في لقاء مهم وغير مسبوق، نظم ديوان المظالم اللقاء السنوي لقضاة محاكم الاستئناف الإدارية بحضور رئيس ديوان المظالم رئيس مجلس القضاء الإداري وحضور نائبه وكذلك رئيس المحكمة الإدارية العليا، كان لافتا ومثيرا حضور سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وكانت لكلمته بعد وأثر إيجابي كبير ليس فقط على القضاء الإداري بديوان المظالم ولكن على مجمل العمل القضائي والعدلي في مختلف المحاكم واللجان القضائية والجهات الحقوقية والتنفيذية. فقد تضمنت كلمته توصيات شرعية جامعة وتوجيهات نظامية راقية وحلولا واقعية وهي: مراقبة الله: أوصى سماحته بأنه إذا راقب قضاة المظالم الله وحكموا في العدل، فإنهم ينفعون ويفيدون ويستفيدون، فالشرع شرع عادل كامل في كل شؤونه، إنما النقص في بعض البشر. عدم اتباع الهوى: طالب سماحته بعدم اتباع الهوى لأنه ينقص العدل، فالعدل ضد الهوى، والهوى يصرف عن الحق ويجعل تحققيه مستحيلا، ويحاول متبع الهوى تبرير ذنبه وخطئه لأجل هواه، أما العدل فهواه تابع لأهل الحق وليس متبوعا. شريعة كاملة (مرونة وعدل): وأوصى سماحته طلاب العلم والقضاة أن ينهضوا بمسؤوليتهم، وأن يحققوا للناس الخير وأن يظهروا للناس أن هذه الشريعة شريعة كاملة، مهما كثرت المشكلات وتنوعت واختلفت، فالشريعة فيها من المرونة والعدل ما يستطيع به القاضي أن يوجد حلا لأية قضية أو أية نازلة، ولكن تحتاج إلى اجتهاد وقراءة في ما قال العلماء، فهذه منفعة وتقوية للمدارك وتوسعة في الآفاق، كما أوصى سماحته بلزوم العدل والصدق في الأحوال كلها وننظر في القضايا نظرة العدل والإخلاص لله. العلاج النافع: وتابع سماحته بأننا في زمن تعددت فيه المشكلات في الاقتصاد والتجارة والمعاملات، ونحتاج قاضيا يواكب هذه المتغيرات ويعالجها ويثبت أن الشريعة فيها العلاج النافع والشفاء العاجل، وفيها الخير والعدل والنظام العادل والأحكام المنتظمة، التي لا اضطراب ولا تناقض فيها ولا تناقض في الأحكام، وأنها أحكام عادلة منتظمة، لكن الأمر يحتاج إلى نية صالحة وعزيمة صادقة ورغبة في الخير وحب للعدل وبعد عن الظلم وأن أحكام الشريعة هي التي ترسي دعائم العدل والأمان والاستقرار، وإذا طبقت أحكام الشريعة ازدادت النفوس أمنا واستقرارا، لكن إذا ضعفت الأحكام الشرعية أو قلت أو حرفت حل الباطل والشر والبلاء. ربط فروع الديوان وعدم التناقض بين الأحكام: وأشار سماحته إلى ضرورة وضع نظام يربط فروع ديوان المظالم في مناطق المملكة ببعضها تفاديا للتناقض في إصدار الأحكام على القضايا كل عام على الفروع، ليتأمل القاضي ويرى نظير ما قضى فيه، ومن ضرورة أن يكون لدى الديوان مع توسع فروع منهج واحد وقضايا ثابتة وتبادل للمعلومات بين القضاة في مناطق المملكة، فلا بد من التعاون في المحاكم الإدارية والاستئنافية، لكي لا يشعر الناس بعدم الانضباط بالبت في القضايا. السوابق القضائية واجتهاد القاضي: وأضاف سماحته كون أن القاضي يقرأ ما مضى به في أية قضية لينظر هذه القضية المستجدة وهل لها نظير، فيكتفي فيما بته القاضي الذي سبقه أو يبت فيها إذا لم يجد لها نظيرا، فإن اجتهاد القاضي وتحريه يعينه ويجعل حجته قوية. استخدام التقنية الحديثة: وأضاف سماحته أن ربط الديوان فروعه بطريقة جيدة وباستخدام التقنية الحديثة سيكون العلاج حينها نافعا ومؤثرا، ولا تكون لأحد حجة أو قول، لأن الخصم يبرر موقفه بأية طريقة كانت. باسم الحق والقضاء والعدل والإنصاف أشكر سماحة مفتي البلاد.