ما يظهر على السطح أن تنظيم القاعدة هو ألد أعداء إيران، خصوصا أن هذا التنظيم لم يتردد في يوم من الأيام في إظهار عدائه الشديد للشيعة، وكان وراء أكثر من تفجير دموي استهدف المشاركين في المناسبات الدينية الشيعية في أكثر من مكان، وخصوصا في العراق، ولكن ثمة معادلة غريبة يصعب تجاوزها، وهي أن هذا التنظيم الإرهابي السني يظهر دائما في اللحظات التي تبرز فيها الحاجة الإيرانية الماسة لظهوره!. في سوريا على سبيل المثال حين وجدت إيران وحليفها بشار الأسد صعوبة كبيرة في مواجهة السيل الهادر لثورة الشعب السوري ضد جزار دمشق، ووجد المجتمع الدولي نفسه مضطرا لمساندة الثوار ضد عمليات القمع والسحق التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا، ظهر التنظيم على هيئة (داعش) من أجل تحويل مسار الثورة إلى صراع طائفي دموي، وكذلك من أجل تحذير العالم الغربي من مخاطر سقوط الأسد، حيث سيكون البديل تنظيمات إرهابية متوحشة تهدد المصالح الغربية، فكان القرار بمنع تسليح الجيش الحر، وكذلك تردد كثير من الأطراف الدولية في تسريع سقوط نظام الأسد مثلما حدث مع نظام القذافي في ليبيا، بل إن التنظيم وصل إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث اشتبك مع الجيش الحر في أكثر من مكان وحاول احتلال المواقع والمدن التي تم تحريرها. وفي العراق اليوم يواجه نوري المالكي رجل إيران في العراق مأزقا حقيقيا في الانتخابات التي أصبحت على الأبواب، حيث أصبحت مسألة إعادة انتخابه أمرا مستبعدا من قبل أغلب الناخبين العراقيين، وخصوصا من قبل التيارات الشيعية التي كانت متحالفة معه، فظهر تنظيم داعش في الوقت الذي يتمناه المالكي ليمنحه فرصتين للبقاء في الحكم، الأولى تتمثل في الاصطفاف الشيعي من خلفه لمواجهة مخاطر هذا التنظيم الإرهابي، والثانية تتمثل في إمكانية تأجيل الانتخابات تحت ذريعة المخاطر الأمنية الكبيرة التي تمر بها البلاد، فهل يمكن أن يحدث هذا بمحض الصدفة؟!. وما هو أغرب من ذلك كله أن تنظيم القاعدة الذي نفذ عمليات إرهابية دموية في كل مكان في العالم من نيويورك إلى الرياض إلى مدريد إلى إندونيسيا لم يفكر في يوم من الأيام في تنفيذ عملية واحدة في الداخل الإيراني، بل إن إيران نفسها احتضنت قيادات التنظيم بعد اجتياح كابول على يد القوات الأمريكية، ومن كان لديه ذاكرة جيدة لا ينسى أن مقاتلي القاعدة الذين كانوا يتسللون إلى العراق أيام الاحتلال الأمريكي كانوا يمرون من خلال الحدود السورية، وتحت أعين مخابرات بشار الأسد حليف إيران!. ما من شك أن عناصر التنظيم الذين يتم تجنيدهم لتفجير أنفسهم يكرهون إيران لأسباب طائفية، ولكنهم ضحية لعبة استخباراتية كبرى، فالشخص الذي يتم إقناعه بسهوله بتفجير نفسه في مكان لا يعرفه ليقتل أناسا لا يعلم عنهم شيئا لا يملك قدرة على تحديد موقعه الصغير داخل اللعبة الكبرى؛ لذلك من السهل جدا أن يتحول إلى رصاصة في بندقية أعدائه الذين خرج من دياره لقتالهم!. [email protected]