في الوقت الذي تستعد فيه وزارة العمل لتطبيق المرحلة الثالثة لتأنيث المحلات التجارية المتخصصة في بيع الأقمشة النسائية والعطور والأحذية ومستلزمات الأطفال، أشار عدد من التجار وموظفات هذا القطاع إلى وجود تحديات تواجههن منذ بدء مرحلة التأنيث الأولى والثانية، مطالبين أصحاب المحلات التجارية بفتح المجال أمام الفتيات المقيمات للعمل وتذليل الصعوبات التي تواجههن، خاصة أن نسبة الحاصلات على الشهادات العليا منهن يمثلن الأغلبية، إلا أن أصحاب المحال كان لهم وجهة نظر أخرى، مؤكدين أنهم يتعرضون لنفس معاناة من سبقوهم من التجار جراء ضعف إقبال الفتيات السعوديات على وظائف التأنيث، داعين الجهات المعنية بتطبيق قرار التأنيث إلى منح الفتيات غير السعوديات رخصة العمل في قطاع التأنيث، والاستفادة من خدماتهن عوضا عن الاستقدام من الخارج، أو تعطيل عمل المحلات. «عكاظ» تجولت في المراكز التجارية والأسواق بمكةالمكرمة؛ لرصد أبرز المعوقات، التي تواجه المرحلة الثالثة لقطاع بيع المستلزمات النسائية. الواجبات الأسرية قالت سميرة العبادي، مسؤولة في أحد المحلات لبيع الملابس الداخلية : إنني «أعاني أنا وزميلاتي في المحل من فترتي الدوام، إذ إنهما يشكلان عبئا كبيرا على أغلب الموظفات العاملات في وظائف التأنيث بالمحلات التجارية» .، لافتة إلى أنها وزميلاتها اقترحن مع المسؤول تحويل الدوام إلى «شفتات» بين الموظفات، حتى يتمكن من الموازنة بين وظائفهن، وواجباتهن المنزلية والأسرية، إلا أنه رفض؛ الأمر الذي أجبر بعض الموظفات على ترك العمل. فيما ذكرت وصايف منصور، أن من بين المشكلات التي واجهتها في العمل دخول الرجال مع عوائلهم داخل المحل، منوهة أنه أحيانا ترفض المرأة الدخول دون زوجها، وكثيرا ما يحدث أن تصاب الزبوبة ببعض التوتر والقلق من وجود بعض الموظفات في المحل بسبب غيرتها الشديدة على زوجها، فتغادر دون أن تشتري شيئا أو تفتعل أي مشكلة؛ الأمر الذي اضطرت بسببه بعض الموظفات إلى تقديم استقالتهن، وترك العمل بسبب التحرش، أو العراك مع بعض الزبونات للأسباب المذكورة. بدل المواصلات وعبرت عن ذلك بقولها : «رغم محاولاتنا المضنية لحل هذه المشكلة عن طريق السماح للرجال بمرافقة نسائهم، والتنويه على أبواب المحلات بأنها للعائلات فقط، إلا أننا مازلنا نعاني من رفض بعض الشرائح في المجتمع بالسماح للمرأة بأن تتعامل مع المرأة في المحلات التجارية، دون اصطحاب أي رجل لداخل المحلات المخصصة للمستلزمات النسائية، بالإضافة إلى مشكلات الزبونات بشأن استبدال أو استرجاع المشتريات، التي وضعت لها جميع الشركات الكبرى أقصى حد وهو ثلاثة أيام للاسترجاع، وسبعة للتبديل، إلا أنه تحدث الكثير من المشكلات، التي لم تستطع بعض الموظفات التغلب عليها فيجبرن على ترك العمل». وترى وصايف، بأنه لابد من منح طالبات العمل دورات متخصصة في البيع والتعامل مع الزبائن، والتكيف مع ضغوط العمل، بالإضافة إلى تعديل نظام عمل المرأة في الأسواق، وتحديد ساعات عمل تتناسب مع وضعها الاجتماعي، وخصوصية المجتمع، ولا