اهتم الجميع في الأيام القريبة الماضية بيوم اليتيم العربي، فأقاموا الاحتفالات، ورفعوا اللافتات، وقدموا الهدايا، وجلسوا مع الأيتام واليتيمات في هذا اليوم، وبرزت هذه المناشط في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية للتأكيد على ما تحظى به هذه الفئة الغالية على الجميع. والحقيقة أن الاهتمام بالأيتام، بجميع فئاتهم التي تشمل الفئات الخاصة، ينبغي أن لا يقتصر على يوم واحد أو في مناسبات معينة ثم ينطفئ السراج وتطفأ الشموع، بل ينبغي أن يكون ذلك الاهتمام والحرص بشكل دائم ومستمر، ونحن لا نقول أن الأيتام واليتيمات ببلادنا منسيون تماما حتى لا نتجاوز الحقيقة، ولكننا نقول إن الاهتمام بهذه الفئة الهامة ليس كما ينبغي، على الرغم من الدعم المالي والمعنوي الذي تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين لهذه الفئة المستحقة، إلا أن بعض الجهات المعنية ما زالت جهودها دون المستوى التكاملي المطلوب، فالأيتام ليسوا بحاجة إلى المأوى والمأكل والمشرب والتعليم فحسب، بل يتجاوزن ذلك إلى حاجات كثيرة واحتياجات عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر المعاملة الحسنة من قبل القائمين على رعاية الأيتام، على أن أسلوب التعامل والتواصل معهم ينبغي أن يكون مدروسا ويستند إلى فهم ودراسة وتخصص؛ لاحتوائهم وتفهم مطالبهم والتعامل معها بالشكل الصحيح، بعيدا عن القسوة والحزم الذي يكون في غير محله أحيانا، بل يتطور إلى الخروج عن العقلانية والتهور بالفعل أو القول تجاههم، ما قد يشعرهم بالدونية وقد يدفعهم للخطأ، وسبق أن تلقيت على إيميلي العديد من الرسائل الإلكترونية من بعض الأيتام واليتيمات بخصوص احتياجاتهم الملحة ومطالبهم الضرورية وبعض ما يؤرقهم، وكان من أهم ما أجمعوا عليه تذمرهم الشديد من أسلوب المعاملة ومن طرق المناداة لهم بألفاظ غير لائقة، إضافة إلى رغبتهم الشديدة في الحصول على وظائف تحميهم من غدر الزمان وتكون لهم موردا، كما شكا البعض منهم من وجود مشكلات معلقة لهم لم يتم علاجها حتى الآن، إضافة إلى عدم قدر الجهات المشرفة على إلحاقهم بالجامعات لإكمال دراستهم الجامعية أو الدراسات العليا بالرغم من ظروفهم القاهرة، وأنا أرى شخصيا أن هذه المطالب جديرة وضرورية وملحة تستوجب تلبيتها وإنجازها أكثر من رفع اللافتات والعبارات الإنشائية في يوم اليتيم. * أكاديمي سعودي [email protected]