تقف بيوت قرية الحفيرة ومحلاتها التجارية شاخصة خاوية بعد أن هجرها أهلها لعدم القدرة على التعايش، لانعدام الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والمدارس، بعد أن كانت تزخر بالسكان الذين شيدوا مباني كثيرة منذ أكثر من 100 سنة، خاصة أنها من أقدم القرى على الطريق الدولي بين المدينة وتبوك والأردن. ولم يبق في الحفيرة سوى مركز الإمارة الذي تأسس عام 1425ه، بالإضافة إلى مركزين أحدهما لقوة أمن الطرق، والآخر تابع لهيئة الطيران المدني، ناهيك عن الشركات الكبيرة العاملة في مجال تفتيت الصخور حيث يتخذ جميع العاملين في الحفيرة من خيبر والمدينةالمنورة مسكنا لهم، متحملين عناء السفر اليومي بحثا عن الخدمات الأساسية. يقول عبدالله العنزي موظف في مركز الإمارة: «أسكن في مركز العشاش الذي يبعد 100 كيلو ذهابا وإيابا حيث إن الحفيرة لا تتوفر فيها خدمة الكهرباء ولا الماء ونعتمد على جهود ذاتية في المركز ولا أستطيع السكن بها لذا أتحمل عناء السفر يوميا لأوفر الراحة لأسرتي، وأقوم بتدريس أبنائي في المدارس، ولانطلب أكثر من توفير الكهرباء والماء فهما أبسط أساسيات التعايش في القرية، حتى ننعم براحة البال بجوار أعمالنا». أما المواطن نايف العازمي فيشير إلى أنه يسكن في محافظة خيبر التي تبعد 200 كيلو ذهابا وإيابا، حيث يقطع المسافة يوميا لعدم توفر الخدمات بالحفيرة، لافتا إلى عدم قدرته على السكن بالقرية في ظل انعدام الخدمات، خاصة بعد أن هجر السكان الحفيرة للسبب نفسه، مؤكدا أن عودة السكان مرهونة بتوفير الخدمات، حيث يعد الطقس بمركز الحفيرة معتدلا ويميل للبرودة ليلا حتى بالصيف لطبيعة المنطقة المرتفعة وفي أثناء الإجازات تجد المواطنين يتوافدون عليها من كل مكان من حائل وتبوك ومن المدينةالمنورة حيث تعد متنزها بريا جميلا للمواطنين وتضاريسها في غاية الجمال ولو توفرت الخدمات لعادت الحياة إليها من جديد. ويرى جمعان العنزي الذي يعمل حارسا في برج الطيران المدني أن المركز مهم لعبور الطائرات، مشيرا إلى أن المركز يعمل بالطاقة الشمسية لعدم توفر خدمة الكهرباء، مشيرا أنه يسكن في منطقة الجهراء التي تبعد عن مركز الحفيرة 170 كيلو ذهابا وإيابا لعدم توفر الخدمات في مركز الحفيرة، مؤكدا أن جميع زملائه في العمل يسكنون خارج مركز الحفيرة ويعانون من التنقل اليومي للدوام في المركز، مناشدا الجهات ذات العلاقة بضرورة أن تحظى قرية الحفيرة بخدمة الكهرباء والماء حيث تعدان المطلب الأساسي للحياة في الوقت الحاضر. ويؤكد فيصل العنزي أحد سكان البادية قريبا من مركز الحفيرة أن جميع من في البادية من حولهم يتمنون أن يسكنوا في بيوتها ويستقروا بها، مستدركا أن العيش في الحفيرة لا يختلف كثيرا عن العيش في البادية، في ظل انعدام الكهرباء والماء، حيث يذهب السكان إلى قرية العشاش التي تبعد 100 كيلو ذهابا وإيابا عن مركز الحفيرة لجلب الماء، مبينا أن مصلحة المياه في خيبر تقوم بتعبئة الخزان الذي لا يكفي الأهالي في بادية الحفيرة بالإضافة إلى العاملين فيها، مناشدا المسؤولين بتوفير خدمتي الكهرباء والماء فهما أبسط متطلبات العيش، لافتا أن عديدا من سكان الحفيرة هجروها إلى مناطق أخرى للحصول على خدمات لهم ولأسرهم. من جهته، أوضح ل «عكاظ» مدير مصلحة المياه في محافظة خيبر عبدالرحمن الرشيدي أن وزارة المياه حفرت أربع آبار إرتوازية في مركز الحفيرة، إلا أنهم لم يجدوا ماء، حيث وصل عمق البئر إلى 320 مترا، غير أن الجيولوجي قرر أن هذه المنطقة خالية تماما من الماء، ولا يمكن حل هذه المشكلة سوى بطلب تغذيتها من مشروع المياه القادم من محافظة العلا الذي سوف يتم توصيله إلى محافظة خيبر وقد وضع خزان ماء كبير تتم تغذيته في مركز الحفيرة عن طريق صهريج مصلحة المياه ثلاث مرات كل شهر لكي يستفيد منه المواطنون وأهالي الحفيرة.