بادئ ذي بدء، لا يمكن قبول استمرار الوضع الذي يعيشه قطاع غزة في ظل الحصار والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة وإغلاق المعابر وتردي الأحوال المعيشية وانقطاع الكهرباء وعدم صرف رواتب الموظفين والتفجيرات الأمنية، فهذا ليس مقبولا من صديق أو شقيق تحت أي حجة مهما كانت لإبقاء غزة في أكبر سجن في التاريخ، واستخدام لقمة العيش ورواتب الموظفين أو اختطاف غزة لتحقيق أغراض فردية أو فصائلية. فعلى الرغم من مضي أكثر من خمسة أشهر على وقف العدوان الأخير على قطاع غزة، ومرور أكثر من سبعة أشهر على تشكيل حكومة الوفاق الوطني، إلا أن الواقع الذي يعيشه القطاع لم يتغير، بل على العكس من ذلك ازدادت الأمور تفاقما. كما تفاقم الأمر بما ينذر بفلتان أمني من خلال التفجيرات، ومن خلال التحذيرات والتهديدات التي أرسلت إلى الوزراء ومديري البنوك، مما يضع على «حماس» بوصفها السلطة الحاكمة فعليا مسؤولية وقف الفلتان الأمني والتفجيرات وكشف المسؤولين عنها ومحاسبتهم. تتراكم المؤشرات إلى قرب انفجار أو انهيار قطاع غزة في حال استمرار الوضع الراهن. والسؤال الذي يدور في الأذهان الآن: ليس هل يقع الانفجار، وإنما متى وكيف؟ ومن سيستهدف؟ ومن المستفيد؟ هناك من يلخص المشكلة بأن على «حماس» بعد فشل نموذج السلطة الذي جسدته، استكمال الطريق الذي بدأته بحل حكومتها وإنهاء سيطرتها الانفرادية على القطاع، وتمكين الحكومة من ممارسة مهماتها. إن خيارات «حماس» أصبحت محدودة أكثر في ظل أزماتها المتعددة، فهي في حيرة من أمرها بين خيار المضي حتى النهاية في سياسة إلقاء المسؤولية على حكومة الوفاق الوطني والتهرب من مسؤولياتها بوصفها السلطة الحاكمة فعليا في قطاع غزة، أو خيار تسليم السلطة كل شيء مع الحفاظ على سلاح المقاومة وكتائب القسام. ولدى حماس خيار يتمثل في استخدام سلاح المقاومة ضد إسرائيل، ولكنها رغم الصمود الأسطوري في الحرب الأخيرة ومظاهر البطولة لم تؤد إلى تحقيق أهداف الشعب والمقاومة، عوضا عن الخسائر الفادحة، لذا لا تفضل هذا الخيار خلال الفترة القريبة، وهو سيكون الورقة الأخيرة التي يمكن أن تلجأ إليها، أو في حال قامت إسرائيل بشن عدوان جديد.