يحدث أحيانا أني حين أتحدث إلى أحدهم وينتهي ما وددت قوله ويحين دوره في الحديث أن أشرد بفكري رغم حرصي على التركيز التام والحضور الذهني والتقاط أجمل النقاط فيما نطق. وقد لا يكون سبب الغياب هو مللي أو انشغالي بأمر آخر بقدر ما هو استمتاع بذكرى استفزتها كلمة أو جملة قيلت وسط الحديث. وهو ما حدث مؤخرا وأنا أصغي إلى إحدى زميلاتي وهي تتحدث عن شابة تبوأت منصبا مرموقا بعد أن عملت لما يزيد عن سبع سنوات في الإعداد والتقديم التلفزيوني في أكثر من محطة فضائية، فهي تراها (محظوظة). هذه الكلمة أخذتني بعيدا، فابتسمت واستغرقت في شرودي وأنا أتذكر ما قصته علي والدتي عن الإعلامي القدير سليمان العيسى (رحمه الله)، قالت كثيرا عنه وعن عائلته، لكن ما علق بذاكرتي كان ما يتمتع به من كرم أخلاق وتواضع ونبل، إضافة إلى نقطة أجدها هامة وهي أن هذا الرجل بدأ من الصفر وصنع اسمه بمجهوده ومثابرته وبإرادة لم يخبو فتيلها يوما، ولم يكن ما وصل إليه مجرد ضربة حظ كما قال البعض، فمازلت أذكر جيدا حديث البعض قبل عدة أعوام وسخطهم من اهتمام ومحبة المسؤولين سواء بالإذاعة أو التلفزيون لهذه الشخصية وتقديرهم الكبير لها، ولم يكن السبب في اعتقادهم سوى الحظ الذي ابتسم له دونا عنهم. أخيرا أقول، إن جمال الروح وبر الوالدين ونبل الأخلاق والإصرار على تحقيق الأهداف يجذب الكثير من المزايا التي يهوى المتخاذلون تسميتها ب«ضربات الحظ»، تلك الفئة لا ترى إلا النتائج، فهي لا تملك عقولا تتساءل عن الأسباب أو أرواحا ديناميكية تدفع بهم نحو التغيير. وأختم مقالي باعترافي بالفقد رغم أني لم أحظ بفرصة للقائه، رغم شعوري أني فعلت. وسأفتقد نبرات صوته التي رافقتني منذ الطفولة كغيره من رموز الإعلام، وسينتهي ذلك الارتباط بينه وبين الإعلان عن أي بيان من الديوان الملكي. لكني لن أنسى أثر سيرته العطرة على الجميع. رحمك الله يا أ. سليمان وأسكنك فسيح جناته. [email protected]