حذر سكان في قرى جنوبالمدينةالمنورة من مداهمة السيول مساكنهم جراء تدني مستوى التجهيزات الميدانية لتفادي الأخطار المصاحبة لهطول أمطار غزيرة على المنطقة. وذكر منير بريك أحد سكان قرية الهرارة 130 كلم على طريق (المدينة المهد) أن خطرا محدقا يتربص بساكني القرية المجاورة للوادي في حال هطول أمطار غزيرة، وقال ان السكان طالبوا عدة مرات بإنشاء سد أو ممر مائي (عبارة) لتفادي أخطار الأمطار المنقولة من الوادي باتجاه السكان والمساكن في حال جريان السيول، وقال ان الطريق السريع المحاذي للقرية لا يمكنه ان يدفع خطر السيول عن القرية، فالحاجة إلى إنشاء مجرى (عبارة) يعيد توجيه السيول بعيدا عن القرية مطلب ضروري مرتبط بالحفظ على أرواح وممتلكات السكان. ويستذكر منير في حديثه محاصرة السيول لمساكن عدد من الأهالي قبل عامين، والشلل التام الذي أصاب القرية حينما هطلت أمطار غزيرة أفضت إلى سيول اجتاحت المنطقة المحيطة وتضررت بسببها بيوت وممتلكات. وعلى بعد عشرات الأمتار من وقع أصوات السيارات المسرعة والشاحنات يستذكر سكان قرية الهرارة المآسي والحوادث الأليمة التي شهدها الطريق الذي افتتح قبل 4 سنوات حصد خلالها عشرات الضحايا الأبرياء، الذين تحولوا بإرادتهم وحتمية الظروف المحيطة إلى مسعفين ينقلون مصابي تلك الحوادث تارة، وشهود على جسامة الحوادث على الطريق السريع الذي يشهد مع حلول الصيف وإجازة نهاية العام حركة كثيفة للمسافرين الذين يقصدون مدنا سياحية حيث يعبرون من خلال الطريق قرى وهجر محافظة مهد الذهب وصولا إلى الطائف والمناطق الجنوبية. قسوة المشاهد التي حملتها الحوادث على طريق (المدينةالمنورة مهد الذهب) ذي المسار الواحد إلى أذهان سكان قرية الهرارة تكاد تتلاشى اذا علمنا حجم المعاناة التي يتكبدها السكان جراء تجاهل «الصحة» لتلك القرية التي يمر بها الطريق السريع حيث تحول المركز الصحي في الهرارة إلى بيت مهجور، هجرته «صحة المدينة» طيلة عامين مضيا منذ استئجارها لمبنى المركز الصحي إلا أنه لا يزال خاويا على عروشه سوى من لوحة تعلو مدخله وموقف ملاصق للمركز خصص لعربة الإسعاف التي لم تعرف طريقها لمركز صحي الهرارة منذ أكثر من عامين. ويقول خلف بركي (أحد سكان القرية)، استأجرت الصحة مبنى يملكه أحد السكان بمبلغ 45 ألف ريال سنويا ودفعت تكاليف إيجاره بواقع 90 ألفا بموجب العقد طيلة العامين الماضيين، إلا أن المركز لم يستقبل مراجعا واحدا ولم يستفد منه الأهالي لأن العاملين الذين يفترض مباشرتهم للعمل لم يصل أي منهم للمركز، فيما انتهت مخاطباتنا لمديرية الشؤون الصحية و«صحة المهد» إلى «لا شيء» حيث استندوا في إجاباتهم إلى عدم توفر سيارة إسعاف، وأنه يتبقى تعميد منسوبي المركز الجدد بالعمل فيه قريبا لكن حال المركز المهجور وكل المؤشرات لا توحي بحل قريب! وعلى بعد أمتار من المركز الصحي المهجور خصص عدد من أهالي الهرارة مجلسا يتداولون فيه أحاديثهم وتجمعاتهم اليومية، وفيه نثروا أكواما من معاناة أبناء القرية المنسية، وتنقلاتهم إلى القرى المجاورة وإلى محافظة المهد والمدينةالمنورة. وأبدى سكان الهرارة أثناء حديثهم ل«عكاظ» تذمرا من تباطؤ 4 جهات حكومية في إنجاز مطالبهم واحتياجاتهم بدءا من استكمال إجراءات التنظيم وتوزيع الأراضي السكنية في مخطط سكني القرية الذي مضى على اعتماده 23 عاما، حيث يقول الشيخ ماشع بن مبارك المشرافي ان المخطط اعتمد