بعد الحولة ودرعا وباب عمرو ودير الزور يحط الجزار رحاله في داريا، فهل هو سباق في تعداد المجازر أم أنه سعي من الجزار نفسه لتسجيل رقم قياسي جديد في عدد القتلى والضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ. داريا نامت بدمائها بعد المجزرة البشعة التي ارتكبتها كتائب الأسد القاتلة، لكن العالم لم يستيقظ على هول هذا المشهد، هل هو اعتياد على مجازر الأسد وجرائمه أم أنه صمت العاجز عن المساعدة والغوث والنصرة، أم أنها شراكة كاملة بالجريمة حيث يتعدد المجرمون وتختلف الأقنعة. كل الموبقات السياسية والعسكرية والأمنية ارتكبها نظام بشار الأسد من الكذب على الناس وقتل الأبرياء الآمنين في منازلهم وصولا إلى مسلسل المجازر المتنقلة تارة بسكاكين جزاريه وطورا بطائراته النفاثة والمروحية التي لم تخض يوما حربا إلا على شعبها. فهي اعتادت على تجاوز الحدود، بل حقل رمايتها لطالما كان في حماه بثمانينات القرن الماضي وفي حمص وأعزاز وحلب ودمشق وريفها في الأيام القليلة الماضية والكثيرة الآتية. كل ما يحصل لا يشكل استغرابا، كون هذا النظام اعتاد وعود الجميع على جرائمه، لكن ما يثير الاشمئزاز والتعجب هو الصمت الدولي تجاه ما يحصل. فبأقل من هذه الوحشية حشدت الجيوش بوجه معمر القذافي، إلا أن ما ارتكبه ويرتكبه وسيرتكبه بشار الأسد فوق كل الشرائع والقوانين حتى يتساءل الإنسان: هل يريد العالم رحيل بشار أم رحيل الشعب السوري ؟ بعد كل تلك المجازر وفي محطتها الأخيرة في داريا على العالم أن يدرك أنه لا منزلة بين المنزلتين، فالعالم يجب أن يختار أهو مع بشار الأسد أم مع الشعب السوري ؟ وإن كان الخيار بشار فالصمت الذي يمارس أفضل داعم له، فيما إن كان الخيار هو الشعب السوري فإن المطلوب واحد وهو تمكين هذا الشعب من الدفاع عن نفسه، تمكينه من مواجهة الطيران الحربي وتمكينه من رد عصابات القتل والوحشية، فداريا ما ارتكبت فيها المجزرة إلا بعد نفاذ ذخيرة الجيش السوري الحر . إنها لحظة الحقيقة أمام العالم، إنها لحظة المواجهة أمام الضمير الإنساني. فصمت العالم غذاء للنظام وتخاذل تجاه الإنسانية وسيفتح ممرا لشريعة الغاب، على العالم أن يهب للدفاع عن نفسه، عن قيمه، عن مستقبله في سوريا، فهل من مستجيب ؟.