يحسب على الدفاع المدني عدم صرامته في فرض ما يجب أن تكون عليه المواقع الجالبة للأضرار سواء كانت جالبة للحرائق أو الغرق على الشواطئ أو في الأودية أو من فوهات الآبار، وبالأمس ظلت فرق الدفاع المدني تكافح حريقا شب من أول أمس وانتهى بالأمس إذ شب حريق في مستودعات مواد بناء وأخشاب بالكيلو 8 بمدينة جدة. وقد سبق وأن كتبت كثيرا عن الجهد الجبار المبذول من الدفاع المدني لمواجهة الأخطار وفي كل مرة أقرن أي حدث يحدث بضرورة أن يكون الدفاع المدني سابقا ومبادرا لإزالة كل ما يمكن له أن يحدث أضرارا والعمل الجاد على مطالبة كل جهة بتوفير وسائل السلامة. ومع هوجة الإعلام المطالب بتوفر هذه الوسائل تنزل فرق الدفاع المدني للبحث عن وسائل السلامة والمطالبة بإيجادها ومع هدوء عاصفة الإعلاميين المستنكرين لعدم توفرها ينام الجميع ويستيقظون مرة أخرى في حادثة أخرى.. وهكذا تكتمل الدائرة من غير أن نعرف بدايتها من أين؟!. ولازالت كثير من المنشآت (مدارس- مبان حكومية – مولات –عمائر- مصانع- محطات وقود) لا تتمتع بوسائل السلامة التي يجب توفرها ومع هذا فإن الدفاع المدني يقف موقف المتفرج في حين كان من الضروري على إدارته أن تتحرك لفرض وجوب توفر وسائل السلامة أو قفل المنشأة، أما أن يترك الحبل على الغارب فهذا يعني تخلي الدفاع المدني عن دوره الأولي والمتمثل في الوقاية. ومن الكتابات التي كتبتها حول وجوب توفر وسائل السلامة كوقاية احتياجنا إلى سلم للخدم للحد من أضرار الحوادث والكوارث الطبيعية وغيرها بالنسبة لساكني العمائر. وكذلك كتبت عن امتناع إدارة الدفاع المدني عن إصدار شهادات الأمن والسلامة للمباني السكنية المستأجرة للمدارس الخاصة في مناطق مختلفة كان يجب أن يسري هذا القرار على بقية مدارس وزارة التربية والتعليم (خاصة المستأجرة) فهناك المئات من هذه المدارس لو حدث حريق لا سمح الله فلن يسلم من فيها لسوء المبنى وعدم توفر الحد الأدنى من وسائل السلامة.. ولأن الخطر واحد سواء كان في مدرسة خاصة أو حكومية كان على إدارة الدفاع المدني تطبيق القرار على جميع المدارس. ولأن إدارة الدفاع المدني (مثلها مثل بقية القطاعات) تتحرك وفق ردة الفعل أو وفق مايثار إعلاميا مع غياب الاستراتيجية الشاملة فإننا دائما ننتظر وقوع الكارثة لكي نتحرك . ولو أردنا متابعة توفر وسائل السلامة في مواقع مختلفة سنجد أن إدارة الدفاع المدني (تضع نظارة سوداء) وغير قادرة على القيام بدورها الفعلي السابق لوقوع الحوادث وأهمها الحرائق. ويمكن أن أبرهن على قولي بعدم توفر وسائل السلامة في العديد من (المولات) التي يرتادها المواطنون بكثافة عالية وتحديدا في مواقع لعب الأطفال وإن لم يصلح هذا المثال للبرهنة فدعونا نتحدث عن وسائل السلامة في العمائر السكنية، حيث أكاد أجزم أن ليس لدينا عمارة واحدة بالبلد كله يوجد بها مخرج للطوارئ أو ما يعرف (من خلال الأفلام بسلم الخدم).. فمنذ أن نهضت النهضة العمرانية وشيدت العمائر لم يلتفت الدفاع المدني (إلى الآن) لضرورة اشتراط وجود مخرج طوارئ لكل شقة على حدة وهو الأمر الذي يدعو إلى الغرابة في كل حين ويجعلك متأكدا بأن إداراتنا لاتتحرك إلا وفق وجود كارثة ما لكي يصدر القرار.. فهل نسمع قرارا يصدر من الدفاع المدني بضرورة وجود مخرج طوارئ لكل شقة على حدة خاصة مع وجود قرار يجيز بناء عمائر ذات طوابق تتجاوز العشرين طابقا. فهل يجب علينا أن ندق الجرس في كل لحظة لكي تتنبه إدارة الدفاع المدني لأهمية تطبيق قراراتها الوقائية قبل وقوع الكارثة؟