افتتح هذا الأسبوع أكبر معارض الطيران الدولية في مطار «فارنبرو» الذي يقع على بعد 55 كيلومترا باتجاه جنوب غرب لندن. وهو يمثل أهم تجمع لقوى الطيران التجاري والحربي في العالم. ويتم الإعلان خلال هذا المعرض عن آخر مستجدات عالم الطيران، ومن جانب تتباهى الشركات المنتجة الكبرى ببيع طائراتها، ومن جانب آخر تتباهى بعض الدول وشركات الطيران بالإعلان عن عقود الشراء الكبرى. ومن النادر أن تجد صفقات بالملايين، فاللغة الرقمية هنا وحداتها بليونة ضخمة. يعني ألف مليون دولار وطالع. كلها أرقام مخيفة تعكس النمو الهائل في عالم الطيران التجاري الذي يقدر حجمه بحوالى 4470 بليون دولار خلال العشرين سنة القادمة. يعني لا مؤاخذه 4.47 ترليون دولار. وهذا رقم يحتاج وقفة تأمل لأنه يعادل حوالى أربعة أمثال إجمالي دخل البترول العالمي السنوي. وهناك حاجة كبيرة لإشباع الطلب الهائل على الطائرات والتي تقدر بحوالى 34000 طائرة خلال العشرين سنة القادمة. وهذا يفوق عدد سيارات الليموزين «الكامري» العاملة في جدة والرياض. وخلال هذا الحدث يشهد العالم أحدث تطورات المعارك الضارية بين شركتي «بوينج» الأمريكية و «إيرباص» الأوروبية وهما الأكبر والأكثر في مبيعات الطائرات التجارية، والأشد في التنافس. كل منهما لديها رؤية وفلسفة مختلفة تدعي أنها الأفضل والأكثر دقة. وخلال هذا العام تنعكس في الطرازات «الجديدة» التي طرحتها وهي بالأصح طائراتها «المطورة». من الجانب الأوروبي نجد الإيرباص «نيو» وهي من طراز 320 الأكثر مبيعا التي وصل عمرها إلى حوالى ربع قرن. تم تحديث محركيها وجناحها لتطير بفعالية اقتصادية أكبر. ولم يتغير «الأنبوب» أي مقصورة الركاب. وأما البوينج فأحدث طائراتها هي «ماكس» وهي عبارة عن تطوير لطائرتها الأكثر مبيعا وهي من طراز 737 التي وصل عمرها إلى حوالى خمسين سنة. وقد طورتها بنفس فلسفة الإيرباص: تم تحديث محركيها وجناحها لتطير بفعالية اقتصادية أكبر بدون تغير «الأنبوب» أي مقصورة الركاب. معركة «نيو ماكس» هي الأشد ضراوة في عالم الطيران التجاري لأن الشركتين تتنافسان على سوق ينمو بوتيرة سريعة. وخلال كتابتي لهذه الكلمات كان المجلس البلدي في مدينة «رينتون» في ولاية واشنطن حيث يتم تصنيع البوينج 737 الجديدة يناقش إمكانية تيسير إمكانيات توسعة المصنع لزيادة إنتاج المصنع ليصل إلى أكثر من خمسين طائرة شهريا خلال الخمس سنوات القادمة. المدينة بأكملها متحمسة للطائرة لأنها ستوفر الوظائف والدخل للاقتصاد المحلي. والطريف أيضا أن شركة بوينج استعانت بشركة «شينجي جوتسو» اليابانية لتقديم المشورة الهندسية للعجلة في سير خط إنتاج الأجنحة. وللعلم فهذه الشركة اليابانية تقدم المشورة لتصنيع سيارات تويوتا في اليابان. أمنية شعرت بالحزن على أوضاع الطيران في وطني خلال متابعتي لأخبار هذا المعرض المهم. وتحديدا لحدثين أولهما هو الدور الريادي الذي تلعبه شركات الطيران الخليجية الشقيقة في تشكيل تقنيات الطيران، لأنها تأسست «بالأمس» : طيران الإمارات التي تأسست عام 1985م هي أكبر مشغل لطائرات البوينج 777 في العالم. وهي أيضا المشغل الأول لطائرات الإيرباص العملاقة 380 وكانت المحرك الأساس في تدشين ذلك الطراز الأكبر حجما في عالم الطيران التجاري. ومن جانب آخر نجد أن الخطوط الجوية القطرية التي تأسست عام 1993م تلعب الآن دورا كبيرا في إطلاق طراز الإيرباص 350 الجديدة بالكامل. أين خطوطنا «السعودية» من هذه المبادرات العالمية؟. وأما الحدث الحزين الثاني فهو تطور الطائرات ذات التحكم من بعد فقد أصبحت صناعة الطائرات الإسرائيلية ضمن الرواد في هذا المجال المهم في الحرب والسلم، علما بأنها بدأت بالاستثمار فيه منذ أقل من ربع قرن فقط. أين علوم وتقنيات العالمين الإسلامي والعربي من كل هذا ؟.. أتمنى أن ندرك أن هناك دروسا كثيرة ممكن أن نتعلمها من هذه التطورات. ومنها تطويع التقنيات والقوة الاقتصادية لخدمة البشر في الجو وعلى الأرض. والله المستعان. وهو من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة