الريادة في الأمن السيبراني

بالتزامن مع التطور الشامل والمتسارع الذي أحدثته رؤية 2030 في كل القطاعات داخل المملكة، كان ضرورياً أن يكون هناك تطور مماثل في قطاع الأمن السيبراني، من أجل حماية المصالح الحيوية للدولة، والمحافظة على أمنها الوطني، وسلامة المعلومات المهمة من السطو الإلكتروني، وهو ما نجحت فيه المملكة وبامتياز، من خلال برامج أمن سيبراني متعددة، عمدت إلى تعزيز البنى التحتية الرقمية للقطاع، فضلاً عن تحفيز نموه وتشجيع الابتكار والاستثمار فيه، من نافذة إجراء المزيد من الدراسات والبحوث المتعمقة.
جهود المملكة في قطاع الأمن السيبراني، جعل منها - خلال سنوات قليلة - نموذجاً دولياً رائداً يُحتذى في الإصرار والعزيمة، ما ساعدها في مواجهة التحديات المتصاعدة في القطاع، ومواكبة تطوراته المتلاحقة، والنبوغ في برامجه، وهو ما أثمر عن تحقيق السعودية المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني، وفق الكتاب السنوي للتنافسية العالمية للعام 2024، الأمر الذي يؤكد نجاح النموذج الوطني في الأمن السيبراني، ليس لسبب سوى أنه يعتمد على التعاون الوثيق بين القطاعين العام والخاص، وتبادل المعلومات مع الشركاء الدوليين.
التفوق السعودي في الأمن السيبراني، لم يكن عشوائياً، وإنما ارتكز على استراتيجية شاملة، استهدفت تحقيق التوازن بين الحوكمة المركزية والتشغيل اللامركزي، وبناء القدرات الوطنية، وتطوير الكوادر المتخصصة في تعزيز الأمن السيبراني، شريطة أن تكون هذه الكوادر قادرة على التميز والإبداع، والأهم من ذلك، تعزيز التعاون والتنسيق الدوليين، لمواجهة الصعاب المشتركة، لا سيما مع اتساع الفجوة الرقمية بين المنشآت في دول العالم.
ومن هنا، لم يكن غريباً أن تنجح المملكة في استضافة وتنظيم مناسبات دولية مهمة، ذات علاقة بالأمن السيبراني، كان آخرها وأبرزها المنتدى الدولي للأمن السيبراني الذي أقيم تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، العام الماضي، فيما تستعد لاستضافة مؤتمر «RSA» السيبراني الدولي بمدينة سان فرانسيسكو الأميركية نهاية الشهر الجاري، وفيه تعرض المملكة ملامح تجربتها الخاصة في تطوير قطاع الأمن السيبراني، وآليات تحفيز نمو القطاع، بما يدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية حول العالم، وبناء الشراكات الاستراتيجية مع الجهات الدولية ذات العلاقة.