كان طموح الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- أكبر من أن يعتقد أحد الإحاطة به. وما نستشعره من سيرته العطرة لا يحصى فهو لم يكن يهدف من استعادة الرياض إلى استعادة ملك آبائه وأجداده فقط. وقد كان -يرحمه الله- على علم ودراية بالحالة العامة في الجزيرة العربية في معظم أجزائها، فلم تكن هناك أي هوية أو وحدة سياسية مع عزلة اجتماعية مهلكة وفقر وفاقة شديدين، وغياب تام للأمن، وشعور مطلق بالخوف، وما قرأناه وما سمعناه من شهود من الآباء والأجداد لا يتسع المقام لحصره، ويكفي القول: إن «الخارج من داره لأي غرض مفقود والعائد إليها مولود» فالغارات على المدن والقرى وبين القرى والقرى والبادية وعلى عابري السبيل هي الحدث المتصل. وفي ظل هذه الظروف قيض الله صقر الجزيرة فقاد عملية توحيد ثلاثية الأبعاد والمنطلقات، ليس لها مثيل في العصور الحديثة. والمقصود بذلك: توحيد الله وجمع الناس على كلمة «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وهذا هو المنطلق الأول، وتوحيد أجزاء الوطن ثانيًا وتوحيد القلوب والتآلف بين أبناء الوطن لصهرهم في هوية وطنية واحدة ثالثًا. وكان فجر الخامس من شوال عام 1319ه هو يوم شروق شمس الجزيرة وبداية تبدد الظلال، وينبغي أن يُحفر هذا اليوم بأحرف من نور في قلب كل مواطن سعودي؛ لأنه بداية الإعلان عن انتهاء حقبة الظلم والخوف والجوع المرض والفوضى والاضطراب التي كانت تعيشها الجزيرة العربية، وبداية الإعلان عن الميلاد الجديد للدولة العربية السعودية التي تقوم على الحق والعدل. ومعلوم أن هذا الفتح لم يكن بالأمر الهين فقد جاء من بعد رحلة كفاح طويلة ومضنية من الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصين على قلتهم. أمضى الملك عبدالعزيز رحمه الله أكثر من ثلاثين عامًا في توحيد أجزاء هذه الدولة المباركة وبناء دعائمها وأركانها، حتى الإعلان التاريخي عن قيام وتأسيس المملكة العربية السعودية عام 1351ه. واعتبار يوم 23 سبتمبر من كل عام هو اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية بعد ان خاض عددًا كبيرًا من المعارك مع رجاله الأوفياء ومدلولات ومعاني وعبر هذه الذكرى العظيمة (اليوم الوطني) يجب أن نستلهم منها العزة والوحدة والرفعة والأمن والأمان وعظمة هذا الكيان. وينبغي على كل مواطن ومواطنة أن يحتفي بهذا اليوم بما يليق به، وأن ننقش ذكراه في عقولنا وقلوبنا وأن ندعو الله بدوام هذا الكيان الذي يظلنا جميعًا. ومما مكن الملك عبدالعزيز من تحقيق أهدافه وطموحاته بعد توفيق الله: عبقريته الفذة وحسن خلقه وتعامله مع القريب والغريب. فكل من قدر له مقابلة الملك العزيز من عامة الناس أو الوفود أو القادة، يشهد له بدماِثة الخلق والفراسة وحدة الذكاء وكرم الضيافة وإغاثة الملهوف ونصرة الضعيف والجرأة في الحق والقوة والحزم على الظلم والجور، والهيبة وعلو الهمة في غير تكبر، والتبسط مع العامة في غير تصنع... وهذه الأمور أقر بها العدو قبل الصديق. ومما مكنه، أيضًا يرحمه الله، وضوح أهدافه وتحديد أولوياته التي يطمح لتحقيقها، وفيما يلي أبرز المعارك التي خاضها من أجل التوحيد:
المعركة السنة الطرف الاخر فتح الرياض 1319ه قوات ابن عجلان الدلم 1320ه قوات عبدالعزيز المتعب الرشيد البكيرية 1322ه قوات عبدالعزيز المتعب الرشيد الشنانة 1322ه قوات عبدالعزيز المتعب الرشيد روضة مهنا 1324ه قوات عبدالعزيز المتعب الرشيد الطرفية 1325ه قوات سلطان الحمود الرشيد ومحمد بن عبدالله ال مهنا الإحساء 1331ه الحامية التركية بقصر الكوت جراب 1333ه قوات سعود العبدالعزيز الرشيد كنزان 1333ه قوات قبيلة عجمان تربة 1337ه قوات الاشراف حجلا 1338ه قوات حسن بن عائض حرملة 1339ه قوات حسن بن عائض السبلة 1347ه قوات الاخوان أم رضمة 1348ه قوات الاخوان جازان 1351ه قوات الحسن الادريسي