مع تزايد تكلفة الرعاية الصحية، وارتفاع معدلات النمو السكاني في المملكة في السنوات القليلة الماضية؛ وما صاحب ذلك من ازدياد الخدمات الصحية في أغلب المستشفيات الخاصة ، إضافة إلى مبالغة بعض المستشفيات الخاصة في أسعار الكشف الطبي، وطلب التحاليل المكلفة ،وارتفاع أسعار الأدوية بصفة مستمرة يطفو على السطح عدة تساؤلات حول جدوى هذا الارتفاع بتكاليف العلاج الطبي ؟ وكيف يمكن توفير خدمات صحية عادلة دون تكلفة عالية؟ وإلى أي مدى يمكن إدارة قطاع الخدمات الصحية بشكل مهني ينفي عنه الصفة التجارية البحتة؟ يتكون التأمين الصحي ( الضمان الصحي ) المطبق حاليا على موظفي القطاع الخاص من أربع فئات يأتي ترتيبها من الأصغر للأكبر كالتالي: الفئة الأولى ومتوسط أسعار القسط السنوي لهذه الفئة( 650 1000 ريال) والفئة الثانية فمتوسط أسعارها ما يقارب( 1000 1400 ريال). والثالثة مابين 1850 2450 ريالا. في حين أن الفئة الأعلى ويبلغ متوسط سعرها 5000 8000ريال. وقد ثبت بالقين القاطع أن الخدمات الطبية المقدمة من المستشفيات الخاصة أصبحت تفتقر إلى الشفافية والمصداقية في تقديم خدماتها. مكمن المشكلة يتمثل في الكلفة التشغيلية للمستشفيات العاملة في القطاع الصحي عالية جدا وبالتالي مفروض على كل طبيب يوميا تحقيق الهدف المطلوب منه حسب الضحية بموجب موافقة مسبقة من شركة التأمين ويضيع المؤمن عليه بين قبول الشركة ورفضها مما يتنافى كليا مع كل الأعراف والقوانين المنظمة لذلك. مبررات ارتفاع الكلفة للخدمات الصحية المقدمة من المستشفيات تتمثل بزيادة حجم الاستثمارات الاقتصادية في الرعاية الصحية وظهور التقنيات الحديثة و تطور التكنولوجيا الطبية. وتكلفة إجراء عمليات جراحية حديثة ذات كلف عالية، زيادة كلفة الأدوية، إضافة إلى قوانين الحماية والاحتكار للأدوية الجديدة، وزيادة معدلات الأعمار، وما ينشأ عن ذلك من زيادة في الإنفاق على الأمراض المزمنة . أسباب قيام بعض شركات التأمين بالتردد بإرسال الموافقات العلاجية المطلوبة عادة يكون السبب الرئيسي فيها الكم الهائل من طلبات الموافقات اليومية وحجم تكلفتها العالية ناهيك عن النتائج المالية السلبية لقطاع التأمين الطبي في المملكة، سواء لشركات التأمين أو لشركات الإعادة، ولذلك كان من الطبيعي أن تتجنب شركات التأمين إصدار الموفقات المطلوبة ، في الوقت ذاته نجد أن نتائج التأمين الصحي لبعض الشرائح غير مشجعة فقد تفوق نسبة صافي كلفة الخدمات الصحية المقدمة الأقساط أحيانا. كما يساهم المستفيدون من الخدمات الصحية ( المؤمن عليهم )، بحوالى20%الممارسات المسببة لسوء الاستخدام، مقدمو الخدمات 80% وفقا للمعايير أدناه. ومن أهم المعوقات بسبب حملة البطاقات تكمن في تكرار الزيارات للمستشفيات دون مبرر، و التنقل ما بين الأطباء حتى بين أطباء الاختصاص الواحد دون مبرر، زيارة الطبيب لمرض وهمي بغرض الحصول على إجازة مرضية.انتحال شخصية المستفيدين وبالتالي الحصول على الخدمات دون وجه حق، والتحايل بالتعاون مع الجهات الطبية للحصول على الخدمات الطبية لحالات غير مغطاة تأمينيا تحت غطاء خدمات مشمولة. في حين تخلق شركات التأمين معوقات تتمثل بغياب الشفافية والوضوح عند رفضها منح الموافقات المسبقة لغياب الضوابط وشروط وتعليمات واضحة لتنظيم معالجة المؤمنين. ضعف عامل التفاهم بين شركة التأمين والمستشفى يؤدي إلى تعاظم الخسائر للطرفين كما يؤدي هذا إلى تكبد شركات التأمين خسائر باهظة، وارتفاع كلفة التشغيل لإدارة برامج التأمين الصحي وارتفاع درجة المخاطرة في وثيقة التأمين الصحي لغياب الشفافية و الرقابة لمواجهة ارتفاع تكاليف المعالجة وبالتالي ارتفاع معدلات التعويض. ومن المعوقات الأخرى من جانب الجهات الحكومية ذات العلاقة تتمثل بضرورة ردم الفجوة في تطبيق القوانين والتشريعات بما يحقق المصلحة المشتركة لجميع الأطراف ذات العلاقة، غياب سلم الرواتب والأجور الطبية وغياب الإشراف على مقدمي الخدمات الصحية مما يضعف الرقابة السليمة على أداء الخدمات الطبية وغياب الآليات المنظمة لمبدأ العقاب والردع لمقدمي الخدمة الصحية وشركات التأمين ممن يثبت استغلالهم أو تكرار أخطائهم . تبقى الحلول مطلوبة بقوة من جميع الأطراف ذات العلاقة في تطبيق التشريعات وتعيين مندوبين دائمين في المستشفيات الكبرى . وضع تشريعات حازمة للإشراف والرقابة الفنية على مقدمي الخدمات الصحية عبر وزارة الصحة ، والتركيز على معايير الجودة لدى مقدمي الخدمات الصحية خاصة في المستشفيات الخاصة، وتوفير الدعم الحكومي لبعض التغطيات التي يتحاشاها التأمين الصحي الخاص مثل أمراض السرطان والفشل الكلوي والأمراض المزمنة . وتتمثل الحلول من جانب شركات التأمين بخلق التوعية اللازمة سواء لحاملي بوليصة التأمين أو لمقدمي الخدمات الطبية مع إيضاح الآثار الإيجابية عند سلامة الإجراءات وانخفاض خسائر شركات التأمين . وانتهاج الشفافية المطلقة والالتزام المهني بالعقود الموقعة وإعدادها بشكل سليم وواضح ، توضح حقوق المؤمنين ومقدمي الخدمات الطبية. * باحث وخبير اقتصادي