الدرس الأهم الذي يجب أن يعيه ويدركه جيدا كل مسؤول تشرف بتقلد المنصب، أن عهد ترحيل الأخطاء والإهمال، دعك من اختلاق المبررات الواهية، قد أزف وما عاد خشبة الخلاص، فمتابعة المنجزات والمشاريع على مرأى وترقب من خادم الحرمين الشريفين شخصيا وبعيون ومشاعر الأب الحاني على شعبه الحريص على مقدراته، وبكلمة أدق بأياد أمينة، من جديد لم يعد كرسي المسؤولية وثيرا ومغريا، وأزعم -وهذا المفترض- أنه ليس هناك من يتطلع أو يطمح ولنقل (يطمع!) لتسنم المسؤولية إلا من يتوسم ذاته وبما لا يدع مجالا للشك بأنه جدير بها، وأهم أبجديات الجدارة هاهنا النزاهة وحسن القصد والطوية، فالجلوس بمنأى عن المنصب بات أفضل بكثير من مغبة (الإعفاء) وتداعياته.. ثمة درس إداري محض (ملهم من لدن خادم الحرمين الشريفين) لا يمكن إلا أن نتوقف عنده مليا والاستفادة منه، وأخص كل من تقلد شرف زمام المسؤولية أنه لا جدوى من توزيع الأخطاء والتقصير هنا وهناك فلا منجى من التبعات، وبكلمة أوضح لا مناص من إصلاح وتقويم الجهاز والقائمين عليه، فمسألة أن مثالبهم وأخطاءهم تخصهم واستتباعا تطالهم وحدهم غير واردة فمردها (مرمى) المسؤول الأول لأنه لم يحسن التدبير بتقويم هذا الموظف واستطرادا لم يعاقب أو حتى يكف يد إهمال وتسيب ذاك وبالنتيجة تتراكم الأخطاء، فتتمخض عنها خطايا وربما كوارث وحسب قول المتنبي (ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام). وقبل أن نختم، تجدر الإشارة إلى أن من جملة الدروس الإدارية المهمة لهذا المنحى وإن شئت الموجبات هو تقليص المحسوبيات وغيرها من سلوكيات مقيتة لطالما عشعشت في ردهات بعض كي لا نقول جل منظومات العمل وعاثت بها فسادا مقيما.. كيف تنحسر وتتقلص؟ بحكم أنها أخطر تجليات الفساد بمختلف تضاعيفه فالانسياق بمنعطفاتها أو حتى مجرد التعامي عنها يجر المسؤول للوقوع في براثنها من حيث يدري أو لا يدري التي قد تصل لإعفائه من منصبه وبمقتضاه فلا مجال للمجاملة أو الإغفال والإغماضة ولا مكان للتقاعس والإنكفاء، (فالفاتورة) مكلفة وتبقى النزاهة وحسن الطوية والإخلاص الهدف والغاية الأسمى لكل من يتشرف بتسنم المسؤولية.. نختم بالقول صحيح أن تقلد المناصب لم يزل يبعث على الاعتزاز والغبطة، لكن الأصح والأكثر غبطة وإكبار النجاح في الموقع وملؤه تفان وعطاء ولا أقل من التعلم واقتناص العبر. [email protected]