مرة أخرى يعود شبح الأزمة السورية إلى واجهة الأحداث، لكن هذه المرة ليس من بوابة القتل والقمع والتنكيل الأسدي، وإنما من بوابة المأساة الإنسانية التي يعيشها اللاجئون السوريون في مخيم الزعتري، والتي فضحت تقاعس المجتمع الدولي ليس في التدخل العسكري لحل الأزمة لوقف القتل، وإنما في التدخل الإنساني ليعيش هؤلاء المشردون في منأى عن برد الشتاء .. إنها المأساة السورية تتكرر بأشكال جديدة ليس في مخيم الزعتري فقط، بل في المخيمات الأخرى. ولعل المملكة أكثر من استشعر الحالة الإنسانية التي يمر بها اللاجئون السوريون، وأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمساعدات عاجلة، وهو الموقف الذي اعتادت عليه المملكة في الأزمات الإنسانية. إن العالم بأسره مطالب باتخاذ مواقف جادة وعملية حيال ما يجري للاجئين السوريين في مخيماتهم في الأردن ولبنان وتركيا، إذ لا يجب أن يكتوي الشعب السوري مرتين، المرة الأولى بقيادته الرخيصة، التي مارست كل أنواع العذاب، ومرة أخرى في دول الجوار حيث المخيمات التي أطلق عليها السوريون مخيمات الموت. وفي غمرة الحزن على السوريين في مخيماتهم، عقد وزراء خارجية الدول العربية اجتماعا طارئا في القاهرة بحثوا هذه الأزمة الإنسانية، والأمل يحذو الشعب العربي والسوري خصوصا على أن ينعكس هذا الأمر وبشكل مباشر على تحسين وضع اللاجئين .. هذه المأساة المستمرة صيفا وشتاء .. صيفا يكتوي فيه السوريون بحرارة الصحاري .. وشتاء بعواصف الطبيعة التي يبدو أنها تتآمر والأسد على هذا الشعب الذي بات مشردا في دول الجوار .