الوهن وقلة الطموح والخمول من أهم معوقات نهضة وتقدم الأمم وشعوبها، بل إنه يعد موتا للأمة، والإنسان الذي لا يملك الطموح والهمة يكون عالة على نفسه وعالة على مجتمعه ودولته، وعلى الرغم مما يملك ذوو الهمم غير الطموحة من مواهب وقدرات، إلا أنها معطلة ومهملة وقد تؤول في النهاية بفعل هذا الإهمال إلى بئيسةٍ من التردي. ولنا في رسولنا صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد كان عليه الصلاة والسلام يتعوذ من الكسل كل يوم في الصباح والمساء (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل). لكن للوهن أسبابا كثيرة، منها التربوية المتعلقة بالمناهج الدراسية وجودتها والبرامج التعليمية وطرق التدريس ومستوى المدرسين والمدرسات وخبراتهم التربوية وعلاقتهم مع الطلاب، بالإضافة إلى عدد الطلاب في الصفوف وحجم التهوية وملاءمة الفصول الدراسية. وهناك أسباب اجتماعية كعلاقة الأبناء بالآباء والأمهات، ووجود مشكلات عائلية؛ مثل حالات الانفصال بين الزوجين وما يترتب عليها أحيانا من مشكلات يكون ضحاياها الأبناء أو فقدان أحد الوالدين، أو الظروف المالية والاقتصادية للعائلة. للأسرة دور رئيس في تعويد النشء على التحفيز والنشاط، وبث روح الحماس في أفراد العائلة، فهناك عائلات معروفة بطموحها وتفاعلها وتنافسها للحصول على أعلى مستويات التعليم، وعلى النقيض تماما هناك بعض العائلات المشهورة في قلة الطموح والقناعة بأقل تعليم. ثمة علاقة وثيقة بين الوهن والحالة النفسية والمزاجية للأفراد، فكلما زاد الخمول زادت الحالة النفسية السيئة والعكس صحيح، وقد تؤثر نوعية الأطعمة أحيانا في الوهن، فالتغذية السيئة وتناول الوجبات السريعة أو الوجبات الدسمة والذبائح من مسببات الوهن وقلة الحركة والركون إلى الحياة المملة. لقد ابتلي مجتمعنا السعودي بالعديد من العادات السيئة التي تساهم في الخمول والكسل لدى أفراد المجتمع، والتي من أهمها الجلوس لساعات طويلة دون الاستفادة من الوقت في المقاهي أو الاستراحات ولعب الورق والمكوث أمام القنوات الفضائية أو الأجهزة الإلكترونية واستخدام أجهزة التحكم عن بعد (ريموت كنترول) التلفاز، المكيفات، بالإضافة إلى الاستخدام المفرط وغير العقلاني للسيارات. أظهرت الدراسة التي قامت بها مجلة «أنسيل Anseel» الطبية بأن السعوديين يحتلون المرتبة الأولى في العالم العربي والمرتبة الثالثة عالميا في الخمول والكسل بحصولهم على نسبة (%68.3). تحتل السعودية المرتبة السابعة عالميا في انتشار مرض السكري بسبب الخمول والكسل الذي كان واحدا من أهم الأسباب في الإصابة بمرض السكري، فقد صنف الاتحاد الدولي للسكري المملكة بأنها واحدة من أعلى معدلات انتشار مرض السكري. يتسبب الوهن والكسل في العديد من الوفيات، إذ بلغ 17% في بريطانيا، وفي عام واحد توفي حوالى 6500 شخص في هونج كونغ لا تزيد أعمارهم على 35 عاما لعدم قيامهم بأي نشاط بدني. هكذا تتضح أهمية اغتنام الوقت والفرص والزمن الذي هو حياة الإنسان وأغلى شيء يملكه، في تحديد مسار هذا الإنسان وهل سيكون ذات يوم إنسانا يأخذ نفسه وعائلته ومجتمعه إلى مرحلة متقدمة مع المسيرة البشرية إلى الأفضل، أم يعتاد الدعة والسكون والموت الجبان!، فالفائز من اغتنم وقته، والخاسر من فرط في هذه الفرص التي ربما لن تتكرر مرة أخرى، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك». هناك العديد من الفرص الذهبية في كل مدينة وقرية في مملكتنا، والدليل وجود أكثر من 8 ملايين مقيم على أرض الوطن ينعمون ويقطفون ثمار هذه الفرص، أين شبابنا وفتياتنا من ذلك؟، فيا أيها الشباب.. ويا أيتها الشابات.. أنتم وقود المستقبل، فانهضوا لحياة مليئة بالنشاط والمثابرة والجهد والجد والاجتهاد، دعوا عنكم الكسل، اتركوا إضاعة الوقت، واتركوا الاستراحات والمقاهي.. اتركوا كل شيء.. ولتبدأوا من الآن، من هذه اللحظة بمعرفة طاقاتكم الكامنة في أرواحكم المتقدة، فالكون يتغير، والناس تتسابق وتتنافس في كل المجالات.. الأفراد في العالم من حولنا يتنافسون في مجالات الصناعات والاقتصاد والعلم والابتكارات، فهل أنتم كذلك؟ ويا أيها الشاب رجلا كنت أو امرأة.. قف واسأل نفسك في لحظة تأمل: هل لك بصمة في بيتك؟ في محيطك؟ في عملك؟ في تقدم بلدك؟ هل.. وهل.. أسئلة كثيرة لا تنتهي، لكنك أنت وحدك من يستطيع الإجابة عليها، ولكن الحماس والطموح وحمل الحياة محمل الجد كفيل بتغيير حياتك إلى الأجمل ونقلها من حياة ساكنة إلى حياة تمور بالحركة والنجاح.