نفى عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» عضو المجلس التشريعي الفلسطيني خليل الحية وجود فيتو سوري – إيراني على الحركة للحيلولة دون إنجاز المصالحة، وقال في حوار مع «الحياة» إن «إيران لا تطالبنا بأية أثمان سياسية، وسورية أبدت انزعاجها يوم حدوث الحسم (الانقسام)». واعتبر أن توقيع حركه «فتح» على الورقة المصرية «كان شكلياً لأنهم يعلمون أننا لن نوقع إلا بعد الأخذ بملاحظاتنا»، ورأى أن خيار حل السلطة في حاجة إلى توافق فلسطيني ودعم عربي وضوء أخضر من المجتمع الدولي. واستبعد أن يُقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) على الاستقالة «لأنه لا يملك أن يستقيل إلا إذا أراد الأميركيون ذلك»، وأقر الحية بوجود اختراقات إسرائيلية في صفوف الحركة، وقال: «نحن بشر والعدو الصهيوني اخترق كل التنظيمات واخترق الدول». وحول صفقة تبادل الأسرى، قال: «نحن جاهزون لاستئناف التفاوض عبر الوسيط الألماني، لكن يجب تنفيذ مطالبنا العادلة». وهنا نص الحديث: كيف تصنف العلاقة بينكم وبين حركة «فتح»... هل هي خصام أم عداء؟ - هناك تنافس سياسي بيننا وبين الأخوة في حركة «فتح» ويتطور الأمر إلى الخصام السياسي، لكن لا يصل إلى درجة العداء باستثناء بعض الممارسات الحادة من الجانبين، والتي تتعلق بالانتقام، هذه يمكن وصفها بحالة العداء، العلاقة بيننا يحكمها البعد الفكري والأيديولوجي والبعد السياسي، فنحن إسلاميون نتمنى أن نرى الإسلام يحكم بوسطيته وعدالته وروحه الرحبة (...) هذه أمنية كل مسلم، لكن «فتح» فكرها علماني، يوجد خلاف بلا شك في المنطلقات الفكرية والرؤية السياسية، فبرنامجهم ونهجهم مختلفان عنا تماماً. لكن، ألا ترى أن تداعيات الانقسام تدفع ثمنه العائلة الفلسطينية؟ - ندفع جميعاً الثمن جراء هذا الانقسام. البنية الاجتماعية تأثرت سلباً. أعتقد أن هذا الأمر يشكل منطلقاً بالغ الأهمية في ضرورة الإسراع نحو إنجاز المصالحة، فالانقسام من أخطر العوامل التي تهدد المجتمع الفلسطيني. أبناء «فتح» في غزة مستهدفون من جانبكم وقد يتهمون بالتخابر، فهل هذه سياسة رد فعل على ما يجري في الضفة الغربية من ملاحقة لكوادر «حماس»؟ - أولاً نحن لم نتعرض لحركة «فتح» في بُعدها السياسي. تعرضنا بعد عملية الحسم وحدوث الانقسام لمن واجهونا بالسلاح وانتهى الموضوع، لكن بعد حدوث التفجيرات الداخلية في غزة وتورط عناصر فتحاوية فيها وخروج رموز قيادية لفتح في غزة مثل زكريا الآغا (عضو اللجنة المركزية) ليبرر هذه الأعمال، وضعنا حركة «فتح» كلها في «بلوك» أمني. هذه التفجيرات كانت تستهدف الشرطة وقيادات ومواطنين عاديين. من أي منظور سنتعامل معهم ونحن نسعى إلى تثبيت الأمن في غزة؟ في الوقت الراهن لا يوجد استهداف سياسي لحركة «فتح»، كثير من قيادات «حماس» في الضفة يعتقلون، فنجري اتصالات مع بعض الإخوة في «فتح» ونطلب منهم التدخل(...) لأن علينا ضغطاً داخلياً بأن نرد المعاملة بالمثل، لكننا لا نفعل. في المناسبة، هل تعتقد أن الملف الأمني شائك، كما يصفه البعض، وأنه قد يقف حجر عثرة أمام إنجاز المصالحة؟ - ما تم الاتفاق عليه في أيلول (سبتمبر) الماضي خلال جلسة الحوار بين «فتح» و«حماس» توافقنا عليه هنا في غزة خلال حوار عقدناه في آذار (مارس) الماضي، جلسنا بأريحية وقلنا لهم (فتح) هذه ملاحظاتنا وتعالوا نتفاهم في شأنها وسلّمناهم خمس ملاحظات، واتفقنا على عقد لقاء آخر، لكن العمل توقف فجأة. يبدو أنه لم يكن مسموحاً أن نتفق. الفيتو من الجهات العليا هو الذي منع إخواننا في «فتح» من التواصل معنا في ذلك الوقت. لكن حركة «فتح» هي التي وقعت الورقة المصرية على رغم تحفظاتها عليها والضغوط وأنتم لم توقعوا؟ - نحن نعتبر توقيع حركة «فتح» شكلياً؛ لأنهم اعتمدوا على أن «حماس» لن توقع (...) فنحن قلنا إننا لن نذهب إلى التوقيع إلا بعد تعديل الورقة المصرية. ماذا لو طلبت حركة «فتح» بحث تحفظاتها كما فعلتم؟ - من حيث المبدأ نحن ليست لدينا إشكالية في «حماس» في مناقشة أي شيء، لكن السؤال هل نحن ذاهبون إلى دمشق للتفاهم على الملاحظات التي أعاقت التفاهم على الورقة المصرية أم لإثارة مسألة جديدة وهي بحث تحفظات «فتح»، أنا أرى أن هذه الخطوة ستعوق المصالحة، حركة «فتح» لم تعلن عن ملاحظاتها ولم تذكرها طيلة عام كامل، ولم يكن لديهم مانع في أن يوقعوا الورقة المصرية وبالفعل وقعوا. لذلك ليس من حق «فتح» اليوم بعد أن بدأنا في تذليل العقبات أن تطالب بإعادة بحث تحفظاتها. وأخشى ما أخشاه أن تكون هذه الخطوة – لو حصلت – بداية للتراجع عن الاتفاق، لذلك آمل ألا يتم ذلك، لقد سألت الفصائل: هل لديكم استعداد أن توقعوا على الورقة المصرية من دون ملاحظات؟ أجابوا: نعم. فقلت لهم نحن ليس لدينا استعداد أن نوقع على الورقة قبل معالجة ملاحظاتنا. إذاً، الذي له حق حصري في مناقشة ملاحظاته هو الذي امتنع عن التوقيع. وإذا بدأنا بحث ملاحظات كل فصيل، فهذا معناه أننا فتحنا بطن الورقة المصرية ومزقناه، ملاحظات «حماس» تتعلق فقط بنصوص اختلفت، ونحن لا نطالب بإجراء أي تغيير في بنية الورقة أو فكرها، لأن ورقة المصالحة هذه نحن الذين صنعناها مع «فتح» والفصائل برعاية مصرية، لذلك أقول إن هذه الورقة صناعة فلسطينية برعاية مصرية. يدهش الكثيرون من موقف «حماس» ولا يفهمونه، فهي خاضت الانتخابات الاشتراعية على خلفية اتفاق أوسلو ولكنها ترفض أن تعترف بما جاء به اتفاق أوسلو، أي الاعتراف بإسرائيل وهذا يشكل حاجزاً وعقبة أمامكم في طريق المصالحة وفي إنهاء حصار غزة! - خضنا الانتخابات ولم يطالبنا أحد بأن نعترف بما اعترفت به السلطة، ولو طلبوا ذلك لما خضناها، وبالتالي لا يجوز لأحد أن يقول إنك جئت إلى السلطة كإفراز لأوسلو وعليك أن تعترف بالأصل. أنا اعترفت