«أكراد مظلوم لو» .. هذه العبارة يعرفها السوريون جيدا، إذ لا تمضي في حديثك مع شخص كردي أكثر من خمس دقائق حول الشأن العام في سورية حتى تسمع هذه العبارة، كإشارة إلى ملخص حال الأكراد في سورية. في ثنايا هذه العبارة تراكمات اضطهاد طويلة يعيشها الأكراد منذ عقود، هذه التراكمات التاريخية خلفها النظام البعثي بشقيه السوري والعراقي، والعنصرية الإيرانية، والصراع السياسي في تركيا. حيث يعيش الأكراد في هذه الدول. عقدة الشخصية الكردية، تكمن في شيء اسمه الدولة التي وعد بها في معاهدة سيفر 1920 ولم تر النور، لكن للأسف من يرى حال الدول في الشرق الأوسط الممزقة وسط رياح الربيع العربي يشمئز من فكرة قيام الدولة، لكن بعض «المسطحين» المتحمسين من أكراد سورية مازالوا يحلمون بتلك الدويلة حتى لو كان ذلك على حساب كل التوازنات الإقليمية. في كل هزة شرق أوسطية، تظهر طموحات الأكراد في إقامة «الدويلة»، حدث هذا في 1984 في تركيا حين خاض حزب العمال الكردستاني مواجهة مع الدولة التركية، وفي العراق بعد حرب 2003، والآن يحدث في سورية التي تخوض ثورة غير معروف إلى أين تسير.. فبعض القوى الكردية وحتى المثقفين حملوا على عاتقهم مسؤولية الفيدرالية الكردية، كغنيمة من الثورة السورية، وهذا ما حدث من بعض الاعتراضات على وثيقة العهد الوطني، إذ طالب البعض أن تتضمن هذه الوثيقة كلمة «الشعب الكردي»، وليس القومية الكردية، وهي عبارة ملغومة يمكن الارتكاز عليها فيما بعد في فكرة الفيدرالية الكردية على الطريقة العراقية «إقليم كردستان» مع فارق التشبيه. إن توجه بعض أكراد سورية إلى نزعة الفيدرالية، لا يعكس توقهم إلى إقامة «الدويلة» الموعودة، أو على الأقل الفيدرالية، بقدر ما يعكس عدم القدرة على التعايش مع القوميات الأخرى، ففي كل مرة تؤكد المعارضة أن حل القضية الكردية وحقوقهم السياسية والعرقية تكون ضمن إطار الدولة، إلا أنهم لا يرون في ذلك خيرا. ربما يحتاج الأكراد إلى إعادة قراءة نيقولاس مكيافيللي في كتاب «الأمير»، الذي آلمه ما شهدته روما من انقسامات وجمهوريات صغيرة، واتجه إلى كتاب سياسي ذائع الصيت، يوصف فيه مهمة الحاكم أولا في الحفاظ على الوحدة، لكننا لم نقرأ في ميكافيللي إلا « الغاية تبرر الوسيلة» وهي أسوأ دروس السياسة.