من متطرفين محليين أو من أمثالهم الذين استقوا فكرهم من ذات النبع الثر عندنا، ومن ينجو من أولئك الشباب سيعود إلينا مدججا بنفس الطموح في إقامة دولة الخلافة التي -كما نرى بأم أعيننا- قوامها جماجم الأبرياء ودماء الخلق الآمنين، وما لم تتغير بيئتنا بفقه وفكر نقيين جديدين على يد هيئة كبار العلماء فإن المحاضن ستبقى، وستنتج من جديد، وبالتالي فإننا جميعا مهددون، وحصوننا مهددة من داخلها، إذ ستزداد فجوة التقسيم بين إسلامي وغير إسلامي، وستتأجج حمى الطائفية، و… وسنرى أن (جهيمان) انتصر بعد ثلاثة عقود ونصف من مقتله، لأننا دخلنا وبقينا في الكهف، وأي كهف؟ حمى الله وطننا ووحدته وقيادته وشعبه، ووقاهم جميعا من شرور التطرف والإرهاب ما ظهر منها وما تخفى. رابط الخبر بصحيفة الوئام: قينان يوجه رسالة لابن منيع : الثوابت معروفة وماعداها يجب أن ينتقد