بعد أن استكملنا حديثنا مع صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز عن مشاريع درء أخطار السيول، قررنا أن نقف ميدانيا على المشاريع الجاري تنفيذها فيما يتعلق بدرء أخطار السيول في مدينة جدة، هذه المدينة التي استفاقت ذات صباح على كارثتين ذهب ضحيتها عشرات الأشخاص وجرفت السيول المئات من المركبات وألحقت خسائر فوق الوصف بالممتلكات. «كانت مهمة صعبة من حيث الزمان والمكان، كنا نراقب السماء بعين تحسبا لهطول أمطار تتلف ما بنيانه وعين أخرى على المشاريع الجاري تنفيذها» بهذه العبارة بدأ المهندس أحمد السليم مدير عام مشروع مياه الأمطار والسيول بمحافظة جدة حديثه ل«عكاظ»، مؤكدا أن مشاريع الحلول العاجلة لتصريف مياه السيول والأمطار حظيت باهتمام بالغ من القيادة ومتابعة دائمة ولصيقة من أمير منطقة مكةالمكرمة. وقبل أن يتحدث عن المشاريع العاجلة التي نفذت قال: «استعنا بأكثر من 13400 عامل لتنفيذ مراحل هذا المشروع، وتعاقدنا مع سبعة مقاولين واستشاري عالمي، تحولت المنطقة إلى ورشة عمل كبرى، وكنا نسابق الزمن ونعمل ليل نهار، هدفنا إنجاز هذا المشروع الكبير». وحرص المهندس أحمد السليم على شحن فريق عمله بطاقة هائلة، فالتحديات كثيرة وكبيرة، وأضاف: «أثناء لقائي بقيادات المشروع فهمت أن المهندس السليم حرص على أمرين أساسين الأول يتعلق بضرورة الإيمان الكامل بأن المشروع هدفه حماية الناس وإنقاذ أرواحهم وبالتالي فهو يختلف تماما عن المشاريع السابقة، والأمر الآخر هو تطبيق أعلى معايير الشفافية والنزاهة والابتعاد كما هو سلوك الموظفين الدائم عن مواطن الشبه التي قد تفضي إلى الفساد»، وكان له ما تحقق. ويقول المهندس السليم: «وجدت في فريق العمل قدرة هائلة على العمل، حيث يمضون ساعات طويلة في الميدان يعملون ليل نهار وتحقق الإنجاز والحمد لله». وقال: «من المناسب ألا ننسى ونحن نحتفل بإنجاز مشاريع الحلول المستقبلية أن ننسى مشروع الحلول العاجلة فقد أنجزنا 12 مشروعا تشمل إنشاء خط تصريف المياه في تقاطع شارع الأمير ماجد مع شارع فلسطين، معالجة تجمع المياه في نفق طريق الملك عبدالله مع طريق المدينة، معالجة تجمع المياه في نفق طريق الملك فهد مع طريق الملك عبدالله، معالجة تجمع المياه في شارع حائل مع طريق الملك عبدالله، معالجة تجمع المياه في شارع خالد بن الوليد مع طريق الملك عبدالله، معالجة تجمع المياه في تقاطع شارع الأندلس مع طريق الملك عبدالله، معالجة تجمع المياه في تقاطع شارع الأندلس مع شارع الحمراء، معالجة تجمع المياه في نفق طريق الأمير ماجد مع شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز، معالجة تجمع المياه في نفق تقاطع طريق الملك فهد مع شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز، معالجة تجمع المياه في نفق طريق الأمير ماجد مع شارع الروضة، معالجة تجمع المياه في تقاطع طريق الأمير ماجد مع شارعي عبدالله السليمان وباخشب، معالجة تجمع المياه في تقاطع طريق الأمير ماجد مع شارع زياد بن عمر، ومعاجلة تجمع المياه في نفق تقاطع شارع صاري مع طريق المدينة، وهذا الأخير تولت تنفيذه أمانة المحافظة». النجاة من كارثة انفجار أنبوب النفط المهندس محمد السالم الذي أشرف على مشروع الحلول العاجلة ومن بينها تنظيف الشبكات القديمة قال: «نجحنا بحمد الله في تنظيف 70 كيلو مترا من شبكات تصريف السيول، وجدنا داخل هذه القنوات مع الأسف ما لا يخطر