تعودت أن أسمع الإمام يقرأ الفاتحة في كل الركعات دون أن يجهر بالبسملة، ورأيت في كثير من البلدان الأخرى أن الإمام يجهر بالبسملة في الصلاة وهذا ما دعاني إلى القراءة في هذا الباب، ووجدت أن هناك من أوجب الإسرار بالبسملة، وهناك من أوجب الجهر بها، واختلاف العلماء في هذا الباب لا يضر بأصل الصلاة وهو أنه في جميع الأحوال يتم قراءة البسملة سواء سرا أو جهرا، وأن قراءة الفاتحة ركن من أركان الركعة ولا تكتمل بدونها، وما يزعجني في هذا الأمر أنه قد مر علي زمن ليس باليسير كنت أعتقد أن قراءة البسملة ليس ضروريا عند قراءة الفاتحة، وهذا يعني أنني ربما صليت كثيرا دون أن أقرأ البسملة لا سرا ولا جهرا، وإن صح ذلك فلا أعرف من يتحمل مسؤولية تضليلي في تلك الفترة وقراءة الفاتحة دون البسملة؟. عدت إلى المصحف الشريف طباعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف لأتأكد من أن البسملة جزء من الفاتحة أم هي استفتاح للفاتحة وليست جزءا منها، فوجدت أن البسملة هي الآية رقم واحد في سورة الفاتحة، أي أنها جزء من الفاتحة ولا يمكن فصلها عن السورة وهذا غير الحال مع باقي سور القرآن الكريم، حيث تكون البسملة استفتاحا للسورة وليس جزءا منها، وما أزعجني أكثر هو حديثي مع صديق كان مسافرا في بريطانيا، وقال لي إن إمام مسجد هناك يقرأ الفاتحة ولا يقرأ البسملة لا سرا ولا جهرا، محتجا بأن ذلك ليس شرطا أو ركنا لسلامة الصلاة، واستشهد في ذلك بإمام الحرم المكي. وفي هذا الخصوص، هل يجوز تعليم الناس أن البسملة ليست جزءا من الفاتحة بينما نكتبها في مصاحفنا التي نطبعها نحن أنها الآية الأولى من آيات هذه السورة؟، وكيف يفهم الناس ونعلمهم أمور دينهم بينما نمارس الإسرار بالبسملة، مايعني أن المستمع يفهم من ذلك أن البسملة لا تقرأ، ومن يتحمل مسؤولية صحة الصلاة من عدمها اقتداء بمن لا يقرأ البسملة مقتديا لا سرا ولا جهرا؟، وهنا أتمنى من مشايخنا وعلمائنا أن يوضحوا هذه المسألة للناس حتى يفعلوا الصواب في صلاتهم، وحتى لا يتعرض المصلون في أنحاء العالم إلى فهم خاطئ من حيث هل من الأولى الجهر بالبسملة عند قراءة الفاتحة لتحقيق ضرورتها حتى وإن كان الجواز والأفضلية لعملية الإسرار بها؟ لأن المشكلة هنا ليست عملية الجهر أو الإسرار، لكنها عملية سلامة ركن من أركان الركعة بقراءة الفاتحة كاملة أو مجتزأة. أعتقد أن المسألة تحتاج جرأة في الفتوى نتجاوز بها حالة التعود، خصوصا أن الدعوة والتعليم بالسلوك والقدوة أقوى وأمضى من الدعوة والتعليم بالقول، ناهيك عن اختلاف القول عن العمل. عبد المجيد سعيد البطاطي www.asalbatati.net