استضاف نادي أبها الأدبي، أول من أمس، الناقد الدكتور سعيد السريحي؛ للحديث عن تجربة التحديث في شعر علي الدميني. في البداية تحدث مقدم الأمسية وعضو مجلس إدارة النادي أحمد التيهاني، إذ قال إن الضيف يعلم ما في قلوبنا من حب إذا لم نطِل ديباجة الترحيب به، وأشار إلى أن موضوع المحاضرة والمدروس والدارس تعدّ موضوعات ذات فضاءات رحبة، سواء على المستوى الفني أو الثقافي أوالوطني، وقال إنه يمكن التحدث في ثلاثة محاور كمقدمة لهذه المحاضرة هي: التعالق الحداثي والتراثي عند الدميني وجيله، والدميني القروي الذي لم يعرف الخبت إلا حينما أراد أن يدرس الهندسة، والسريحي بكل المحمولات التي يمكن أن تكون مقرونة بهذا الاسم، وبكل الإيحاءات التي يمكن أن يوحي بها اسمه ابتداء من بحثه عن أبي تمام، ولم يخف مفاجأته من النص الذي وزعه المحاضر على الحضور للدميني وهو نص "بروق العامرية"، إذ قال إنه كان يتوقع أن يكون النص موضوع الدرس هو نص "الخبت" للدميني، بسبب ما قال إنه حضور لطرفة بن العبد، وحضور للأهازيج القروية، وتلك المختلف في ذلك القالب التراثي؛ لأنها وكما يراها أنسب لموضوع المحاضرة، وأكد بأننا أمام تجربة مختلفة سواء كانت على المستوى الإنساني أو المستوى الفني بالنسبة للدميني، وأعدّ تناول السريحي للدميني؛ تناولا لكثيرين من شعراء الثمانينات مثل سعيد السريحي، ومحمد الثبيتي، وفوزية بن خالد، ومحمد زايد الألمعي، وعرض على ذكر الصمود الذي اتصف به المحاضر أمام خصومه، ثم أحال الحديث إلى السريحي. الذي قال إنه حرص أن يضع بين يدي الحضور نص "بروق العامرية" الذي سيتحدث عنه، وتوقع أن تنبثق الأسئلة وتجعل من الحوار سبيلا تنهجه القراءة، ثم قراءة النص على الحضور بينما كانوا يتابعون القراءة، وقال إن "بروق العامرية" لا تقبل أن يحاصرها التاريخ في أي حقبة، ولها أن تأخذنا بوميضها في نص الدميني كما أخذنا من قبل؛ حين كان الشعر جاهليا، وبين أن الحداثة في نص الدميني لا تتناقض مع الإرث حين الإحالة إلى نص المنخل اليشكري "وأحبها ويحب ناقتها بعيري"، إذ بين أن الشاعر يريد أن يقول لنا إن الحداثة كامنة داخل النص الشعري، وإن المسافة بين القراءة والكتابة ليست شاسعة، فهما يتعاقبان على معنى واحد، على اعتبار أن القراءة في جوهرها كتابة، مضيفا أن الحداثة هي محاولة لقراءة المسكوت عنه داخل التجربة الشعرية، فالقصيدة أو البروق هنا نتيجة اصطدام كتل مختلفة من اللغة، وتساءل عما إذا كان الدميني قد كتب نص المُنخل أم إنه تسرب فيه، وعدّ أن هنالك مستوى آخر من الشاعرية يتولد في قصيدته حين استحضار كائية ابن الفارض في أحد نصوصه؛ نص "جاهلي" ونص "صوفي"، ما بين إغراق الجاهلية في المادية واستمراء التصوف في التجريد، وقال للصوفية شيء من المادية وللجاهلية شيء من الروحانية، مؤكدا أن الروحانية ليست ارتقاء عن كل ما هو مادي، وإنما هي التقاء بكل ما هو مادي، ثم تناول ما جاء في النص من منظوره النقدي، وفي النهاية قال إنه يرى أن جدل الحداثة والتراث عند الدميني مغرية بكتاب عن الدميني. وفي ختام المحاضرة شكر آل مريع الضيف، ثم دعا الأديب أحمد مطاعن إلى تكريمه بدرع النادي.