على بال بشر، إطارات سيارات، أطنان من الأتربة والحجارة وقطع الحديد، عملنا تحت أشد الظروف قسوة ولم ننم ثلاثة أيام متواصلة حتى ننجز المشروع، وما أن انتهينا من مشروع الحلول العاجلة حتى دخلنا في مشروع آخر اسمه السد الذي يقرب من طريق مكةجدة السريع، لمسنا تجاوبا مذهلا من كافة القطاعات الحكومية المساندة». وعن أبرز المواقف والأعمال التي صاحبته قال: «أثناء تنفيذنا للقناة الجنوبية التي يزيد طولها على 25 كيلو مترا واجهتنا خطوط تحلية المياه وخطوط أنابيب أرامكو وكانت مرحلة مفصلية في عمر المشروع فانفجار أنبوب المياه يعني عطش ثلث مدينة جدة، وانفجار أنبوب النفط يعني كارثة بيئية ودمار هائل، هنا بدأت رحل العمل الفعلي وتطبيق معايير السلامة العالمية وتحقق بفضل الله النجاح، حيث قسمنا العمل على 11 منطقة لضمان عدم حدوث ما لا يحمد عقباه، وتنفسنا الصعداء بعد أن اجتزنا هذه المرحلة المهمة». وأضاف: «من ضمن المواقف الصعبة أيضا أن أحد المواطنين هاجم عمال المشروع بمسدس زاعما أن الأرض التي سيقام عليها السد يملكها وليس معه صك، حيث تم تمرير البلاغ لإدارة المشروع وتم إبلاغه لأمير المنطقة، حيث جاء التوجيه حازما صارما لا لبس فيه، وتواجدت دورية أمنية بالقرب من المشروع حتى تم الانتهاء منه كاملا». وخلص إلى القول: «بكل أمانة فقد وجدنا تجاوبا منقطع النظير من الأهالي الذين قدموا لنا كل شيء خلال فترة المشروع ونفذنا لهم طرقا مسفلتة وعملنا على رش التربة حتى لا تزعج السكان». لؤي السليمان مدير مشروع القناة الجنوبية قال: «شكرا لأمير مكة الذي أتاح لنا فرصة العمل في هذا المشروع العملاق الذي لا يتكرر في أي مكان في العالم، ولو كانت مراحل تنفيذ المشروع طبيعية فإنه رحلة البناء تستغرق عامين ونصف لكننا أنجزنا ذلك في تسعة أشهر». ونحن نقف على مشروع القنوات والسد القريب من طريق مكةجدة السريع حدثنا السليمان عن أبرز المواقف والتحديات التي صاحبته بقوله: «عملنا في الأعياد والمناسبات وتنازلنا حتى عن راحاتنا الأسبوعية». عملنا لعيون جدة وأهلها «ما أجمل طعم النجاح، شكرا خالد الفيصل فقد حققت لنا حلم خدمة جدة وأهلها» بهذه العبارة استهل المهندس أحمد المنصور الذي يحمل درجة الماجستير من أمريكا حديثه ل«عكاظ» مؤكدا أن إشرافه ومجموعة من زملائه من فريق أرامكو على مشروع درء أخطار السيول يدعو للفخر . وأضاف: «في السابق كان لنا شرف المشاركة في إنجاز الكثير من معامل الغاز وحقول النفط في أكثر من بقعة ومكان، ولكن عندما بلغنا نبأ اختيارنا لقيادة مشاريع درء أخطار السيول العاجلة والمستقبلية قبلنا دون أن نناقش دورنا أو حتى حدود مسؤوليتنا». وزاد المنصور: «عملنا أسابيع طويلة دون أن نحصل على إجازة واحدة، وضحينا بأسرنا والتزاماتنا وكل هذا من أجل عيون جدة وأهلها، وهي تستحق». وأوضح أن العمل في المشاريع السبعة استمر على مدى 24 ساعة، وأن طاقة السدود الخمسة تستوعب 24 مليون متر مكعب، كما تم تفجير 1.8 مليون متر مكعب من الصخور، وتم استخدام أكثر من 45 ألف طن من الحديد المسلح وتم استهلاك أكثر من 730 ألف متر مكعب من الخرسانة وهي ضعف الكمية المستخدمة في بناء أعلى برج في العالم برج خليفة في الإمارات. وخلص المهندس المنصور إلى القول أن السدود مقاومة للزلازل وتم إنجازها في فترة لا تتجاوز 9 أشهر وهو عمل جبار قل أن يتكرر في أي موقع في العالم، ويمكن الدخول في موسوعة جينيس للأرقام القياسية.