إن الحالة النفسية والسلوكية غير الطبيعية وإن كانت تتحقق في الأفراد، إلا أنها في حال التكرار على نطاق مجتمع تعتبر ظاهرة، ويوصم بها المجتمع أيضا كحالة مرضية. وتراكم أي أعراض سلوكية لتلك الحالة يحتاج إلى قراءة، يمكن من خلالها تفهم المواقف العامة للأفراد في مجتمعاتهم، ومحاولة التبرير لسلوكياتهم، لأنهم حينها يعبرون عن حالة انسياق لا واعي للتيار العام، ويسقط شكليا حق محاكمتهم أخلاقيا أو اتهامهم بتلك الحالة المرضية لأنها لا تحدث عن إدراك ووعي كامل بما هم فيه، وفي مصر حاليا يستغرب الثوار فوز أحمد شفيق في المرحلة الأولى من الانتخابات، كونه احتمالا لم يكن متوقعا بعد الثورة التي وضعت أحمد شفيق رمزا من رموز النظام السابق الذي تم إسقاطه. وحالة الحرية والتغيير التي تعتري أي مجتمع تصدم دائما بوجود أنماط سلوكية اجتماعية ترفض التغيير وتحاول العودة إلى حالة الاستقرار التي تعتقده قبل التغيير . بل ربما تتجاوز ذلك إلى الدفاع عن الفترة السابقة وإيراد العديد من المبررات التي تؤيد بها رغبتها وترفض بها التغيير . هذا ما يسمى في مقاربة سلوكية نفسية بمتلازمة ستوكهولم. المتلازمة اسم طبي يطلق على مجموعة من الأعراض المصاحبة لحالة أو ظاهرة مرضية. ومتلازمة ستوكهولم نسبت إلى حادثة وقعت في السويد عندما قام عدد من المجرمين بالسطو على أحد البنوك هناك، وخلال عملية السرقة احتجزوا لمدة ستة أيام عددا من الرهائن الذين أبدوا تعاطفا مع المجرمين وصل إلى حد الدفاع عنهم بعد إطلاق سراحهم. هذه المتلازمة تنطبق على حالة المجتمع الذي يظل لفترة طويلة تحت القمع والاستبداد ويتعود عليه كواقع يومي ويجد لنفسه طرقا ووسائل تساعده على العيش مع استمرار وجوده . وحين يطمئن الضحية إلى الجاني ويجد في وضعه معه معادلة من الاستقرار الوهمي الذي قد تخربه محاولة الإنقاذ ويؤدي إلى نتائج أكثر ضررا كالموت. فمن الطبيعي أن يفضل البقاء معه في مصالحة.