الموائد الرمضانية في المسجد النبوي الشريف تاريخ وعراقة وكرم وتسابق على فعل الخير في موقع مقدس، الأجر فيه مضاعف، سفرة الإفطار عادة جرى التنافس فيها بين أهالي المدينة، وتمسك بها الأبناء بعد الآباء لدرجة أن بعض الموائد المعدة للإفطار تبلغ من العمر نحو 50 عاما. إنها أكبر الموائد في العالم، وتكتمل روعة منظر الصائمين بجلوسهم جنباً إلى جنب على الموائد الرمضانية داخل وخارج المسجد النبوي الشريف بجميع جنسياتهم وألوانهم، لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، وقد جمعتهم الوحدة الإسلامية العظيمة لتجسد أروع صور التلاحم والانتماء إلى هذا الدين العظيم، وهم يشاركون بعضهم الإفطار في المسجد النبوي، وفي هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك، ولأداء الصلاة بخشوع في هذا المكان الطاهر تحفهم السكينة والطمأنينة. يقول أحد فاعلي الخير ممن دأبوا على هذا العمل لمدة تجاوزت العشر سنوات: إن الموائد الرمضانية تعتبر تراثاً تاريخياً قديماً وصل للأبناء والأحفاد بعد وفاة الآباء والأجداد تتوارثها الأسر المدنية، ويمتد تاريخها إلى عشرات السنين وتكون في نفس المواقع، كما إن الصائمين على اختلاف ألوانهم ولغاتهم يجتمعون في هذه الأجواء الإيمانية البهيجة حول سفر الإفطار المنتشرة بكثرة في أرجاء المسجد النبوي التي ترسم لوحة إيمانية بديعة تعكس وحدة المسلمين. وأضاف، جرت العادة في كل عام أن تختار عائلتنا موقعا محددا في الحرم النبوي الشريف مع إعلان دخول شهر رمضان؛ حيث نوزع العمل فيما بيننا بإحضار إفطار لخمسين شخصا يوضع على السفرة، وبعد الانتهاء من إعداد وتجهيز السفرة نتوزع على بوابات المسجد النبوي الشريف لإحضار خمسة من المصلين والزوار لمشاركتنا تناول طعام الإفطار على سفرتنا. منوها إلى أن العادة جرى التنافس فيها بين أهالي المدينة، وتمسك بها الأبناء بعد الآباء، حيث يتعهدها جيل بعد جيل، حتى إن بعض السفر عمرها أكثر من خمسين عاما. ويشير أشرف سلطان أحد الداعمين للسفر الرمضانية في الحرم النبوي الشريف إلى أن هناك مجموعات تطوعية تسعى إلى دعم السفر الرمضانية وخاصة تلك السفر التي يموت القائم عليها، أو يتعرض لبعض الظروف القاهرة، أو تدفعه الظروف للسفر خارج المدينةالمنورة ويعجز القائم على توفير الإفطار فيها. ويؤكد سامي الحربي أن الجميع يرغب في التشارك في أجر تفطير الصائم في الحرم النبوي الشريف، وأن هناك رسائل نصية انتشرت على بعض برامج المحادثة تدعو إلى الاتصال بها من أجل دعم السفر الرمضانية، وهو ما نتج عنه دعم بعض السفر هذا العام 1433ه. وفي الجانب الآخر ما زال عدد من مقدمي الإفطار في الحرم النبوي الشريف يتمسكون بسفرهم منذ عشرات السنين، ومن هؤلاء عبدالسلام الحارثي والذي يملك سفرة في التوسعة الشرقية للحرم النبوي منذ العام 1412ه. ويذكر الحارثي أن تاريخ سفرته يعود إلى الافتتاح المبدئي للتوسعة الشرقية، حيث قام بحجز مكان السفرة في ذلك الوقت الذي لم يكن الحرم يزدحم كما هو عليه الحال.