لم أكتشف حتى هذه اللحظة سبب ولعي بالتدقيق والبحث عن الجوانب الإبداعية والخلاقة في الإعلانات التي تغرق يومي سواء كانت مطبوعة، مرئية أو مسموعة. فحين يظهر إعلانٌ جديد في مداري أجد نفسي أستغرق لدقائق في تفاصيله، وأشعر بطقطقةِ الأسئلة في رأسي. فإن كان مطبوعاً تأملتُ الألوانَ والأشكالَ والعبارات القصيرة التي اختارها المصمم والرسالة التي تحمِلُها، وإن كان مسموعاً أطرقتُ سمعيَ لصوتِ المؤدِّي ونبرَتِه وسرعتِه والموسيقى المرافقة لحديثه، أما إن كان مرئياً فالدائرةُ تتسعْ والحديث يطول. قد تختلف العناصرُ التي تشغَل دائرة اهتمامنا في كل ما يستهدفنا من إعلانات باختلاف الوسيلة الإعلامية، لكنها تلتقي جميعاً عند زاوية الشعور الذي قد ينطفئ بانتهاء الإعلان، أو يلتهب فيحرّض العقل على إطلاق تساؤلات لا حصرَ لها! وأنا هنا لا أتحدث مطلقاً عن تلك الإعلانات التلفزيونية المزعجة التي تلاحقنا بحُلَل جديدة بين الحين والآخر، وتغرينا بالمشاركة في السحوبات لتحقيق أحلامنا حسب زعمهم، وأشهرها ذلك الإعلان الذي كانت تُطِلّ من خلاله امرأة عجوز غاضبة وهي لا تنفك تردد عبارتها الشهيرة بصوت يفلق الصخر وتصرخ: «رسلت إس إم إس»؟!. بل أقصد الإعلانات التجارية والبرامجية التي تجعلني أتساءل، بما شعرت لدى مشاهدتها؟ هل أضحكتني أم أبكتني أم استفزت ذائقتي؟ وهل يروّج المعلن لسلوك أو مبدأ محدد؟ وهل نجح في إيصال رسالته إليّ أم فشِل؟ وما سرُّ اختياره لتلك العناصر بالذات دون غيرها؟ وهل من معاني أخرى تختبئ خلف تلك الهمسة أو ذلك التلويح؟ أعلم بأنك تظن أيها القارئ أني أبالغ قليلاً وأنت تقول باستنكار: «إنه مجرد إعلان»! لكن إن اتخذنا جميعاً جانباً سلبياً واكتفينا بالتلقّي فقط كالقوالب، فما الفائدة من عقولنا؟ أخيراً أقول، لا تتوقع كمشاهد أن يعكس كل «فاصل إعلاني» لبرنامج تلفزيوني جديد جودة ما سيقدم، فقد تصاب بخيبة الأمل بعد مشاهدة إعلان برّاق ومتقن لبرنامج يقال بأنه جماهيري، وتُصْدَم إما بفراغ المحتوى أو عدم أهلية المقدم! [email protected]