بالقانون الأساسي الذي ينظم السلطة الفلسطينية، والذي لم يقل إن من يدخل المجلس الاشتراعي عليه أن يعترف بأوسلو أو أن يعترف بإسرائيل، وحركة «فتح» نفسها تقول إنها لم تعترف بإسرائيل، بل منظمة التحرير هي التي اعترفت بإسرائيل. هم يريدون اخراجنا من المنظومة السياسية الفلسطينية، فليس مسموحاً لنا أن نكون في المنظمة أو أن نكون في السلطة. الشعب الفلسطيني لم ينتخب «فتح» التي أوجدت السلطة، فهذا يعني أنهم لا يريدون برنامجها. ونسبة الذين انتخبوا الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) من الشعب الفلسطيني ممن لهم حق الاقتراع في الضفة وغزة وصلت إلى 27 في المئة، وهذه النسبة لا تمثل الشعب الفلسطيني... هل يجوز أن تكون حركة «فتح» التي لم تفز في الانتخابات هي الحاكمة أو أن يكون هذا الرجل (في إشارة إلى عباس) هو الرئيس؟ كيف توازنون بين وجودكم في الحكم وبين نهج الحركة الذي يدعو الى المقاومة؟ - الأصل أن تتناغم المقاومة مع وجود السلطة. نحن على سبيل المثال في غزة لم نصطدم بالمقاومة، لكننا سهلنا لها. كما أن عناصر الشرطة وكوادر الأجهزة الأمنية لا يمارسون المقاومة، باختصار هناك حالة تعايش بين برنامج المقاومة والأجهزة الأمنية. هناك انتقادات تتعرض لها حكومة «حماس» جراء الضرائب التي تفرض على الأهالي، ما يشكل عبئاً عليهم خصوصاً في ضوء الحصار الحالي؟ - هناك قانون ينظم الضرائب والجمارك معمول به قبل تسلّمنا الحكومة، ونحن نأخذ في الاعتبار حالة الحصار، والضرائب تفرض فقط على أصحاب رؤوس الأموال وليس على المواطنين العاديين، والحكومة لم تفرض ضرائب جديدة. على سبيل المثال علبة التبغ تفرض عليها ضريبة نحو نصف دولار تخصص لدعم مشاريع للنهوض بالبنية التحتية. حكومة سلام فياض تفرض 1.5 دولار على علبة التبغ، أي ثلاثة أمثال ما تفرضه «حماس». أنتم حكومة أمر واقع لتسيير الأعمال، فلماذا هذا الجيش من الموظفين، ألا يقع صرف رواتبهم على كاهل المواطن؟ - أولاً نحن لا نتفق مع أي جهة تقول إننا حكومة أمر واقع، فنحن الحكومة الأصلية والشرعية. وماذا عن أن غالبية الموظفين الحاليين هم من كوادر الحركة والموالين لها والمحسوبين عليها؟ - إذا اعتبرنا ذلك صحيحاً، فإنك تمنحين «حماس» بطاقة تقدير واحترام لأنها تمكنت بمخزونها الاستراتيجي البشري من شغل هذه الوظائف، هؤلاء الموظفون استجابوا لنداء الوطن عندما تخاذل الآخرون، كثير من أبناء حماس كانوا محرومين في الماضي من شغل الوظائف تحت ذريعة السلامة الأمنية، ومن يشغل الوظائف الحكومية حالياً ألوان من أطياف المجتمع الفلسطيني، فهناك آلاف ليسوا من «حماس» بل مواطنون عاديون، منهم فتحاويون، وفي يوم واحد جلس 9000 آلاف موظف في قطاع التربية والتعليم في بيوتهم تنفيذاً لتعليمات جاءتهم من رام الله، وهناك 200000 طالب وطالبة. ما مصير هؤلاء؟ لذلك اضطررنا أن ندعو المواطنين، فمن كان لديه كفاءة، فليتقدم لشغل وظائف هؤلاء. هل هناك تطور طرأ على برنامج «حماس» السياسي؟ وهل ما زلتم ترفضون الاعتراف بإسرائيل على رغم المتغيرات الجارية في الساحة الفلسطينية؟ - برنامجنا السياسي منذ 22 عاماً لم يتغير وملخص موقفنا كالآتي: نقبل من المجتمع الدولي أن يقيم لنا دولة على حدود الأراضي التي احتلت في حزيران (يونيو) 1967 عاصمتها القدس مع تأكيد حق عودة اللاجئين. في مقابل ذلك، نحن على استعداد لمنح الاحتلال هدنة لمدة عشر سنوات، وذلك من دون اعتراف متبادل، فلسفتنا في هذا المشروع مبنية على رؤية سياسية عقائدية اجتماعية وإنسانية وعلى قرارات الشرعية الدولية. الأممالمتحدة لم تلزمنا الاعتراف بإسرائيل. كيف نقبل بمجموعات قررت أن تزيح الشعب الفلسطيني لتحل محله؟ وثيقة الوفاق الوطني التي تم التوافق عليها فلسطينياً عام 2006 هي برنامج الحد الأدنى الذي تقبل به «حماس»، فلماذا لا نعود إليها من جديد ولماذا يصر البعض على أن يطالب الفلسطيني صاحب الأرض بالاعتراف بالغاصب؟ لم يستبعد البعض أن يأتي يوم تتفاوض فيه إسرائيل مع «حماس»، خصوصاً في ضوء ضعف حركة «فتح». فما مدى جاهزية «حماس» واستعدادها للتفاوض مع إسرائيل؟ - ما زلنا لا نقبل مبدأ التفاوض مع الاحتلال لأسباب مبدئية. حركة «فتح» كانت أقوى من «حماس»، ومع ذلك لم تعطها إسرائيل شيئاً. باختصار إسرائيل لا تفكر بإعطاء الفلسطينيين شيئاً. إسرائيل تؤمن بترحيل الشعب الفلسطيني ولا ترى أن له حقوقاً. ليت إخواننا في «فتح» يصلون إلى هذه القناعة، المفاوضات كما ذُكر في وثيقة الوفاق الوطني التي نلتزم بها من اختصاص منظمة التحرير ورئيس السلطة، فإذا توصلوا إلى شيء يمكن أن يطبق على الأرض فيطرح في استفتاء على المجلس الوطني الجديد والذي يضم فلسطينيين في الداخل والخارج. هذا كلام منطقي وموضوعي. نحن نختلف عن «فتح». «فتح» تقبل اليوم بأقل من حدود الرابع من حزيران (يونيو) 67، وتحارب المقاومة وتتنازل عن حق العودة، وهناك وثيقة «بيلين – عبد ربه» التي ضربت حق العودة عرض الحائط... إن لدى أبو مازن اليوم الاستعداد للاعتراف بيهودية الدولة. هناك دعوة علنية من «حماس» لإجراء حوار مباشر مع الأميركيين. فما وراء هذه الدعوة وهل نفهم من ذلك أنكم تعولون على الأميركيين؟ - «حماس» حركة سياسية ومن حقنا أن نتصل بكل من له علاقة بالقضية الفلسطينية، باستثناء العدو الصهيوني، وبالتالي عندما تقول الإدارة الأميركية والرئيس الأميركي إن حركة «حماس» لها وزن، لا أمانع من جانبي في أن أجري حواراً مع الإدارة الأميركية. أنا لا أستجدي الإدارة الأميركية ولا أطرح نفسي بديلاً. الذي يخشى من طرح البديل عليه أن يتماسك وأن يحمي نفسه بكل الفلسطينيين. هل يعقل أن يذهب مفاوض ليجري محادثات مع عدوه وظهره مكشوف؟ المفاوض الفلسطيني يفاوض من دون غطاء فلسطيني وبغطاء عربي مشكوك فيه؛ لأن العرب منقسمون على أنفسهم، وبالتالي أبو مازن يمثل من؟ وعلى من سيطبق الاتفاقات التي سيتوصل إليها؟ هو يفاوض الآن ويمس حقوق فلسطيني ال 48. لكن الرئيس عباس ذهب إلى المفاوضات بقرار من اللجنة التنفيذية للمنظمة؟ - بل ذهب إلى المفاوضات من دون قرار واضح، فاجتماع اللجنة التنفيذية لم يكن طبيعياً والقرار الذي صدر عنها غير قانوني. أتمنى أن يستيقظ محمود عباس في شكل حقيقي، ليقيم هذه المسيرة في شكل موضوعي، وكفى توزيع إحباطات على الشعب الفلسطيني وليتوقف عن توزيع الآمال للعدو بأنه جاهز للاعتراف بيهودية الدولة وكأن الأمر لا يعنيه. أبو مازن من أجل أن يحصل على مولود مشوّه يريد أن يقتل الأم مقابل ذلك، بل إنه يريد أن يقضي على الأسرة برمتها مقابل هذا المولود المشوّه. قال الرئيس عباس غير مرة إن «حماس» تقبل بدولة فلسطينية ذات حدود موقتة، مستنداً إلى وثيقة أحمد يوسف المستشار في حكومة «حماس». ما مدى دقة ذلك؟ - أدعو هذا الرجل (عباس) أن يقف أمام نفسه؛ لأن هذه الوثيقة غير موجودة على أرض الواقع. باختصار هذه الوثيقة قدمت لنا من الأوروبيين من طريق أحمد يوسف لكي تنظر «حماس» فيها وتناقشها، وأخونا رئيس الوزراء إسماعيل هنية، سلّمها لأبو مازن، وقال له: أُرسلت لنا للنقاش و «حماس» لم تناقشها (...) ونحن غير مستعدين لأن نناقشها لأنها تعصف برؤية «حماس» السياسية وبنهجها المقاوم. هذه الرواية يلوّحون بها دائماً كفزاعة لتبرير ما يفعلون على رغم أنهم يعلمون موقفنا جيداً. ما هو برأيك المخرج المناسب من المأزق الراهن في ظل هذا الانسداد الجاري على المسار السلمي، وفي ضوء توازن قوى ليس في مصلحة القضية الفلسطينية؟ - أنا أرى أن الصمود والصبر أقوى خيار وأشبّه الوضع الراهن بإنسان بسيط وضعيف سلب منه بيته لكنه لم يستسلم وظل متمسكاً بحقه في هذا البيت. واقع القضية الفلسطينية اليوم أفضل مما مضى. * وماذا عن خيار المقاومة؟ - يجب إعطاء هذا الخيار مداه، وهنا نطالب الأشقاء العرب بأن يسمحوا لنا بالتحرك فقط وأن يسكتوا عنا ونحن نعدهم بألا نعبث بأمنهم وألا نحارب الاحتلال على أراضيهم، فالموقف العربي غير مفهوم، هم لا يريدون الحرب ولا يريدون تبني خيار المقاومة، بل إن بعضهم يقف حجر عثرة في وجه المقاومة. لكن «حماس» تعتقل الذين يطلقون الصواريخ على البلدات الإسرائيلية... ألا يعتبر هذا استهدافاً للمقاومة؟ - اتهام «حماس» بأنها تستهدف المقاومة غير صحيح، لكن البعض يحلو له ترديد هذه العبارة باعتبار أن الكل لا يقاوم وليس هم فقط، وأقول هنا إن إلقاء الصواريخ وسيلة من وسائل المقاومة تقدره الفصائل، على الأرض هناك تفاهم بين فصائل المقاومة، بمن فيها «حماس»، أن هناك فترات محددة سيتم فيها تجنب استخدام هذه الوسيلة لأن ليس من المصلحة القيام بذلك في هذا الوقت، ويجب حينئذ أن يلتزم الجميع بذلك، المناوشات