استضاف النادي الأدبي في أبها، البارحة الأولى، الناقد الدكتور سعيد السريحي الذي تحدث عن تجربة التحديث في شعر علي الدميني، حيث انطلق السريحي في حديثه من نص الدميني «بروق العامرية»، موضحا أن «بروق العامرية» لا تقبل أن يحاصرها التاريخ في أي حقبة «ولها أن تأخذ بوميضها في نص الدميني كما أخذنا من قبل حين كان الشعر جاهليا»، مبينا أن الحداثة في نص الدميني لا تتناقض مع الإرث حين الإحالة إلى نص المنخل اليشكري «وأحبها ويجب ناقتها بعيري» ، مبينا أن الشاعر يريد أن يقول إن الحداثة كامنة داخل النص الشعري لو أحسنا قراءته، ومشيرا إلى أن المسافة بين القراءة والكتابة ليست شاسعة، فهما تتعاقبان على معنى واحد، على اعتبار أن القراءة في جوهرها كتابة، مضيفا أن الحداثة هي محاولة لقراءة المسكوت عنه داخل التجربة الشعرية، وبين أن «البروق» التي نراها في السماء إذا كانت نتيجة اصطدام كتل مختلفة من الغيوم، فإن «البروق» في قصيدة الدميني نتيجة اصطدام كتل مختلفة من اللغة. واعتبر السريحي أن هنالك مستوى آخر من الشاعرية يتولد في قصيدة الدميني حين استحضار كائية ابن الفارض في أحد نصوص الدميني؛ نص «جاهلي» ونص «صوفي»، ما بين إغراق الجاهلية في المادية واستمراء التصوف في التجريد، موضحا «إنه في كيمياء اللغة لا يصبح الشعر الجاهلي جاهليا فحسب، ولا الصوفي صوفيا فحسب، فللجاهلية صوفيتها وللصوفية جاهليتها، إذ إنه للصوفية شيء من المادية وللجاهلية شيء من الروحانية»، مؤكدا أن الروحانية ليست ارتقاء عن كل ما هو مادي، وإنما هي التقاء بكل ما هو مادي، بمعنى اكتشاف الروحي خلف المادة، ثم مضى على ذلك النحو من القراءة الفنية والأدبية للنص، متناولا ما جاء فيه من منظوره النقدي، وفي نهاية المحاضرة قال بأنه يرى بأن جدل الحداثة والتراث عند الدميني مغرية بكتابٍ عن الدميني.