في أول الميزان من كل عام تشهد المملكة اجازة وطنية تتسم باحتفالات متتالية في جميع مناطق المملكة لأنه مفيد وضروري ان ننعش ذاكرة أجيال جديدة من حقها ان تعرف ان اختيار اول الميزان لم يأت بالصدفة وانما لان هذا اليوم شهد مولد المملكة العربية السعودية على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز في 21 جمادى الاولى 1351ه الموافق 23 سبتمبر 1932م والتي غيرت وجه شبه الجزيرة العربية بل وجه منطقة العالم العربي بأسره. اذن فأول الميزان تجسيد لمعاني الوحدة والمشاركة ففيه تجسد الكثير من معاني الاسلام الاجتماعية والانسانية.. ففي اطار الاحتفال به تتقارب القلوب على المحبة، حقاً شيء مثير للمشاعر الوطنية النبيلة التي تشمل الوطن بكل ارجائه في يوم أول الميزان ان نقول بصوت واحد متحد مرددين قول الشاعر غازي القصيبي رحمه الله (بلى نحن الحجاز.. ونحن نجد) ومؤكدين بأن طريقنا واحد لاننا ننتمني الى ارضنا الغالية فتلازمنا، وتراحمنا وتقاربنا على طريق واحد هو طريق حب الوطن في مناسبة اشراقة أول الميزان ذكرى التأسيس. لذلك يحل أول الميزان ليذكرنا بمولد المملكة العربية السعودية في عام (1932م) التي ادت الى توحيد أراضي شبه الجزيرة العربية في نظام سياسي موحد جديد معترف به من دول العالم، كما ان هذا التوحيد يعتبر مرحلة من مراحل التطور السياسي في التاريخ العربي الحديث. يوماً بعد آخر ستظل ذاكرة الامة جيلاً بعد جيل حية متجددة تربط بين الأمس واليوم والغد في سباق وطني متواصل ومتدفق وكأنها صفحة مفتوحة تسجل بأمانة عطاء كل جيل وللدروس المستفادة من انجازه. ويمضي أول الميزان في مسيرته وانجازاته وعطائه فتجد الحديث عنه حديثاً ذا شجون.. وهو حديث تتجاوز ادواته القلب والعاطفة الى الفكر والعقل.. فتبرز أمامنا صورة لدولة كان قدرها العظيم ان تحمل ميراث النبوة، وان تكون حامياً لحمى اقدس رسالة واطهر ارض وأحب بلاد الله الى الله، ولم يكن غريباً اذاً ان يكون شعارها الذي يتوج علمها هو اول اركان الاسلام (لا إله إلا الله محمد رسول الله). لذلك تتحدث المملكة عن نفسها في أول الميزان من كل عام مؤكدين جميعاً بأن الوطن تجليات واشراقة أمة مؤكدة وبكل افتخار في احتفالنا هذا العام بأن حب الوطن من الايمان وان الولاء والانتماء لله اولاً ولعقيدة الايمان ومن هذه العقيدة تنبثق حقيقة الولاء والانتماء للوطن. ففي ضوء هذا الايمان العميق بحب الوطن تحس بأن الوطن ونحن نردد قول الشاعر (بلى نحن الحجاز.. ونحن نجد، وأن دربنا واحد، كلمة تعجز الكلمات والأناشيد الشعرية عن تعريفها بمفهومها اللغوي والمعنوي لانها كلمة تتجاوز البيئة الجغرافية والاجتماعية فتعكس تجليات واشراقات المجتمع بعناصره المتعددة لتؤكد ان الوطن هو ذلك المكان الذي نحن منه ونولد على أرضه وتنفس هواءه، ونشرب مياهه ونتعلم منه مما يجعل له حقاً بل له حقوق علينا. لذلك فإن أول الميزان دعوة لحماية الهوية والانتماء والولاء للوطن، وانه يجب علينا كافة أن نقف كمنارة ثابتة، صانعة توهجاً متجدداً واستنارة فكرية في نسيجه تحوله الى قوة دافعة للأمام. ان دور الأمة بكل فئاتها ومؤسساتها الرسمية والتعليمية وقطاعات الأعمال وقنوات الإعلام المختلفة بل كل المؤسسات التي لها القدرة على الالتحام بالواقع الجماهيري لفتح آفاق المشاركة المجتمعية في احتفالية اليوم الوطني لتعمق (حب الوطن) لتجسد قيماً تكون رمزاً حقيقياً (لحب الوطن). باختصار شديد وموضوعي اقول ان احتفالية اليوم الوطني من أجل ترسيخ جذور الهوية وتعميق الانتماء والولاء للوطن هي القدرة على ترسيخ القيم الأصيلة لحب الوطن من خلال السلوكيات والافعال التي تصدر عن أفراد الأمة.. والتي يجب أن تعلي من قيم الانتماء والولاء ونبذ قيم الفرقة (الشر).. وتؤكد القيم الايجابية في مواجهة القيم السلبية. خلاصة القول فإن الاحتفال باليوم الوطني في أول الميزان.. يهدف الى توطيد دعائم الهوية والانتماء والولاء والبعد عن النزعة الذاتية التي تشكل عائقاً اساسياً الى روح المواطنة الاصيلة التي سترفع عملية العمل والتطور وتحمي الأمن والاستقرار الوطني. رددوا معي اذا سمحتم في هذا اليوم المشرق ان طريقنا واحد.. وأن دربنا واحد، لنعبر بذلك ان وطننا تمتزج فيه الالوان بالأطياف في تناسق بديع، وسوف نسلمه لأجيالنا التالية بنفس التناسق والتكامل تأكيداً لشيء عظيم اسمه (الوطن) شعاره الجميل هو : (بلي نحن الحجاز .. ونحن نجد).