يبدو واضحا أن الحكم الدولي (المعتزل حديثا) خليل جلال لا يريد المرور من بوابة الحقائق التي دعته لإعلان قرار الاعتزال الذي فاجأ به حتى زملاءه في اللجنة، والذين هرعوا إلى هواتفهم النقالة للتأكد منه شخصيا، ولكن الحكم الشاب والذي قضى مواسم رائعة مع بدلة التحكيم وصلت به إلى نهائيات كأس العالم لمرتين (2006 و2010) يرى أن قراره كان منطقيا ومتوافقا مع رغبته في منح الفرصة للحكام الصغار المنطلقين من الخلف، كما يجد العذر بأدب وتواضع لمسؤولي التحكيم في الفيفا الذين استبعدوه فهو يؤكد بأنهم اختاروا على قاعدة بناء المستقبل وليس استنادا إلى إرث الماضي. جلال والذي استطاعت «عكاظ» فك شفرة صمته ليتحدث للمرة الأولى بعد القرار المفاجئ قال المفيد، نافيا أن تكون عيونه على مقعد أستاذه المهنا بل إلى التحليل الفضائي، ولكن بعد أن يرتاح وينفض عن أقدامه تعب الركض والسفر طوال سنوات جرب فيها المعاناة وتذوق فيها الشهرة، وبين هذا وذاك يتحدث الرجل عن أهلاويته المزعومة وما سببته له من مشاكل. وهنا نص الحوار الشيق معه: بداية.. لماذا الاعتزال في وقت مبكر.. بصراحة هل أنت غاضب؟ لا أبدا.. فحسب طموحي والأهداف التي رسمتها لنفسي أعتقد أن الاعتزال أتى في وقته المناسب، لعدة أسباب لعل منها عدم وجود بطولات ذات أهمية في السنتين القادمتين من عمري التحكيمي، كما أن حاليا القاعدة التحكيمية مليئة بالحكام والأسماء الجديدة الشابة التي من الممكن أن تغطي المساحة التي تركتها في مجال التحكيم خاصة التحكيم المحلي هذا العام، وأيضا لعدم وجود فرصة لتحقيق أكثر مما حققته في السابق وبفضل الله حققت كل ما أتمناه في مجال التحكيم وهو كاف بالنسبة لي. بصراحة شديدة، هل ترى نفسك أكفأ ممن اختيروا لنهائيات كأس العالم في البرازيل 2014؟ من اختيروا حكام أكفاء ولهم مكانتهم وبالتأكيد لم يتأهلوا لكأس العالم إلا وهم حكام كبار، الحقيقة ال 52 حكما الذين اختيروا في المرحلة الأولى كانوا في مستوى واحد ولكن الاختيارات تحكمها بعض الأمور منها تخطيطية بالنسبة للفيفا وللاتحاد الآسيوي بأن يكون هناك حكام في القاعدة أو حكام في الخلف حتى لو لم يكونوا حضروا في كأس العالم بقوة ومستوى عال، لكن تأكد وثق تماما بأن الهدف هو تجهيزهم لبطولات أخرى بحكم أن من تم اختيارهم ربما يصلون إلى كأس عالم غير الحالي لأنهم شباب وأعمارهم صغيرة، وهذه طريقة نتمنى كل مجال أن يحتذي بها، من خلال إحلال الشباب بحكام الخبرة، من أجل المحافظة على القادة دائما. سياسة الإحلال هل بحثت مع الاتحاد الدولي عن أسباب استبعادك؟ لا، لم أبحث عن ذلك، لكن استبعادي بكل تأكيد هو لإحلال الشباب بالإضافة إلى أنني أخذت فرصتي كاملة من خلال المشاركة في كأسي عالم، كذلك مع الفيفا حضرت كل البطولات التي كان يشرف عليها وكانت مشاركاتي ممتازة وأكثر من رائعة. هل هنالك من حاول ثنيك عن الاعتزال؟ كثيرون، كل من حولي، وخاصة القريب مني في مجال التحكيم مثل رئيس لجنة الحكام عمر المهنا، ونائبه محمد البشري، حاولا حريصين أن أعود عن قراري وأن أبقى لنهاية الموسم الرياضي الحالي، لكن لم يكن لدي الرغبة في العودة كون هنالك حكاما شبابا يجب أن يأخذوا فرصتهم في ظل أن المباريات الكبيرة تدار من قبل حكام غير سعوديين. بصراحة أكثر، كيف ترى وقفة الاتحاد السعودي لكرة القدم معك؟ أنا نشأت مع الاتحاد السعودي فمنذ عام 92 وأنا معهم إلى هذا العام، وأنا ابنهم ولهم فضل علي بعد الله كوني حكما مشاركا باسم الدولة خارجياً، ولله الحمد شرفت بلدي في محافل كثيرة، وأديت ما علي بشكل كامل.الاتحاد السعودي لديه اهتمام خاص بالحكام لكن يجب أن يكون الاهتمام أكثر مستقبلا. عروض بالجملة هل سيتجه خليل جلال بعد الاعتزال إلى التحليل من خلال القنوات الفضائية؟ حقيقة تلقيت الكثير من العروض سواء من خلال الصحف الورقية أو القنوات الفضائية وهو أمر يدعو للفرحة ويؤكد أني تركت أثرا جيدا في الوسط الرياضي ومردوه واضح، لكن الآن أنا في وضع أحتاج فيه إلى راحة حتى أكون جاهزا في المجال الإعلامي. هل تطمح بأن تكون رئيسا للجنة الحكام؟ أنا لا أتمنى أن أكون رئيس لجنة بقدر ما أتمنى أن أخدم الحكام في أي مجال، خدمة الحكام شرف، وأنا لم أظهر إلا بفضل الله ثم بفضل زملائي الحكام، سواء دوليا أو محليا. نجم الموسم هذا الموسم التحكيم المحلي كان سيئا بشهادة النقاد، لماذا من وجهة نظرك؟ أتوقع أن مستوى التحكيم ثابت، الموسم الماضي كان الحكم نجم الموسم، كذلك هذا الموسم، ورغم ما يقوله المحللون إن التحكيم غير جيد تأكد أن الحكام مستواهم ثابت من الموسم الماضي، الاختلاف أن الأندية والإعلام بدأوا يتحسسون من كون الحكام يأخذون الصورة والنجومية من اللاعبين وأنديتهم وبدأوا يهاجمون بكل اتجاه. ففي هذا الموسم هنالك حرب إعلامية على الحكام، وهو عكس ما يحدث في الملعب، كل المباريات فيها أخطاء، لكن إعلاميا هنالك تركيز على الأخطاء. وتأكد أخي العزيز أن مستوى الدوري بمستوى حكامنا، لا نستطيع أن نقول أن حكامنا أسوأ من الدوري، بالعكس الحكام إذا لم يكونوا أفضل من مستوى الدوري فهم في مستواه. أقلام متعصبة كيف ترى تهكم رؤساء ومسؤولي الأندية على الحكام في الآونة الأخيرة؟ جدار الحكم ليس قصيرا، وأنا متأكد أن هنالك ضوابط وعقوبات من لجنة الانضباط. ومايحدث هو أن الإعلام هو المشكلة خصوصا الأقلام المتعصبة وهم قلة لكن أصواتهم عالية جدا، تأثيرها أصبح على العامة أكثر من تأثير الحقيقة ، نسأل الله أن يهديهم، كونهم لا ينظرون إلا لأنديتهم دون أي اعتبار، فأصبح الإعلام هو الذي يشحن اللاعبين ورؤساء الأندية والجمهور. فدورينا دوري إعلامي 100 % والتأثير عليه واضح جدا. ماذا ينقص الحكم السعودي؟ لا ينقصه سوى الثقة من الأندية والإعلام، وسيكون حكامنا من أميز الحكام في العالم العربي. كذبة كبيرة ماذا يحتاج الحكم من الاتحاد السعودي؟ الحكام في حاجة ماسة للناحية المادية، هذا الأمر يجب على الاتحاد السعودي أن يهتم به، وبمكافآتهم وهو في غاية الأهمية. هل أهلاويتك سببت لك إشكالية خلال مسيرتك الرياضية؟ أولا أهلاويتي أو مثل ما يقول الإعلام أنني أنتمي للنادي الأهلي هذا الكلام غير صحيح أبدا، الناس تداولت أنني أهلاوي لأني في مدينة جدة وهي إشاعة وهو تأثير إعلامي على الجمهور. أنا نهائيا لم أتأثر بأي مقال صحفي أثر على أدائي أو على حياتي. ميول الحكم هل يسبب له إحراجا؟ أنا متأكد أن الكرة أصبحت عمل، ومن المستحيل أن يكون لدينا حكام يحكمون لميولهم، مثل اللاعبين لا يوجد لديهم انتماء لناديه الذي يشجعه بل انتماؤه للنادي الذي يلعب معه، ويعمل بكل جد واجتهاد، والحكام كذلك. لا وجود للرشاوى بصراحة.. خلال مسيرتك التحكيمية هل تلقيت مغريات مادية من رؤساء أندية أو أعضاء شرف للتساهل في المباريات؟ أبدا هذا الموضوع لم يحدث لي، ولم أسمع عنه، وهو لم يحصل في السعودية - على حد علمي. هل يحتاج الحكام لجهات أعلى من الاتحاد السعودي، لحمايتهم من حالات الاعتداء التي يتعرضون لها، مثل ما حدث مع مطرف القحطاني وعبدالرحمن العمري؟ أنا من داخل الميدان الأمور من أروع ما يكون، الأمن يقوم بدوره الكامل، الأندية تحترم الحكم، ممكن هنالك شواذ، وجميع الجهات التي تعمل حول الرياضة تقوم بدورها الكامل. المهنا معلمي ماذا تقول لهؤلاء؟ عمر المهنا: أخ وصديق منذ بدأت التحكيم وله فضل علي بعد الله ومنذ بداية مسيرتي وهو يتحمل مسؤولية كبيرة وأتمنى أن يكون قويا تجاه الضغوطات التي تواجهه. زملاؤك الحكام: هؤلاء من أرفع لهم القبعة، وقفوا معي، وتعلمت منهم الكثير، أتمنى أن تتاح لي الفرصة لأرد لهم الجميل. رؤساء الأندية: لم نر منهم إلا كل خير، نراعي مواقفهم بعد المباريات في ظل وجود أخطاء غير مقصودة، ونحن أبناء وطن واحد، وأتمنى لهم التوفيق. الإعلام: بخير، وله فضل علي بعد الله، الإعلام بحاجة أن يقف مع بعضه تجاه من يخرج عن الإخلاق والأدب المعروف.