لم تكن تجربة العازف والفنان التشكيلي لبيد السدمي الموظف بالعلاقات العامة بشركة أرامكو السعودية محض الصدفة، بل أتت من نابع وجداني وذوق جمالي وإحساس منذ مراحله الأولى والتمهيدية وهو على مقاعد الدراسة، التي جعلته طالبا مولعا بالفن التشكيلي إلى أن وضع لنفسه منهجا خاصا به في العزف الموسيقي على آلة البيانو، متباعدا عن المعاهد الموسيقية والتي لم يلتحق بها أساسا مكونا عالمه الموسيقي الخاص بتجربته الذاتية. «عكاظ» التقت السدمي وكشفت عن موهبته الموسيقية والتشكيلية.. فإلى نص الحوار: بداية أرجو تعريف القارئ بتجربتك مع هذه الآلة من حيث بدايتك معها، وما هي الدوافع التي جعلتك تعشق هذه الآلة؟ كانت بداياتي بسيطة جدا، وكنت طفلا مولعا بالفن من الجانب التشكيلي، فأحببت الرسم وكنت دائما متميزا في الرسم في المدرسة منذ مرحلة التمهيدي. ثم أذكر أن أبي عاد من رحلة من الإمارات وأهداني مع إخواني بيانو صغيرا لكل منا، كان عمري آنذاك 11 سنة، شيئا فشيئا وإذا بي أمضي ساعات عليها فكنت أهواها كلعبة، قبل أن أعتبرها آلة موسيقية. فقد كنت أعزف عليها ليلا ونهارا معزوفات بسيطة متأثرا بالموسيقى الموجودة في أفلام الكارتون. وألفت أول لحن موسيقي وكان لحنا بسيطا جدا حيث أستخدم يدي اليمنى فقط ومدة الموسيقى حوالى 30 ثانية، ولكن أذكر كم كنت فخورا بهذا الإنجاز. كيف تعرفت على تكوينات الآلة الداخلية وكيفية العزف عليها؟ وهل كان لأحد دور في تعليمك العزف؟ بعد مرور حوالى خمسة شهورأصبحت أعزف العديد من القطع الموسيقية البسيطة لاحظت أن كل ما أعزفه ناقص نوعا من الإيقاع فاكتشفت أني لا أستخدم يدي اليسرى فقلت لنفسي لابد من استخدامها وكانت تلك المرحلة من أصعب المراحل التي مررت بها في مسيرتي. ومن ثم أدركت أن البيانو آلة تتكون من مجموعات مكررة فكل صوت له صوت مشابه. أريد أن أذكر أني اكتشفت الكثير وجربت الكثير ووضعت قوانين لنفسي وكيفية استدراج الموسيقى من الإحساس كلها اكتشافات بالمحاولة والتعلم من الأخطاء. في المراحل الأولى كنت أعزف لوحدي ولا أعزف عند أحد إلا إذا كان أحد أقربائي أو صديقا، ومع السنين من مراحل الاستكشاف والتدريب وكيفية العزف كلها تعلمتها، كنت أكلف نفسي بتدريبات مركزة، فمثلا عندما يكون لدي لحن ما يتطلب أن أحرك اليدين في اتجاه مختلف، وكنت أعجز عن تنفيذ ما أريد فأقوم بتسجيل اللحن مبسطا لكي لا أنساه ومن ثم أقوم بالتدريب للقيام بالحركة المطلوبة. ماذا عن أشهر المصطلحات الموسيقية التي تعتمد عليها في العزف؟ أعتقد أنك تشير إلى نوعية الموسيقى، كمصطلح معزوفاتي تندرج تحت نوع من معين من الموسيقى الكلاسيكية والتي تسمى (New Age Music). وكيف تكون المقطوعة الموسيقية وجملها والسلم الموسيقي لها؟ تبدأ الموسيقى بتأثير عاطفي إما عن حدث أو مشاعر أكنها لشخص أو موقف صعب مررت به. إنني أبحر في الخيال عند العزف وأعبر بالصوت ما أحس به من الداخل. فأول مرحلة تكون بتأثيرعاطفي ولكن أحيانا يلهمني لحن في أوقات غريبة، فأسرع وأعزفها أو على الأقل أحفظ المقطع الأساسي من اللحن ومن ثم أطورها في وقت لاحق. أنا لا أقرأ الموسيقى ولا أحب عزف موسيقى الآخرين، والسلم الموسيقي يتغير مع كل لحن. هل التحقت بمعاهد موسيقية معينة تعلمت من خلالها أم هي تجربة ذاتية؟ لم يسبق لي أبدا الالتحاق بأي معهد موسيقي، ولكن بعد هجرتي إلى أمريكا في العمر 15 لمدة 10 سنوات كنت أذهب إلى غرف الجامعة المخصصة لتدريب طلاب الموسيقى وكنت أمضي ساعات في تلك الغرف وحدي. عندما كنت أدرس التصميم الجرافيكي في الجامعة.. في السنة الأولى من الجامعة حصل معي موقف، يوم من الأيام كنت أعزف لمدة طويلة وعند نهاية العزف فوجئت بسماع تصفيق من خارج الغرفة، واستأذنوا بالدخول فكانوا منبهرين وسألوا عن كاتب هذه الموسيقى واستغربوا من عدم وجود النوتة الموسيقية.