قرأت مطالبات بوجوب إحلال الممرضات السعوديات محل غيرهن من الممرضات المستقدمات للعمل في بلادنا، والمطالبة نفسها لا غبار عليها، ومعظم دول العالم تعتمد في مجال التمريض على بنات وأبناء الوطن تستوى في ذلك الدولة المتقدمة والنامية، وهي مهنة شريفة ونبيلة وإنسانية ولا غنى عنها أبدا لتوفير الرعاية الصحية للمرضى المنومين أو الزائرين للعيادات الخارجية في المستشفيات، ولكن الذي يقرأ عن المطالبة يظن أن هناك فائضا من خريجات التمريض يفوق حاجة المستشفيات الحكومية والأهلية وأن الممرضات المكدسات على مستوى من التأهيل يجعلهن أفضل من الممرضات المستقدمات ولأن الأمر ليس كذلك فإن لي حوله عدة وقفات: أولا: ما هو العدد الفعلي لاحتياجات المستشفيات في بلادنا من الممرضات؟ هل هو مائة ألف ممرضة أم مائة وخمسون ألفا أم أكثر أم أقل؟ وما هو مجموع الممرضات اللائي على رأس العمل من السعوديات وأعداد اللائي تخرجن ولم يجدن عملا وهل تغطي العاطلات أماكن المستقدمات جميعا، وكم تخرج كليات أو معاهد التمريض منهن في كل عام ومتى نصل إلى الاكتفاء الذاتي المزعوم وما هي أسباب عزوف المستشفيات الحكومية عن توظيف الممرضات السعوديات، وكذلك عزوف المستشفيات الأهلية؟! ثانيا: هل يمكن المراهنة على أداء خريجات المعاهد والكليات الصحية من الممرضات مقارنة بأداء زميلاتهن من المستقدمات، فإن كان أداء الممرضات السعوديات ينافس أداء غيرهن فإن إحلالهن محل الوافدات يصبح واجبا وطنيا لأنهن أحق بخدمة وطنهن وبخيراته من غيرهن بغض النظر عن الفارق في رواتب الممرضات السعوديات عنه بالنسبة لأجور المستقدمات، أما إن كان مستوى الممرضات المواطنات «على قد الحال» فإنه يجب أن يسبق الإحلال تأهيل يرتقي بهن إلى مستوى نظيراتهن من الوافدات للعمل في مجال التمريض لأن المسألة تتصل بحياة وصحة المرضى وهو مجال لا تجوز فيه المجاملات تحت أي مبرر كان! ثالثا: يؤخذ على بعض من توظفن من الممرضات السعوديات عدم الجدية في العمل والاستنكاف من خدمة المرضى لاسيما المسنين منهم وكثرة الغياب والأعذار والتطلع والسعي نحو تقلد العمل الإشرافي والإداري، وقد يجد زائر لمستشفى حكومي أربع أو خمس ممرضات سعوديات يتضاحكن ويتسلين في الغرفة المخصصة للممرضات فيما تدور ممرضة آسيوية مثل «النحلة» بين عدة مرضى في وقت واحد مع أن أجرها الشهري قد لا يبلغ نصف الراتب الشهري «لبنت البلد!» فهل يقال بعد ذلك سعودوا وظائف الممرضات؟!