اليومية مع العدو لا تتوقف سواء من جانب «كتائب القسام» أو «سرايا القدس» وغيرهما. الآن غزة محررة من الداخل. لا توجد فيها قوات احتلال ومستوطنون، لكنها من الخارج محتلة ومحاصرة، فإدارة المقاومة من غزة وكيفية مشاغلة العدو ومجابهته مسألة متروكة للمقاومين في الميدان، هم من يقررون المكان والزمان. وما صحة ما تردد من أن هناك قراراً داخل الحركة بوقف العمليات الاستشهادية؟ - لا أعلم أن هناك قراراً داخل «حماس» بوقف العمليات الاستشهادية، لكن السؤال هو: هل هناك إمكانية لتنفيذها ومن الذي سينفذها وأين؟ كانت هذه العمليات متاحة في كل الأوقات، لكن الآن في الضفة الغربية هناك استهداف للمقاومة وملاحقة لعناصرها والذي يحلم بالليل أنه سيقاوم يعتقل في الصباح، لذلك فللمقاومة ظروفها وحيثما توافرت الإمكانات للقيام بأي عمل مقاوم ضد الاحتلال والمستوطنين فنحن نقوم به فوراً بلا ضوابط. لوّح الرئيس الفلسطيني بخيار حل السلط، فهل تعتقد بأن هذا الخيار ممكن أم أن له محاذيره؟ - أعتقد أن حل السلطة ليس بالأمر السهل، فهو يحتاج إلى توافق الكل الفلسطيني بالإضافة إلى دعم عربي وضوء أخضر من المجتمع الدولي. أنا شخصياً أدعو إلى حوار وطني جاد يضم الأطياف السياسية الفلسطينية كافة وبأعلى المستويات لبحث هذه المسألة (حل السلطة)... السلطة تحولت إلى حامية لأمن الاحتلال والأموال التي تصلها لدفع الرواتب لها أثمان سياسية. الحفاظ على كيان السلطة بات مشروطاً بتوفير أمن العدو الصهيوني. لكنكم أيضاً في «حماس» تحصلون على دعم مالي من إيران... فهل هناك مساعدات مالية مجانية وبلا مقابل؟ - أقول بصوت عال إن إيران لا تطالبنا بأي أثمان سياسية، وأنا أقدم الشكر لكل من يدعم الشعب الفلسطيني والمقاومة، ولإيران على وجه التحديد، «حماس» تحصل على دعم من إيران، والذي لا يقبل بالدعم الإيراني فليتفضل ليستبدله بدعم غير إيراني، يجب أن يدرك المسلمون والعرب أننا درع واق من أي تأثير سياسي أو عقائدي في مصالح الأمة، فنحن درع واق من دخول أي طائفة إلى بلادنا باستثناء السنّة، ونحن نقول لإخواننا الشيعة إنكم لن تستفيدوا شيئاً في أن تجعلوا واحداً من أهل السنّة شيعياً، لأن ذلك من شأنه أن يعزز الطائفية ويمزقها وأعتقد أنهم (الشيعة) يبادلوننا الشعور ذاته، قلنا لهم (الإيرانيين) بكل وضوح نحن لا نقبل في أي حال من الأحوال أن يدخل المذهب الشيعي إلى بلادنا نحن أهل السنّة، باختصار نحن لا نوافق على أي ثمن سياسي من أي جهة كانت حتى لو كانت حليفة تحت أي مبرر ممكن أن يسوغ لنا. لكن هناك اتهامات صريحة لكم بأن إيران تقف وراء عدم إنجاز المصالحة وكذلك سورية؟ - يشاع ويقال عنا ذلك لتبرير الفيتو الأميركي وأنا أقول صدقاً والتاريخ يشهد على ذلك أنه لا توجد دولة صديقة أو حليفة لنا طالبتنا في يوم من الأيام بعدم إنجاز المصالحة، والعكس صحيح، إيران وسورية تحديداً تشجعاننا على المصالحة باعتبارها تحقق مصلحة لجميع الفلسطينيين بمن فيهم «حماس». وأضيف أننا شعرنا يوم الحسم (سيطرة حماس على غزة) بانزعاج سوري كبير؛ لأنهم اعتبروا أن الانقسام يضر بالعلاقات الفلسطينية - الفلسطينية. لوّح الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالاستقالة، فما مدى انعكاس هذه الخطوة على الساحة الفلسطينية؟ - أعتقد أن عباس لا يملك من أمره حتى مجرد أن يقرر الاستقالة لأنه مرتبط بواقع يلزمه بشغل هذا الموقع (الرئاسة)، وأنه ألزم قبل ذلك بأن يكون رئيساً لوزراء فلسطين في وجه أبو عمار، لذلك لو كان جاداً ويملك قراره لاستقال منذ فترة ولهيأ الجو الفتحاوي لمن سيتولى بعده أمر «فتح». أنا أرى أن دوره انتهى وأن الأميركيين سيلفظونه لأنه لم يعد لديه ما يعطيه لهم. هو أعطاهم أكثر بكثير مما أعطاهم عرفات وهم الآن يبحثون بين صفوف وقيادات «فتح» عن رجل قادر على أن يعطيهم أكثر، وقد يكون هذا الرجل هو سلام فياض. عباس سيستقيل عندما يقرر الأميركيون ذلك. وماذا عن مخاطر السيناريوات المطروحة إسرائيلياً وكيف يمكن التصدي لها؟ - السياسة الإسرائيلية ذاهبة في شكل واضح في اتجاه سياسة الترانسفير (الترحيل) لأن كل الأحزاب الإسرائيلية تريد يهودية الدولة، وهذا يعني أن لا حق للفلسطينيين في أراضي 1948 باختصار خيار الدولتين لم يعد قائماً، وكذلك خيار الدولة الواحدة انتهى في ظل دعوة إسرائيلية بأن جنساً واحداً (اليهودي) دون سواه هو الذي له الحق في أن يحكم. وما هي الخيارات الممكنة لإحباط مخطط الترحيل؟ - المقاومة هي الخيار المرشح والوحيد لمجابهة هذه السيناريوات وإحباطها لأن المقاومة هي التي يمكن أن تقلب الموازين بمضاعفة الهجرة المعاكسة لليهود وتقليص عدد الخمسة ملايين صهيوني على أرض فلسطين، ومن ثم إفشال المشروع الاستيطاني. ما صحة ما يتردد عن خلافات داخلية في «حماس»؟ - هذه أمنية لخصومنا. نحن تحكمنا قيادة واحدة منتخبة ندين لها جميعاً بالولاء والطاعة، أريد أن أطمئن موالي حماس وحلفاءها بأننا تنظيم متماسك وقوي. والقيادة عندما تتخذ قراراً يلتزم به العسكري قبل المدني ومن يراهن على الخلافات داخل الحركة فهو مخطئ. تردد أن هناك عملاء في صفوف «حماس» تتم تصفيتهم على يد الحركة، ويتم الزعم بأنهم استشهدوا في مهمات جهادية، ما مدى صحة ذلك؟ - هذا غير صحيح، نحن لا نكذب على الله ولا على شعبنا ونصف شخصاً قتل – على سبيل المثال – في نفق أو أثناء تدريب أو انفجرت به عبوة بالخطأ، نصف الحدث كما هو ولا نقول عن كادر استشهد وقتلته قوات الاحتلال إلا إذا كان هذا حدث بالفعل. نعم يوجد في «حماس» عملاء قتلوا، ولكن لم نقل إطلاقاً إن أياً منهم كان في مهمات جهادية، ولا يضيرنا إذا ظهر في صفوف الحركة عميل، حينئذ نطبق عليه القانون الشرعي والتنظيمي ولا نقول عنه إنه بطل وكذلك لا