أكد عدد من الأدباء والمثقفين أن عطاءات النادي الأدبي بمدينة جدة تأتي انعكاسا حقيقيا للمشهد الثقافي في عروس البحر الأحمر، مشيدين بالمسيرة التي قطعها النادي خلال 40 عاما كان خلالها بمثابة نهر أثرى ثقافة المنطقة وفاض عبر شرايين الوطن ليساهم مساهمة فعالة في المشهد الثقافي السعودي والحركة الأدبية بالمملكة. بداية قالت الدكتورة أميرة كشغري عضو مجلس إدارة النادي «في حضرة مؤسسة ثقافية كبرى بحجم نادي جدة الأدبي الثقافي، وبتاريخه العريق، ومسيرته الممتدة، وإنجازاته المتعددة، بل وحتى بعثراته، يتوارى زخرف القول أمام وهج المشاعر، وتتراجع الصورة أمام الفكرة. إنه مشهد أشبه ما يكون بعاشق في حضرة معشوقته، لا يأبه كثيراً لما يتناثر من قول أو همس. إنها مسيرة 40 عاما منذ أن تأسس هذا النادي عام 1395ه – 1975م... واحتفل بأول انتخابات لمجلس إدارته في حدائق كيلو 10، المرتبطة ارتباطا نوستالجيا بتاريخ جدة الحديث. فتصدرت الموقف أسماء الرواد المؤسسين: محمد حسن عواد، وعزيز ضياء، وحسن القرشي وعبد الله عبد الجبار رحمهم الله، ثم لتتبعهم أسماء لا تقل عطاء مثل عبد الفتاح أبو مدين ود. عبد الله الغذامي ود. عبد المحسن القحطاني والكثيرون ممن أثروا النادي وأثّروا في مسيرته. إن زخم المسيرة لا تعبر عنه الصورة النمطية، كما لا يتبدد في دائرة الجدل إيجابا أو سلبا حول عطاءات النادي عبر تاريخه الطويل. وفي النهاية يبقى عطاء النادي انعكاسا حقيقيا للمشهد الثقافي في مدينة جدة ومرتبطا بها ارتباطا عضويا، يخبوان معا ويتألقان معا. وما احتفالية النادي اليوم بهذه المسيرة الثرية إلا رمزاّ للوفاء وتكريماً للعطاء وتأكيداً على استمرار المسيرة. أما فهد الخليوي «قاص»: يعتبر نادي جدة الأدبي من الناحية التاريخية هو أول مؤسسة ثقافية رسمية معنية برعاية الأدب والثقافة على مستوى المملكة، وكنت بداية تأسيسه من المتفائلين والمتحمسين عندما أسندت رئاسة النادي للشاعر والمفكر التنويري محمد حسن عواد رحمه الله ، كانت أحلام العواد تجاه تطوير النادي كبيرة وبحجم رؤيته المضيئة والعميقة للحياة، وكان يطمح لتحويل النادي إلى منارة للثقافة الحقيقية بعيدا عن «الشللية» ودناءة المصالح الشخصية، وقد زرته أكثر من مرة في مقر النادي وهو عبارة عن «فيلا» صغيرة مستأجرة بحي الشرفية، كان جل حديثه معي يتمحور عن دور النادي وتعريف وظيفته الأولى وهي الاضطلاع بنشر الأدب والثقافة والإبداع عبر إصداراته وفعالياته المختلفة للارتقاء بوعي وذوق المجتمع ولكن طموحات العواد للأسف تعرضت للكثير من المعوقات! وبمناسبة احتفالية النادي بمرور أربعين عاما على تأسيسه، أرى أنه ما بعد التأسيس أي على مدى ثلاثين عاما لم يحقق النادي في معظم فعالياته طموحات وتطلعات المجتمع الأدبي والثقافي في مدينة جدة، حيث توالت على رئاسته بعض القيادات الانتهازية التي ركزت على مصالحها الشخصية وأمعنت بإقصاء الكثير من الأدباء والمثقفين! بدوره قال الشاعر أحمد قران الزهراني وأحد الذين سيكرمهم النادي خلال الاحتفال بالذكرى الأربعين، «إن احتفال نادي جدة الأدبي الثقافي بعامه الأربعين هو احتفال بالثقافة السعودية في جانبها المؤسساتي حيث يعتبر نادي جدة كأول مؤسسة ثقافية مدعومة من الدولة ولقد قام هذا النادي العريق بدور كبير في نشر الأدب والثقافة السعودية والعربية من خلال مؤتمراته وإصداراته من كتب ودوريات أضحت من أهم المراجع العلمية في الأدب العربي إضافة إلى تقديمه لأسماء ثقافية أصبحت ذات حضور كبير ومؤثر في المشهد الثقافي العربي، ولعل نادي جدة قام بدور ثقافي لم تستطع الجامعات السعودية أن تقوم به رغم الإمكانات المالية الضعيفة، احتفال نادي جدة الأدبي الثقافي هو احتفال للثقافة والمثقفين السعوديين». في حين قال الباحث والناقد الدكتور زيد الفضيل: أطمح أن يكون أدبي جدة معبرا عن توجه جميع أطياف المثقفين وليس شريحة منهم، قائلا «أشبع أدبي جدة في فتراته الماضية حاجات المثقف، ولا يمكن الحكم على الفترة الحالية حتى تنتهي المدة». وأشاد بجهود رؤساء الأندية بدءا بعبد الفتاح أبو مدين قائلا: كان له دور في تفعيل الأنشطة، كما أشكر الدكتور عبدالمحسن القحطاني الذي ترك بصمته على النادي، إضافة إلى الدكتور عبدالله عويقل السلمي على جهوده في الوقت الراهن، مشيدا بمؤسسي النادي: محمد حسن عواد، ونائبه عزيز ضياء. وفي ذات السياق قال عضو الجمعية العمومية للنادي المثقف والباحث مشعل الحارثي لست راضيا عن البرامج التي يقدمها أدبي جدة في ظل الإدارة الحالية، خصوصا وأن بعض القرارات تتخذ دون الرجوع إلى أعضاء الجمعية العمومية للنادي الأدبي. وأضاف، أن الأنشطة الحالية ليست على ذات المستوى المطلوب الذي يطمح له المثقفون وشباب جدة، مقارنة لما قدم في فترات ماضية تحت ظل الإدارات السابقة، متمنيا تحسين المستوى، للبلوغ بالبرامج والأنشطة إلى درجة مأمولة. إلى ذلك قالت الروائية مها باعشن: إن الأندية عموما تحتاج إلى مضاعفة جهودها بما يتناسب مع تطلعات المثقف الذي يتطلع إلى برامج وأنشطة أكثر تلبي طموحاته الأدبية والثقافية بعيداً عن الحسابات الضيقة الأخرى. ونوهت إلى أن استقطاب الشباب وإشراكهم في الأنشطة يكون عبر إغرائهم ببرامج ترفيهية حتى يضمن تأقلمهم مع الثقافة والأدب، مبينة أن البعض لا يدرك حتى اليوم أنواع الأدب، ولا يعي في أيها تتميز قدرته. ونادت القائمين على الأندية تفعيل بعض الجوانب الثقافية، لا الاقتصار فقط على الأنشطة المسرحية، مطالبة الشباب أيضا بالتوجه إلى الأندية لمعرفة محتواها، إذ أن العيب أحيانا في عدم الارتياد لطلب المعرفة مما يعطي صورة أقل جاذبية عن الأندية وما تقوم به.