في السابق كان مصطلح اللاجئين لدينا معشر العرب يعني القدس وكانت مخيمات اللاجئين تعني ذكريات 1948 وكانت هيئات الغوث والاغاثة تعني فلسطين. الآن وبفضل القائد الملهم والزعيم المبهم وغيرهما من زعماء الزمن الأغبر أصبح لدينا لاجئون عراقيون ولاجئون ليبيون ولاجئون يمنيون ولاجئون سوريون. في السابق كان للاجئين الفلسطينيين مخيمات في سوريا, والآن اصبح للاجئين السوريين مخيمات في تركيا, وهلم جرا. في السابق كانت يد الغدر الصهيوني تعصف بالفلسطينيين فتشردهم وتحولهم الى لاجئين, والآن اصبحت هناك أياد بل دبابات وطائرات عربية تعصف باليمنيين والعراقيين والليبيين والسوريين وتحولهم لمشردين لاجئين. في السابق كان لدى الأممالمتحدة قضية واحدة للعرب اسمها قضية اللاجئين الفلسطينيين تخبو تارة وتصحو أخرى لكنها لا تموت لصمود شعب الجبارين. لكن رفوف المنظمة الدولية الآن ازدحمت بقضايا اللاجئين العراقيين واليمنيين و الليبيين والسوريين. حتى وقت قريب كانت صور النازحين الفلسطينيين التي تبثها القنوات الفضائية العربية بالأبيض والأسود تثير حزن المشاهدين وتزيدهم نقمة على الصهاينة المعتدين, والآن يتغير المشهد شيئا فشيئا فتنقل القنوات صور النازحين الليبيين والسوريين بالألوان وعلى الهواء مباشرة وسط نحيب المشاهدين. حتى وقت قريب كانت لقطة الطفل الشهيد محمد الدرة وهو يتعرض للقتل على يد جندي صهيوني هي حديث المراقبين والمشاهدين من العرب وغير العرب, الآن لدينا مشاهد قتل وتعذيب وتنكيل أفظع وأبشع! أما سر فظاعتها وبشاعتها فلكونها تتم بأيد عربية. في السابق كانت خطب الجمعة في الأقطار العربية تدعو على الصهاينة المعتدين الغاصبين, والآن تحولت الخطبة لنقمة على المعتدين العرب والغاصبين العرب والمعربدين العرب والقتلة العرب! أصبح خطيب الجمعة في المساجد العربية يدعو على الظالمين المتجبرين الذين يحولون شعوبهم الى ضحايا ومشردين ولاجئين ليس في فلسطين وأفغانستان وطاجكستان والبوسنة والشيشان وانما في عواصم عربية كانت تدعي انها قلاع الصمود والتحدي ومقاومة العدوان! في السابق كانت حجج وشعارات التصدي لمحاولات الفتنة الطائفية والوحدة الوطنية تبرر للزعماء الثوريين الضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه العبث بالوطن, والآن أصبح الضرب بالأحذية في بطون الأمهات والضرب بالقنابل لبيوت المساكين والسحق بالدبابات لأجساد المواطنين ليس مجرد شعارات وانما قواعد ومنهجا منظما للدفاع عن كرسي فخامته,. ولأنه الكرسي فلابد من التضحية بالشعب كي يعيش الرئيس.. يعيش يعيش!