تربي الأم أبناءها وهي تنتظر ثمرة تلك التربية في رعايتها والاهتمام بها عند كبرها وعجزها، وأن تجني ما زرعته طوال سني تربيتها، فهذه مسنة في دار الرعاية الاجتماعية ملقاة من فلذة كبدها، وأخرى تهرب من معاملة أبنائها السيئة. «عكاظ» زارت دار الرعاية الاجتماعية بالرياض، ووقفت على فصول من معاناة المسنات الأليمة عندما تركن بيوتا كن يعتقدن أنهن يمتلكنها إلى دار وأناس آخرين ووجوه جديدة سيعيشن معها بقية أعمارهن. فتروي مسنة انقلاب حياتها قائلة: «عندما توفي رب الأسرة تاركا وراءه أكثر من زوجه، تلقيت معاملة سيئة من أبناء زوجي، خصوصا أنني أنجبت فتاتين، ونتج عن مشاكل حصر الإرث هروب بناتي (28 سنة، 34 سنة) إلى دار الحماية، وقد تم توجيهي إلى دار الرعاية الاجتماعية من قبل الإمارة حتى تنتهي قضيتنا بالمحكمة، ولي في دار الرعاية أربع سنوات، ولم تحل مشكلة الإرث إلى الآن» وتواصل حديثها عن انتقالها من سيدة بيتها إلى دار الرعاية، فتقول «لم تقصر دار الرعاية وأخواتي المسنات الأخريات في التخفيف علي، إلا أن الصدمة كانت كبيرة في وقتها». ومسنة أخرى تدعى أم وليد لجأت إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، وذكرت أنها آتية من سفر ولا تعرف أحدا، وكانت تمتلك جوالين رفضت تسليمهما للاختصاصيات، فتم سحب الجوالات بخفية واكتشفن أن لديها أبناء، حيث استدعت الدار أبناء المسنة للاستفسار منهم ومحاولة حل النزاع، فذهبت معهم، وعادت مرة أخرى، إذ لم تستطع أن تعيش كما تقول مع عقوق أبنائها. وفي قصة أخرى، سجن ابن سعودي أمه في منزله وسافر، فوجهت إمارة الرياض خطابا إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بالعناية بالأم بعد حبسها في المنزل. وتروي المسنة ل«عكاظ» أن ابنها «كان من خيرة البارين حتى تزوج وأصبحت زوجته هي محور اهتمامه وتهميش كل ما عداها، حتى أوهمته أن حبسي في المنزل وتوصية الجيران بجلب الطعام لي هو الحل الأمثل عند سفرهم للخارج، والآن لو خيرت بين المكوث في دار الرعاية أو الرجوع إلى ابني لاخترت دار الرعاية؛ لأنني أفضل تمضية آخر أيام حياتي بهدوء وسلام». وتصف أم عبدالله (مسنة) دار الرعاية الاجتماعية بأنها بمثابة اليد الحانية التي تمسح وتزيل هموم المسنات، حيث أن وجود المسنات يشكل دعما وتعاضدا لبعضهن، إلا أنها ترى أن وجود بعض الحالات النفسية يسبب حزنا وقلقا وإزعاجا واضطرابا للنزيلات، وذلك لأن الحالات النفسية التي يتم تحويلها إلى مستشفى الصحة النفسية تبقى مدة وجيزة وتعود مرة أخرى للدار، وهذا يشكل عامل خطر وخوف، خصوصا للمسنات المستجدات بهذه الدور، إذ كان وزير الشؤون الاجتماعية يوسف العثيمين وجه منذ 3 سنوات بأن تكون دار الرعاية الاجتماعية دار من لا دار له، حيث احتوت دور الرعاية الاجتماعية في عدد من المناطق بعض الحالات المعنفة لعدم وجود دور حماية مختصة بذلك، وحالات مرضى نفسيا، ما أثر على نفسية المسنات والتأثير على الخدمات المقدمة لهن، علما بأن هذا التوجيه لم يأت وفق آلية تنظيمية، ولم يتم الاستعداد في دار الرعاية لهذه الحالات حتى الآن، رغم دراسته في مجلس الشورى.