مكانة المرأة في العالم الإسلامي، كما تبدو لي ما هي إلا نتاج كتب الفقه وما تعج به من آراء الفقهاء، ولو تتبعنا غالبية ما تقوله تلك الكتب مما يتعلق بالمرأة لتبين لنا بوضوح مصدر المكانة المتدنية للمرأة في المجتمعات الإسلامية. في غالبية كتب الفقه يندر أن تجد اعتبارا لرأي المرأة أو رجوعا إليها، فمن المسلمات الفقهية أن المرأة موضع وقوع الحكم، ليس إلا، وعليها الانقياد رضيت أو لم ترض، وهذه المسلمات تتلاءم مع التعريفات الفقهية للمرأة، فالمرأة في كتب الفقه ليست سوى (فراش) للرجل. جاء في كتاب المغني لابن قدامة عن حكم مراجعة الزوج للزوجة: «إذا طلقها ثم أشهد على المراجعة من حيث لا تعلم، فاعتدت ثم نكحت من أصابها (...) ثم جاء (الزوج المطلق) وادعى أنه كان راجعها قبل انقضاء عدتها وأقام البينة على ذلك، ثبت أنها زوجته وأن نكاح الثاني فاسد، لأنه تزوج امرأة غيره، وترد إلى الأول»!! كيف تصح الرجعة دون اعتبار لعلم المرأة بها؟ على الأقل إخبارها إن لم يكن طلب موافقتها!! فالمرأة تزوجت ثانية لأنها لا تدري أن الزوج راجعها، وكيف يحق للزوج الأول أن يأتي ويفرق بينها وبين زوجها الجديد بحجة أنه سبق أن أرجعها وهو لم يطلعها على ذلك؟ أليس في إخفائه عنها خبر إرجاعها ما يسقط حقه في الرجعة؟ وماذا عن المرأة في خضم هذا كله؟ ألا رأي لها في قبول الرجوع إليه أو عدم قبوله؟ مثل هذه التساؤلات لا تعني غالبية الفقهاء، فالمرأة ليست إلا (فراش) مجرد فراش يتصارع على ملكيته الأزواج ويتنازعونها فيما بينهم!! في كتاب الطلاق في المغني، وهو باب يغص باجتهادات الفقهاء لتخليص الزوج من المواقف المحرجة التي يقع فيها أحيانا في قضايا الطلاق مثل أن يطلق الرجل واحدة من زوجاته ثم ينسى أيهن التي طلق!! في هذه الحالة ينقذه الحل الفقهي بحكم اللجوء إلى الاقتراع بين الزوجات!! النص الموجود في كتاب المغني: «إذا طلق واحدة من نسائه وأنسيها، أخرجت بالقرعة». هكذا !! ألسن جميعهن فرشا؟ فلم الحيرة!! مع العلم أن القرعة قد تسبب خسارة للزوج المسكين فالقرعة يحتمل أن تقع على الفراش الأجد أو الأجمل أو الأغلى ثمنا، ولكن عليه أن يقبل بها وأن يضحي في سبيل العدل بين الفرش وعدم ظلم أحدها!! جاء في كتاب الأغاني، والأغاني ليس من كتب الفقه لكنه يعكس صورة للرأي الفقهي العام المتعارف عليه في عصره وما قبله: أن رجلا «تزوج زوجة أبيه، في خلافة عمر فأحضروه له واستجوبه فاعترف وأقسم أنه لايدري أنه حرام، ففرق بينه وبينها ولم يعاقبه لعدم علمه بالتحريم». وهنا ينتهي الخبر. ولكن ماذا عن المرأة؟ ألم تكن شريكة الرجل فيما حدث؟ لم لم تستدع لتستجوب؟ أم أنها استدعيت بالفعل واستجوبت مثله؟ وهل عوقبت؟ أم أنها هي أيضا كانت تجهل الحكم؟ إن الخبر لايتطرق لشيء من ذلك، فالحديث عما اتخذ بشأن المرأة لا يعني أحدا، أليست فراشا؟ ومتى كان الحديث عن الفرش يهم الناس!!. فاكس 4555382-1