رغم أني أعترف، أنه لا حيادية في الإعلام، إنما المفروض أن تكون هناك «موضوعية» و«مهنية»، إلا أن ما يتم الترويج له من رأي ورأي آخر، وحيادية، في بعض وسائل الإعلام، ما هو إلا أكذوبة كبرى، تحاول أن تخدع الجمهور، الذي ربما ينبهر بالشعارات، متناسيا ما يتم تمريره من أهداف تخدم أجندة معينة، يكون الخبث أقل ما يمكن وصفها به. وإذا كنا منذ نعومة أظفارنا، تربينا على ما تبثه مؤسسة إعلامية عريقة، مثل الBBC باعتباره نموذجا فريدا، صحيح أننا نحتاج لمثيله، من حيث الأداء والإمكانيات، إلا أن ما بثته الBBC مؤخرا من فيلم وثائقي، عنونت له باسم «الحراك السري» وشاركت فيه إعلامية سعودية، للأسف الشديد، جسد وهم الموضوعية والمهنية على الأقل.. وجعل أقل توصيف موضوعي لهذا العمل، بأنه نوع من النظرة الطائفية، التي لا يجب أن تقع فيها مؤسسة إعلامية عريقة. ربما يكون جميلا، أن يصل الفيلم الوثائقي لأبرز المطلوبين الآمنين الذين تلطخت أيديهم بدماء رجال الأمن والمواطنين والمقيمين بكل سهولة واستهانة، ولكن أن يتم عرض هؤلاء على أنهم مجرد «نشطاء يطالبون بالعيش الكريم والكرامة» فهذا هو الغريب في محاولة التسويق والتزييف بعيدا عن الحقائق التي باتت واضحة لكل مواطن سعودي. والأغرب، أن يتم التركيز على التحريض الطائفي، للإيهام بأن المملكة، تقوم باضطهاد مواطنيها الشيعة، ومحاولة استدرار التعاطف بزيارة قبورهم في العوامية والقطيف، فهذا ما لا يمكن قبوله على الإطلاق، ذلك أن المتورطين في العمليات الإرهابية خلال العقدين الأخيرين تحديدا، لم يكونوا من الشيعة فقط، ولكنهم بالمقام الأول مواطنون سعوديون، كان فيهم سنة أيضا. الموضوعية كانت تحتم على BBC أن تبرز بالمقابل، ضحايا المملكة من رجال الأمن، والشهداء الذين سقطوا في مواجهة العمليات الإرهابية بكافة أنواعها، وتحاول تسليط الأضواء على زوجاتهم اللواتي ترملن، وأبنائهم الذين تيتموا، لتكتمل الصورة المهنية على الأقل. لكن أن يتم التعامل مع مجرمين وقتلة، على أنهم أبطال وثوار، فهذا استفزاز إعلامي رخيص، يبتعد تماما عن مهنية وموضوعية الإعلام المفترضة.. ويدخل صناعها وداعميها في دائرة التآمر المفضوح والكذب الرخيص، وقبل هذا كله وبعده.. السقوط الأخلاقي والمهني المريع.