أحبتي أبنائي وبناتي يطيب لي بعد أن انتهيتم من أسبوعي الاختبارات أن أهمس في آذانكم همسة والد محب، إن كل واحد منكم يملك مفاتيح التوفيق ووسائل صناعة النجاح وهي تتمثل في جانبين جانب تعلق العبد بربه وجانب فعل العبد للأسباب، فأما تعلق العبد بربه فيتجلى في أمور :- 1 حسن عبادة العبد لربه وقيامه بما افترضه عليه وتزلفه إليه بالنوافل واجتناب ما نهاه عنه والتوبة من الذنوب كلما وقع فيها. 2 الأخذ بالتعوذات والأذكار والأدعية الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم والتي يحصل بها حفظ المسلم من الشرور في الدنيا والآخرة والآفات والمصائب والرزايا كما يحصل بها سرور القلب وأنسه وطمأنينة النفس وفرحها وراحة البال كما يحصل بتلك الأذكار والأدعية والتعوذات النبوية تيسر الأمور، هذا مع ما فيها من أجر الذكر وثوابه وفضله وقرب العبد من ربه وحبه له. 3 الدعاء من أنفع الأسباب في نوال المنشود من خيري الدنيا والآخرة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «الدعاء هو العبادة»، كما به يدفع الإنسان عنه النوائب في الدارين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يرد القضاء إلا الدعاء»، فالزم يا بني كثرة الدعاء والثبات في ملازمته ولا تستعجل الإجابة فإنك لو وفقت للدعاء أتتك الإجابة ولو بعد حين. 4 التوكل على الله هو اعتماد القلب على الله سبحانه في حصول ما يرجوه العبد ودفع ما يتخوفه ويخشاه فمن استعان بالله وصدق في التوكل كان توكله من أعظم الأسباب تأثيرا في حصول ما يسعده في الدنيا والآخرة. 5 لا بد من حسن الظن بالله وبقدر ما يحسن ظنك بالله يفيض عليك سبحانه من إحسانه، قال سبحانه في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي بي ما شاء». 6 التفاؤل من ثمرات حسن الظن بالله وبالتفاؤل تحلو الحياة ويعيش الإنسان بهجتها في مرضاة الله وكم للتفاؤل من أثر في صناعة القرار الصائب والمسار الموفق. هذه إشارات إلى جانب التعلق بالله الذي هو أساس صناعة النجاح، وهناك الكثير مما لا يتسع المقام لذكره. فأما الجانب الثاني وهو جانب فعل الأسباب فيتجلى في أمور كثيرة منها:- 1 من المناسب أن يكون لك اطلاع على سير صانعي النجاح كيف بدأ الواحد منهم مسيرته وكيف تغلب على ما واجهه من عقبات وما الوسائل المشروعه التي أخذ بها. 2 كن يا بني مع الراغبين في صناعة النجاح الصادقين في طلبه، اختر رفقة صالحة تحمل في قلوبها هم صناعة مستقبل أفضل وأحسن ونوال مرغوبات وأماني مشروعة، إن من تصاحبه يؤثر ظاهرا وباطنا في تفكيرك وسلوكك وعملك، فاختر من صحبته تنفعك ولا تضرك وتسمو بك إلى أفق المعالي من الأمور والأحوال. 3 ابذل كل سبب مشروع تتفوق به في دراستك وتوفق به في وظيفتك وإذا فشلت مرة أو مرات فكن كرارا في ميدان صناعة النجاح حاول مرة بعد مرة. إن الاستسلام لهاجس الإحباط والقبوع في وحل القنوط ينافي صدق التوكل عليه سبحانه والثقة به. يا بني اجمع همتك واملأ قلبك بالتفاؤل واطرق أبواب الجواد الكريم وليتردد في سمعك دائما ويقر في قلبك قوله سبحانه: «ومن يتوكل على الله فهو حسبه»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «احرص على ما ينفعك ولا تعجز».. وختاما فإن هذا الوطن واحة وارفة قطوفها دانية لكن ينقص البعض العزيمة على البحث عن فرص الفوز بالمستقبل الواعد. * المشرف العام على الدعوة والإرشاد في المدينة النورة. [email protected]