نفضحه. هناك بالفعل عملاء تم تنفيذ أحكام عليهم، فنحن بشر والعدو الصهيوني اخترق كل التنظيمات واخترق الدول، لكن من تم اختراقهم في صفوف الحركة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، ثم إن جميع من ضبطوا كانوا في المراتب الدنيا ولم يصل أحدهم إلى موقع قيادي. بالنسبة الى صفقة تبادل الأسرى، هل تعتقد أن إسرائيل جادة ومعنية بإنجاز هذه الصفقة وما المعوقات التي حالت دون إبرام الصفقة؟ - نحن لا نفضل الخوض في هذه القضية لأن لا جديد فيها، لكن على كلٍّ كان هناك تفاوض في 11/2009 وكانت الخطوات متقدمة لكنهم بعد شهر (الإسرائيليون) انقلبوا على ما تم الاتفاق عليه وبالتالي تعطلت الصفقة، نحن باختصار شديد نقول إن لنا مطالب يعرفها كل من الصهاينة والوسيط الألماني والمصريين (أصحاب الملف)، نحن لا نطالب بالشمس والقمر، هناك أسماء أسرى محددة لا يمكن أن تنجز الصفقة من دونهم (أحكام عالية ومرضى ونساء)... هناك موافقات وهناك رفض، لذلك المسؤولية تقع على العدو الصهيوني، لذلك إذا أرادوا إنجاز الصفقة من أجل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليت المأسور ليعود إلى أهله فنحن جاهزون كي نستأنف التفاوض من أجل تحقيق مطالبنا العادلة، لكن لا يعقل أن العدو الصهيوني عبر طاقمه المفاوض وعبر الوسيط الألماني نتفق على شيء ثم يتراجع ولا يعقل أيضاً أن يضع العدو الصهيوني فيتو على أسماء محددة، مشيراً إلى أن هذه الصفقة تجري بين أعداء وليس بين أصدقاء، نحن لنا مطالب ونحن مُصرّون عليها(...) لكن أن يفرض العدو شروطاً ويأخذ ما يريده، فهذا غير مقبول، الملف مجمد من أول العام وهذا الجمود يتحمل مسؤوليته العدو الإسرائيلي، ومرة أخرى إذا أراد أن يستأنف التفاوض فنحن جاهزون شرط أن نعود إلى ما تم التوافق عليه وأن تبتعد القيادة الصهيونية عن عقليتها التي تريد أن تحرم الشعب الفلسطيني من إنجاز صفقة محترمة وطنية يعود من خلالها الأسرى الذين سيفرج عنهم إلى بيوتهم. نتانياهو لا يسعده أن تنجز هذه الصفقة بنجاح، ولكنه مستعد أن يوافق على إبرامها بعد أن يسلبها رونقها وبهاءها، هو (نتانياهو) يريد أن يحدد أسماء الأسرى وفقاً لمزاجه، ويريد أيضاً أن يحدد المكان الذي سيذهب إليه الأسير المفرج عنه، وهذا غير مقبول ولا نوافق عليه. أخيراً، هل تسعى «حماس» بالفعل إلى إقامة إمارة إسلامية نواتها في غزة؟ - نحن ننظر إلى غزة باعتبارها جزءاً من أرض فلسطين التاريخية. ونحن في قلب السياسة نؤمن بعقيدتنا الإسلامية والعربية والفلسطينية بأن فلسطين ستعود إلى أهلها من جديد، وأن الوجود الصهيوني سينتهي. ومفهومنا للدولة الفلسطينية أن تكون دولة واحدة موحدة. فلسطين إسلامية، وليست إمارة إسلامية من النهر إلى البحر تجمع بين الفلسطينيين، ليس لليهود حق فيها باستثناء الذين كانوا يعيشون على أرض فلسطين قبل الحرب العالمية الأولى.