تتساوى مع الرجل في ذلك، بالإضافة إلى منحها بدل موصلات أو إجبار أصحاب المحلات التجارية على تخصيص حافلات لنقلهن من منازلهن إلى مقر العمل والعكس. خصوصية النساء فيما اقترحت مرام سعيد، أن يقوم أصحاب المحلات بستر المعارض بزجاج عاكس حتى يتسنى للموظفات والزبونات أخذ راحتهن، مراعاة لخصوصيتهن كنساء. فيما أبدت منال، انزعاجها من العمل بمحلات متعددة الأقسام، التي تحتوي على بعض الأنشطة التجارية، التي تتطلب وجود الجنسين، مبينة أن العديد من الفتيات تركن العمل بسبب الاختلاط، وعدم قدرتهن على العمل مع الرجال في نفس المعرض، معتبرة أن السترة التي تضعها بعض المحلات غير كافية لحفظ خصوصيتهن ومراعاة حقوقهن كنساء. بينما رفضت بعض الفتيات من الخريجات بمختلف المراحل العلمية بمكةالمكرمة، العمل في مجال تأنيث المحلات التجارية؛ لعدة أسباب منها عدم وجود أسواق ومراكز تجارية مخصصة للنساء فقط، بالإضافة لعمل الكثير من النساء بمحلات فردية لا تحتوي على دورات مياه، ومصليات تخص المرأة، إلى جانب ساعات العمل الطويلة والدوامين، والشروط التعجزية التي يفرضها أصحاب المحلات لتطفيش الموظفة وإزعاجها، منوهات بأن بعض المعارض التجارية تجبر الموظفات على كشف الوجه، ووضع مساحيق التجميل، ولبس الطرح والبالطوهات الملونة. ضغوط العمل من جانبهم أكد بعض أصحاب ومسؤولي المحلات التجارية، التي شملها التأنيث في المرحلة الثالثة بأنهم يتعرضون لنفس معاناة من سبقوهم من التجار جراء ضعف إقبال الفتيات السعوديات على وظائف التأنيث، مبينين أن عدة أطياف من المجتمع المكي مازالت ترضخ للنظرة الاجتماعية السلبية، التي تنتقد عمل المرأة في المجالات المختلطة، بالإضافة إلى عدم تقبل بعض الأسر لعمل المرأة «كبائعة»، خاصة أن كثيرات منهن يحملن مؤهلات علمية عليا، لافتين إلى أن بعض الفتيات يملن للعمل في القطاع الحكومي الخاص بالمرأة كالتدريس أو بعض المجالات الأخرى، مقارنة بمجال البيع، وتحمل ضغوط العمل التجاري، خاصة في المواسم، التي تتطلب مضاعفة المجهود والعمل؛ نظرا للوضع التجاري بمكةالمكرمة في مواسم رمضان، الحج، الإجازات بسبب توافد الحجاج والمعتمرين والزوار على هذه المدينة، وغيرها من الأسباب التي وضعت تجار مكةالمكرمة في مأزق كبير مع الجهات الرقابية والتفتيشية المعنية بقرار التأنيث، القاضي بسعودة القطاع وليس تأنيثه فقط، رغم إقبال الفتيات غير السعوديات على العمل في هذا المجال لقلة الفرص الوظيفية المتاحة لهن، وتواضع الشهادات العلمية الحاصلات عليها، التي لا تتجاوز الثانوية العامة، مطالبين وزارة العمل بمنح هذه الفئة رخصة العمل في قطاع التأنيث، والاستفادة من خدماتهن عوضا عن الاستقدام من الخارج، أو تعطيل عمل المحلات، التي لا يتوفر بها موظفات سعوديات أو إخضاعهم للعقوبات والغرامات الجزائية.. مفيدين أن متوسط التكلفة لتجهيز محلات للفتيات تتجاوز 30 ألف ريال للمحلات الصغيرة، وتزيد بحسب مساحة المحل، وتعدد نشاطه، بالإضافة إلى غلاء الإيجارات في مكة بما يضاعف العبء على التجار.