تستمر شركة أرامكو السعودية في تحقيقاتها حول قضية تلقى بعض موظفيها رشاوى من شركة «تايكو» الأمريكية، وفيما تحيط تحقيقاتها هذه بسرية شديدة، حاولت «عكاظ» الحصول على حقيقة ما حدث من المسؤولين والمختصين الأمريكيين، وعلى آخر ما وصلت إليه هذه القضية هناك، فالتقت في الولاياتالمتحدة، مساعد المدعي العام الأمريكي للمنطقة الشرقية في ولاية فيرجنيا بيتر كار ل«عكاظ» الذي أكد الاتفاق على تسوية قانونية خارج نطاق الدعوى الجنائية بين وزارة العدل الأمريكية وبين شركة تايكو إنترناشونال وفروعها المختلفة بما فيها شركة تايكو للصمامات في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أنه ونتيجة هذا الاتفاق فإن وزارة العدل الأمريكية لن تتخذ أية إجراءات جنائية أو غير جنائية ضد الشركة وأي من فروعها فى الولاياتالمتحدة، في ما يتعلق بارتكابها جريمة خرق قانون الممارسات الأجنبية للفساد. واعتبر أن ما دفعته الشركة من غرامات والتي تبلغ 26 مليون دولار، أغلق هذا الملف لدى الوزارة طبقا للاتفاق الذي وقعته الوزارة وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC). من جانبه قال الناطق باسم شركة تايكو إنترناشونال في ولاية نيوجرسى برت لوديج Brett Ludwig ل«عكاظ» إن شركته أصدرت طواعية بيانا فور اكتشافها ارتكاب أخطاء في ما يخص قانون الممارسات الأجنبية للفساد، وذلك خلال القيام بالمراجعة الداخلية لدفاتر الشركة، كما أنها اتخذت كل الإجراءات القانونية الموسعة والشاملة والحازمة للتوصل إلى معالجة هذه الأنشطة والأخطاء المرتكبة. وأضاف أن الشركة أخطرت فور اكتشافها الأخطاء المرتكبة، الجهات الحكومية الأمريكية المعنية بهذا الشأن، أي كل من وزارة العدل الأمريكية وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية بما تم اكتشافه داخليا من أخطاء. وردا على سؤال نفى لدويج أن يكون مكتب التحقيقات الفدرالي FBI هو من اكتشف هذه الخالفات، وقال إن شركته تايكو هي التي قدمت اعترافها لوزارة العدل الأمريكة طواعية فور اكتشافها خرق قانون الممارسات الأجنبية للفساد، مشددا على أن مكتب التحقيقات الفدرالي لم يتدخل في هذه القضية على الإطلاق. وحول تاريخ اخطار شركتهم لوزارة العدل الأمريكية بهذه المخالفات قال «إن ذلك تم منذ عدة سنوات فور اكتشافها من خلال المراجعة الداخلية»، ولكنه لم يحدد التاريخ لعدم معرفته بذلك، كما رفض أن يعطي المزيد من البيانات حول تورط شركات لدول أخرى فى المنطقة العربية في تلقيها رشاوى من شركته من أجل الحصول على المزيد من العقود. ونفى أن يكون على علم بأن شركة أرامكو السعودية قطعت صلاتها مع شركة تايكو في التعامل التجاري معها. إلى ذلك أكد المحامى الدولي الدكتور هاني زهدي ل«عكاظ» أن القانون الأمريكي صارم في قضايا التعامل بالرشوة مع الشركات الأمريكية ولذلك يحظر على أي شركة أمريكية أن تدفع رشوة أو تقدم أي هدايا عينية أو مادية مقابل الحصول على منفعة، من قبل أي عضو أو موظف حكومي من أي دولة أجنبية أو من أي شركة أجنبية، وإذا ما حدث ذلك من جانب أي شركة أمريكية فإنها تكون وقعت تحت طائلة جريمة جنائية طبقا للقانون منع ممارسة الفساد مع الأجانب، والذي يعد من أخطر القوانين الموجودة في الولاياتالمتحدة، ولذلك لابد أن تكون الشركة الأمريكية حريصة جدا في تقديم أي منفعة لأي أجنبي حتى ولو كانت هذه المنفعة