يعطي الإقبال الكبير للفتيات على العمل التطوعي في محافظة الطائف خلال العطلة الصيفية الحالية مؤشرا على مدى توسع مداركهن وإيمانهن بأن ما يضطلعن به يأتي من منطلق ديني وإنساني واجتماعي. لكن اندفاعهن في هذا التوجه يصطدم بوجهات نظر قاصرة للبعض، إذ تتباين الرؤى حيال اقتحامهن لمجال العمل التطوعي الذي كان شبه قاصر حتى وقت قريب على الشباب والرجال بصفة عامة. لرصد وجهات نظر الفتيات المتطوعات ودوافعهن لخوض هذه التجربة التي تلقى استحسانا كبيرا من قبل قطاع واسع من المجتمع وإن كانت لا تخلو من تحفظات البعض التقينا عددا منهن. فقالت رحيمة الريامي: للعمل التطوعي أهميته التي قد لا يدرك البعض أبعادها الدينية والإنسانية والاجتماعية، لافتة الى أن نظرة المجتمع تتفاوت من شخص الى آخر فهناك من يؤيدهن باعتبار ما يقمن به عمل إنساني نبيل، بينما يعترض آخرون معتبرين أن أي عمل ينبغي أن يكون له مقابل مادي. وتغيب عنهم حقيقة كوننا نمارس الأعمال التطوعية ابتغاء للأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى. وعن تجربتها الشخصية في الأعمال التطوعية قالت إنها قدمت العديد من الدورات في الخياطة والكوروشيه. ولم يقتصر نشاطها على محافظة الطائف بل شاركت في أعمال تطوعية تتعلق بالأيتام في مكةالمكرمة. وتشعر بسعادة غامرة وهي تقوم بهذه الأعمال الإنسانية. ومن جهتها قالت هيفاء الجعيد إن العمل التطوعي رائع جدا، مشيرة الى أنها تتطوع في أحد الأندية لمحو أمية الأمهات وسرد القصص الهادفة عليهن راجية الثواب من عند المولى عز وجل. وهي سعيدة بالدور الذي تضطلع به في هذا الشأن وترى فيه إضافة إيجابية مهما كان حجمها. لكن المجتمع -حسب وجهة نظرها- يقف ضد العمل التطوعي للفتيات، فهي لم تجد منه تشجيعا بل تثبيطا للهمة لا لسبب سوى أن ما تقوم به لا تتقاضي مقابله راتبا أو أجرا من أحد. وتضيف: لم أعد أهتم بهذه النظرة السلبية بعد أن لمست نتائج جهدي في الأمهات اللواتي بدأن يكتبن ويقرأن بعد أن كن أميات. وأصبحن أكثر تفاؤلا في تعاطيهن مع الحياة نتيجة للقصص والحكايات التي أسردها عليهن. كادية الفيفي قالت: إن العمل التطوعي عمل حضاري ورائع فمن خلاله يتم تقديم خدمات عديدة للمجتمع بدون مقابل وإنما طلبا للأجر من الله. مضيفة: أنا شخصيا دافعي للعمل التطوعي هو الرغبة في مساعدة الآخرين، وتقديم يد العون والمساعدة لهم انطلاقا من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف الذي يحثنا على تقديم العون والمساعدة لأفراد المجتمع، كما أن الأعمال التطوعية تتيح الفرصة للمتطوعات لاسثمار أوقات فراغهن في المشاركة بنشاطات وفعاليات مفيدة. وعن موقف أفراد أسرتها قالت إنه إيجابي جدا فهم يقدمون لها الدعم المادي والمعنوي لمواصلة الدور الذي تقوم به كسبا للثواب من المولى عز وجل. وأشارت الى أنها ترى أن تفاعل المجتمع جيد بدليل مشاركة فتيات كثر في الأعمال التطوعية. وتابعت أن أبرز صورة حسنة للتعامل الإنساني تكمن في العمل الجماعي وروح المبادرة من منطلق ديني، فهي لا تعيش لنفسها فقط بل أيضا من أجل الغير ومحبة الخير للناس جميعا. وكذلك ترى أحلام الجهني أن العمل التطوعي أمر جميل وممتع ويحقق التغيير الإيجابي في حياتنا. ومن شأنه أن يغير نظرة بعض أفراد المجتمع تجاه المرأة بصفة عامة والفتاة بصفة خاصة. فهؤلاء يعتقدون أن المرأة لا تستطيع القيام بأعمال تطوعية ميدانية نظرا لبنيتها الجسمانية الضعيفة مقارنة ببنية الرجل. وهذا غير صحيح كون المجال متاحا للجميع وللمرأة دور يتناسب مع طبيعتها. والعمل التطوعي شامل ولا يقتصر على الرجال فقط. وتضيف: أنا شخصيا وجدت كل تشجيع وتأييد من أسرتي خاصة والدي. ولم أتردد في الانخراط في ما أقوم به الآن. وحول وجهة نظر المجتمع قالت: إن فكرة تطوع المرأة لأداء أعمال دون أجر ينال إعجاب شريحة كبيرة، فالمتطوعات يبتغين مرضاة الله سبحانه وتعالى أولا وأخيرا. وفي ذات المنحى ترى الطالبة الجامعية مجد أن أهمية العمل التطوعي تكمن في أن فكرته تنطوي على البذل والعطاء دون انتظار مقابل مادي. وتقول: إن الفتيات والشباب يملكون طاقات كامنة لا بد من استغلالها لتعود بالنفع والفائدة على المجتمع. فالأعمال التطوعية عموما ترتكز على تقديم الخدمات أيا كان نوعها للآخرين لرسم البسمة وإشاعة البهجة في نفوسهم. فلا شيء يضاهي الشعور الذي يشعره الشخص حينما يسعد أفراد المجتمع. وتشير الى أن أسرتها شجعتها ودعمتها ورحبت بمشاركتها في أعمال التطوع. وكذلك كان رد فعل بعض أفراد المجتمع إيجابيا الى حد كبير. المديرة التنفيذية لإحدى الفرق التطوعية بالطائف صفية عسيري تؤكد من ناحيتها أن العمل التطوعي لا يقتصر على مجال معين بل يشمل مختلف المجالات. وترى أنه لا فرق فيه بين المرأة والرجل لأن الأدوار تكاملية وتصب في خدمة المجتمع في كافة الظروف. وهذا هو ما يميز العمل التطوعي الذي يتطلع الجميع لتحقيق أهدافه. وتقول إنه بقدر الخير في نفس الإنسان يكون عطاؤه التطوعي. وتكمن سعادة المتطوعين في تقديم خدماتهم لمختلف شرائح المجتمع حسب احتياجاتهم. ويلعب العنصر النسائي دورا كبيرا في هذا الجانب. وتشير صفية عسيري الى أنها لمست إقبالا متزايدا من الفتيات على التطوع لخدمة المجتمع بتشجيع من ذويهن ما يعكس تطورا إيجابيا في ثقافة التطوع من منطلق ديني وإنساني واجتماعي يؤمن بالدور الكبير لهذه المهمة الإنسانية الجليلة.