تظل القوانين التي يسنها بنو البشر عرضة للصواب تارة وللخطأ تارة أخرى لأنها مجرد اجتهادات قد تكون مبنية على معطيات منطقية وقد لا تشكل سوى معادلات أو (طبخات) ربما تكلف المبالغة في تحضيرها موجة من الدخان ورائحة (الشياط). في عام 1419ه احتفلت المملكة (بالمئوية) وذلك بمناسبة مرور مائة عام على دخول صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه مدينة الرياض وقد أقيم ضمن فعاليات الذكرى الغالية مسابقة في كرة القدم سميت بكأس المؤسس، وبغض النظر عن تفاصيل تلك المسابقة فإن قرار إقامتها كل (قرن) أمر يدعو للاستغراب وربما الحيرة ! وبالرغم مما تحمله المسابقة من دلالات ومعاني عظيمة لأبناء هذا البلد المعطاء فإن برمجة إقامتها كل عشرة عقود وبطريقة (مرة في العمر) أمر يحتاج إلى دراسة وإعادة نظر وذلك لعدة أمور جوهرية نذكر منها: أولا: إن المحطات والأحداث المهمة والمفصلية في تاريخ أمتنا تحتاج إلى تذكير واستحضار دائم يهدف إلى استنباط المعاني العظيمة والدروس البليغة لأجيالنا المتعاقبة دون الرضوخ إلى فاصل زمني طويل (اعجازي) يستحيل تكراره. ثانيا: إن استئثار ناد دون آخر من أندية الوطن بلقب غال على نفوسنا جميعا ولفترة (خيالية) من شأنه تفويت الفرصة وحرمان باقي الأندية من شرف الحصول على هذه البطولة وبقاء كل هذه الأندية وأنصارها تحت وطأة (دندنة) ناد واحد إلى مالا نهاية. ثالثا: لا اعتقد أنه يوجد على سطح الكرة الأرضية الرياضية أي مسابقة تقام كل مائة عام ناهيك عن احتسابها ضمن إنجازات فريق ما وهي لا توفر أدنى مراتب تكافؤ الفرص من ناحية تدوير المسابقة في فترة معقولة تناسب أعمار بني آدم. وبما أن تقويمنا الهجري مطرز بالكثير من الأيام والأعوام المضيئة التي يزخر بها تاريخ هذه الدولة الفتية، نذكر منها مثلا تاريخ فتح الأحساء 1331ه، ضم عسير 1338ه، فتح مكة 1343ه، تسمية المملكة العربية السعودية 1351ه، وكذلك تواريخ مبايعة ملوك هذه البلاد لتولي سدة الحكم فإني أرى ومن هذا المنطلق أن يتم حصر هذه التواريخ واختيار المميز منها لإقامة المسابقة فيها وتحت الاسم الحالي (كأس المؤسس) مما يعطي صبغة الاحتفالية على مدار القرن ويضمن إحياء كل إنجاز عملاق وضع لبنته وأرسى دعائمه الملك عبدالعزيز يرحمه الله ،وبالتالي يتحقق الهدف الأسمى لهذه المسابقة والذي يتجاوز بكثيرالهدف (المبهم) من جعل المسابقة كأسا محفوظة في خزينة واحدة فقط وللأبد.