من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية عام 1408ه ووعد السكان بأن يتم البدء بتنظيم المخطط وتخصيص الأراضي وتوزيعها على سكان القرية المقيمين فيها خلال سنوات قليلة، إلا أن فترة الانتظار تجاوزت 3 عقود، هاجر خلالها العديد من سكان الهرارة جبرا إلى مدن أخرى بفعل ظروف التعليم والعمل وتحسين مستوى المعيشة. ويقول المشرافي: من لا يشكر الناس لا يشكر الله، من واجبنا أن نتذكر استجابة الجهات المعنية والمسؤولين لمعاناتنا سابقا من نقص المياه، فقد كان السكان يعانون كثيرا من أجل توفير مياه الشرب في مساكنهم، أما اليوم فقد تم تخصيص صهاريج مياه نقية تصل تباعا إلى القرية وتسكب حمولتها في خزانات المنازل على نفقة الحكومة. وتحت وطأة الحر الشديد ودرجة حرارة فاقت ال45 مئوية، تناول مطر حشيم المشرافي معاناة ساكني الهرارة المرتبطة بعدم إيصال شبكة الكهرباء إلى العديد من المساكن، وقال ان الشبكة (مشروع الكهرباء) تفصلها مسافة لا تزيد على 2 كلم عن مركز القرية، ولكنها ظلت في حال عداء مع مساكننا لعدة سنوات، استعان خلالها سكان القرية بالمواتير لإيصال الكهرباء لمساكنهم، فيما أوصل التيار لتجمع سكاني مجاور للخط السريع، مشيرا إلى أن كثيرا من العائلات عانوا كثيرا جراء تدني مستوى الخدمات خلال السنوات الماضية وانتقلوا إلى مدن أخرى خاصة من يعانون أمراضا ويصعب عليهم تحمل صعوبة العيش في الأجواء الحارة ونقص المياه فآثروا الانتقال إلى أماكن تتوفر فيها تلك الخدمات الأساسية. فيما اتفق كبار السن من سكان الهرارة على الخطورة المحدقة التي تتربص بأبنائهم شبان القرية أثناء تنقلهم يوميا من بيوتهم داخل الهرارة إلى مهد الذهب (80 كلم) والضميرية (40 كلم)، للدراسة في مدارس المرحلة الثانوية (بنين وبنات) حيث يتعين على كافة طالبات وطلاب القرية الانتقال إلى هناك إذا ما أرادوا استكمال دراستهم الثانوية، وطالب الأهالي إدارة التربية والتعليم في المنطقة والمحافظة بتعجيل استصدار قرار بفتح فصول دراسية لطلاب الثانوية في المجمع الدراسي الحكومي للبنين الذي يضم حاليا فصولا للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة فقط، فيما تناول الحديث أحد الجالسين مطالبا إدارة الطرق والنقل بوضع سياج حديدي يقي العابرين من خطر الإبل السائبة التي تتخذ من ناحيتي الطريق ذي المسارين مواطن للرعي والتجوال بعيدا عن رقابة ملاكها. فيما وجد طالبات القرية أنفسهن أمام خيارين كلاهما مر، فإما الانتقال للقرى المجاورة لاستكمال دراسة المرحلة المتوسطة أو أن تنهي مسيرتها التعليمية بعد الابتدائية مباشرة وحتى إشعار آخر، فالمبنى المدرسي المخصص للطالبات لا يحوي سوى فصول للصفوف الابتدائية فقط. معاناة أخرى لا تزال تؤرق عددا من أهالي القرية يقيمون في تجمع لمساكن يقع على بعد مئات الأمتار من مركز القرية، حيث اصطدمت أمنياتهم بإيصال خدمات التيار الكهربائي إلى مساكنهم برفض بلدية المهد مطلبهم، باعتبار أن مساكنهم أقيمت بصورة غير نظامية، فيما حصل السكان على خطاب من وزارة الشؤون البلدية والقروية مفاده تعميد الجهة المعنية بإيصال التيار الكهربائي إلى مساكنهم وأن ذلك لا يعني تملكهم لتلك المساكن مطلقا، وهو ما أكد عليه السكان إلا أن البلدية ما زالت متمسكة بخيار رفض إطلاق التيار الكهربائي لعقاراتهم، وأشار سيف خلف، إلى خشية السكان من ندب بلدية المحافظة معدات وآليات لإزالة مساكنهم التي أقاموها في جزء من القرية.