لا ترقى إلى مقابل مادي. وحول قضية تايكو قال إن الشركة اعترفت بخطئها بعد اكتشافه، وأبلغت السلطات المعنية فورا بذلك طبقا للنظام، ودفعت بناء على ذلك غرامة قدرها 26 مليون دولار لتسوية هذه القضية، مشيرا إلى أن ذلك هو أقصر الطرق بالنسبة إلى الشركات التي تقع في مثل هذا الخطأ للحصول على إغلاق نهائي للملف. وعن موقف شركة أرامكو التي ورد اسمها في تلقي الرشوة من خلال اعتراف شركة تايكو بذلك أمام القاضي الأمريكي كلود هيلتون في 24 سبتمبر الماضي، قال إن أرامكو لا يمكن مقاضاتها في الولاياتالمتحدة بسبب اعتراف تايكو بأنها تلقت رشاوى قدمتها تايكو لها، ولكن يمكن مقاضاتها في المملكة، لأن الحكومة الأمريكية ليس لها أي سلطة أو رقابة على أرامكو، ما لم تقم أرامكو بارتكاب مخالفات لها في الولاياتالمتحدة. وتابع أنه في أعقاب تسوية كهذه مع شركة تايكو تتولى الحكومة الأمريكية بإبلاغ الحكومة السعودية بما تم من مخالفات وقعت فيها تايكو مع أرامكو وذلك لاتخاذ الإجراءات المناسبة حيال من حصلوا على الرشوة. وأضاف «قد يكون بعض موظفي أرامكو وقعوا في مخالفات قانونية في هذه القضية، ولأن شركة تايكو قبلت بتسوية نهائية لكل المخالفات بما في ذلك المخالفات التي ارتكبتها أرامكو عند تلقي موظفيها رشوة، لن يكون لشركة أرامكو أي موقف قضائي في ما يتلعق تحديدا بهذه القضية في الولاياتالمتحدة». وحول تغيير فرع من شركة Tyco ليكون تحت اسم «Pentair» قال الدكتور زهدي: عندما تتهم شركة بقضية مثل ما حدث ل«تايكو» وتعترف الشركة بوقوعها في الخطأ ثم تدفع مبالغ ضخمة لهذه المخالفات، فإن اسمها يكون قد مسته السمعة السيئة أو مسه التلوث، لذا فإنه في معظم الأحوال تعمل الشركة على التخلص من اسمها القديم وتستبدله باسم جديد حتى يعطي انطباعا للمستهلك أو العميل بأنه يتعامل مع شركة جديدة أو مع شركة لها اسم غير ملوث. وأضاف «كما أن تغيير الاسم هو عملية معروفة في عالم ممارسات الأعمال عندما يصبح الاسم القديم غير مرغوب في بقائه وذلك للإبقاء على قيمة سوقية مرتفعة لأسهم هذه الشركة أو أن تكون هذه القيمة السوقية لأسهمها غير مؤهلة للتدني بسبب احتفاظها بالاسم الملوث بسوء السمعة لهذه الشركات. وردا على سؤال حول أن «تايكو» رفضت التعليق على إعلان شركة أرامكو أنها قطعت علاقاتها معها قال إن الشركة التي ارتكبت هذه المخالفة هي شركة فرعية للشركة الأم في سويسرا، ورغم مسؤوليتها عن شركاتها الفرعية، إلا أنها ليست هي الشركة التي ارتكبت هذه المخالفة حيث أن كل شركة فرعية من شركات تايكو الأم لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة. ولذا فمن الممكن أن تصرح أرامكو بأنها ألغت أي تعاقدات لها مع شركة تايكو، لكن لأن كل شركة فرعية لها شخصية اعتبارية مستقلة، فهذا لا يمنع من التعامل مع بعض الشركات الفرعية التي تتبع تايكو في سويسرا الأم. وشدد في الختام على أن الحكومة السعودية تعمل في مجال مكافحة الفساد والرشاوي منذ سنوات طويلة وأنها من الدول التي لها قواعد صارمة للتصدي لهذه الآفة، كما أنها مصنفة عالميا في مقدمة الدول التي تحارب الفساد والرشوة وتضرب بشدة على مرتكبي هذه الجرائم، ولكن من الوارد أيضا أن يكون هناك بعض المنحرفين وضعاف النفوس الذين لا يقدروا أنهم يقومون بعمل يضر ببلادهم، لذا لابد من الحرص الشديد في التعامل مع ممثلي الشركات الأجنبية.