أكد عدد من العلماء والدعاة، أن الأمة فقدت رجلا فذا وسياسيا محنكا وشخصية تحب فعل الخير وتبذله دون ملل أو كلل، وقالوا ل«عكاظ» رحل أب الأيتام والمعوقين الحنون الشفيق بهم، لافتين إلى أن مساعدة المحتاجين وحب العمل الإسلامي وبناء الصروح الدعوية كان شغله الشاغل. وأشاروا إلى أن الأمير سلطان صاحب أيادٍ بيضاء لاتنسى في مجال العمل الإسلامي من دعم كل مشروع إسلامي أو خيري، ووصفوا رحيله بأنه خسارة كبيرة ليست للمملكة فحسب، بل للأمة الإسلامية الذي كان ولي العهد محب للعلماء والفقهاء وحفظة كتاب الله والدعاة، داعين الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح الجنان ويعوض الأمة على فقده: بداية وصف نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عضو المجامع الفقهية وزير العدل الموريتاني السابق الدكتور عبد الله بن بيه رحيل الأمير سلطان بن عبد العزيز بأنه خسارة كبيرة للأمتين العربية والإسلامية، وأضاف «إن فقد قامة شماء لهو خطب عظيم، ومصاب جلل جسيم، ومع فداحة المصيبة وعظم الفجيعة فلا نملك حيالها إلا التسليم والتذرع بالصبر والدعاء والرضاء بالقدر والقضاء، هذا الرجل العظيم الذي نشأ نشأة إيمانية في كنف والده الملك عبد العزيز، وتعلم القرآن، وعلوم اللغة العربية على كبار العلماء، فضلا عن ثقافته الواسعة في مختلف المعارف العامة والدبلوماسية». سند الأمة وعبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب عن حزنه العميق برحيل الأمير سلطان، قائلا «رحم الله ولي العهد لقد كان طيلة حياته سندا كبيرا لخادم الحرمين الشريفين فى خدمة الإسلام والمسلمين ومناصرة القضايا العربية والإسلامية والدفاع عنها داخل المملكة وخارجها». وأضاف شيخ الأزهر، «أن مجهودات الأمير سلطان مشهود بها سواء في بذل الجهد سواء من خدمة ورعاية بيت الله الحرام أو الخارج في الدفاع عن الإسلام والمساهمة بقوة وإنشاء المراكز الإسلامية في كل مكان لخدمة ورعاية كل المسلمين في الدول المختلفة». أما مستشار ملك الأردن قضاة القضاة إمام الحضرة الهاشمية الدكتور أحمد هليل، فرأى أن الأمير سلطان أحد الرجالات العظام الذين كان لهم أثر طيب ليس في محيطه فحسب، بل في العالم الإسلامي كله، مشيرا إلى أن للأمير سلطان بصمات في جميع المجالات في المملكة لرقي الوطن، وبصمات في مجال الأعمال والمشاريع الخيرية والإغاثية، وبصمات في مشروعات التنمية المستدامة، ومسابقات القرآن الكريم داخل المملكة وخارجها، مشيرين على أن أعماله سطرت صفحات عظيمة ومضيئة لا يمكن حصرها، ولن ينسى أبناء الأمة الأيادي البيضاء لرجل صاحب سجل حافل بأعمال الخير في الداخل والخارج، موضحين أنه بفقد مثل ذلك الرجل فإن الأمة فقدت واحدا من أبرز قادتها الذين نذروا أنفسهم لخدمة دينهم ووطنهم وأمتهم وحتى الإنسانية جمعاء. وأبدى مفتى مصر وعضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور على جمعة عميق حزنه على فقد الأمير سلطان قائلا «غفر الله لولي العهد ورحمه وجعل مثواه الجنة، لقد كان أحد المدافعين عن الإسلام والمسلمين، وكان شريكا أساسيا لخدمة الإسلام والدفاع عن قضايا الأمة المصيرية خاصة فى الخارج، والفقيد يعد جنديا من جنود الإسلام، كان يدافع عنه في كل مكان سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو في مجال الحوار بين الأديان وهو جزء يذكر فيشكر، وندعو الله أن يدخله فسيح جناته جزاء كل ما قدمه للقضايا العربية». رجل فذ وقال وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى «بوفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز فقدت الأمة الإسلامية والعربية بعامة والوطن الغالي بخاصة، رجلا فذا عرف بحنكته السياسية، وحكمته الإدارية، لتترجم سيرته القيادية وأعماله الجليلة مستوى أثره وتأثيره وحجم محبته في القلوب. وأضاف«لقد كان الأمير الإنسان، المفعم بالسماحة والندى، منعقدا على وجدان إيماني وسمة عربي أصيل جعل من شخصيته شاهدا حيا على حجم خاصة الرجال، وأثرهم أحياء وأمواتا، وأن للأمم من رجالها عناوين». وزاد «بغياب هذه القامة والقيمة الإسلامية والعربية والوطنية يتوقف إمداد فصل مهم من فصول تاريخنا عن تحديثها اليومي بشيم وقيم هذه الشخصية المؤثرة والفاعلة التي كسبت عن استحقاق العديد من الصفات والنعوت من سلطان الخير والعطاء إلى سلطان السماحة والحكمة والندى». وأردف «لئن غاب هذا الجبل فعزاؤنا فيه أنه سيسجل في صفحات وطننا فصلا مضيئا بمنجز رجال الإسلام، وأنه بذل ما في وسعه لخدمة دينه ووطنه، ولم يدخر جهدا ولا نصحا في أن يكون الساعد الأمين والعضد الأيمن لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وعزاؤنا الأكبر إيماننا بالقدر والقضاء والأجل المحتوم على كل مخلوق، كما هي سنة الله تعالى في خلقه». ملأ النفوس وعبر الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبد العزيز بن حمين الحمين عن عميق الحزن والأسى بوفاة الأمير سلطان الذي ملأ نفوس أبناء المملكة الذين أحبوه لأياديه البيضاء ومواقفه التاريخية ووصف المحبة التي ألقاها المولى سبحانه في قلوب الكثيرين لسموه بأنها علامة خير وبشرى طيبة، فالناس شهود الله في أرضه، مشيرا لعظيم رحمة الله ووفير جزائه للمحسنين، متذكرا صروح البر والإحسان التي شيدها رحمه الله. أما وكيل وزارة العدل الشيخ عبد اللطيف الحارثي، فقال: إن وفاة الأمير سلطان فاجعة كبيرة أصابت القلوب المؤمنة بقضاء الله وقدره ليس في المملكة العربية السعودية؛ ولكن في كافة بقاع العالم، مضيفا «ما يحمله رحمه الله من قلب كبير وحب فطري للخير شمل بعطائه وخيره القاصي والداني وعم بلطفه الكثير من أبنائه في المملكة وإخوانه في دول العالم قاطبة، فصار رحمه الله مضرب مثل في الجود والكرم وبذل النفس وحب الخير حتى أطلق عليه العالم قاطبة وليس السعوديين فقط سلطان الخير». مناقب عديدة الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الدكتور صالح العايد، قال إن مناقب الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله كثيرة ويصعب حصرها، مشيرا إلى أنها متعددة ومتنوعة في العمل الإسلامي وتحفيظ القرآن وغيره. ووصف العايد دعم الأمير سلطان بن عبدالعزيز لبناء المساجد والحلق القرآنية والعمل الإسلامي بأنه صعب الحصر، مضيفا «ترأس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية منذ إنشائه عام 1415ه، المجلس الذي يعنى بتقديم المساعدات السعودية للمؤسسات والجمعيات والمراكز الإسلامية، وكانت دائما توجيهاته يرحمه الله الاهتمام بالعمل الإسلامي وتطويره ودعمه». ولفت الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إلى أن الأمير سلطان قدم مئات الملايين للمجلس لدعم العمل الإسلامي، ونشر الدعوة الإسلامية الصحيحة وفق الكتاب والسنة، مشيرا إلى أنه استفاد من الدعم المراكز والمؤسسات الإسلامية داخل المملكة وخارجها. وأضاف «لم يكتف الأمير سلطان بهذا الباب في دعم المؤسسات الإسلامية والعمل الإسلامي، إنما أنشأ مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخيرية التي لها باع طويل في العمل الخيري، ولها جوانب متعددة في العمل الإنساني والخيري، من مشروعات صحية لعلاج الفقراء والمحتاجين وعلاجية ودعم إنساني، وكذلك مدينة سلطان بن عبد العزيز في الرياض التي لا يوجد لها مثيل في الشرق الأوسط والمختصة بالعلاج والتأهيل والرعاية والعلاج الطبيعي لمصابي الحوادث، فضلا عن المساعدات الخاصة التي تقدم للمرضى المحتاجين، والتكفل بعلاجهم من خارج المملكة». شمائل طيبة من جانبه، أكد عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء الدكتور هشام آل الشيخ، قال: هناك من يموت ويرحل بجسده وروحه من هذه الدنيا، ومن بين أهله وأقاربه وذويه وأصحابه ومحبيه، ولكنه يبقى خالدا في ذاكرة كل من عرفه، وتعامل معه، وقابله. يبقى ذكره بين الناس بما أعطي من أخلاق كريمة، وشمائل طيبة، ومناقب جميلة، أو لما يتصف به من البذل والعطاء والجود، أو لما يتصف به من صفات قيادية نبيلة، وحنان أبوي، وعطف إنساني، وقلب كبير، أو لما يتميز به من مواقف عظيمة، وحب للخير، وسعي في مصالح المسلمين، والأمة المسلمة، ودعم لقضاياها. وأضاف «وجدت كل تلك المناقب الجمة، والخصال الحميدة، والمواقف المشرفة في الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز آل سعود، ولي عهد خادم الحرمين الشريفين، الذي حزنت لفقده قلوبنا، ودمعت عيوننا، ونعت لها بلاد الحرمين الشريفين». وزاد «كان مثالا وقدوة للقائد الذي أحب شعبه، وإخوانه، وأصحابه، وأحب قبلهم الفقراء، والمحتاجين من أبنائه ورعيته، وأحبه بالمقابل كل مواطن سعودي، بل وكل من عرفه من خارج هذه البلاد المباركة، فكان أنموذجا واقعيا حيا يصدق عليه قوله صلى الله عليه وسلم، إذ قال: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم)». وأكد أنه ليس بغريب أن يحتل سلطان الخير هذه المكانة العظيمة في قلوب شعبه ومحبيه، فإنه كان سباقا لكل خير، وباذلا لماله، وجاهه في نفع إخوانه المواطنين والمقيمين، فكانت أعماله مشهودة من خلال المؤسسة الخيرية التي أقامها، ومن خلال موافقته على علاج المرضى في المستشفى العسكري، ومن خلال المعاملات والخطابات التي ترد إلى مكتبه الخاص، ومن الشفاعات التي يكتبها لأصحاب الحاجات، وفي مختلف القضايا، مضيفا «إذ كان يوم عافيته وشفائه قبل عام وعودته سالما معافى إلى بلده ووطنه يوم فرح وسرور كبير لجميع المواطنين، غمرتهم السعادة والاستبشار بنجاح علاجه الذي غاب بسببه مدة عن وطنه وأبنائه المواطنين، كان يوم نبأ وفاته يوما عصيبا على القلوب، ويوما مليئا بالحزن والأسى، واعتبر الناس فقده ورحيله خسارة لبلاد الحرمين، بل وللأمة جميعا». اسم مدوٍ رنة أسى رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في منطقة الرياض سعد بن محمد آل فريان، قال: كان خبر وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز رنة أسى وحزن شملت جميع أفراد المجتمع صغارا وكبارا، فلقد كان لهذا الرجل الفذ جوانب سياسية وإدارية واجتماعية وخيرية يصعب حصرها في كلمة أو كلمات. وأضاف: إن أعمال سمو الأمير سلطان الخيرة كثيرة وشاملة، فمن ذلك إقامة المراكز الصحية للعلاج المجاني وبناء المساكن للفقراء ومنها جائزة سموه لحفظ القرآن الكريم للعسكريين الدولية وجمعية الأمير سلطان لتحفيظ القرآن الكريم بالقطاعات العسكرية وغيرها الكثير من المشاريع والأعمال الخيرية في داخل البلاد وخارجها التي سمع عنها الناس ورأوها بأعينهم والكثير من المساعدات المادية والعينية التي قدمها سموه للفقراء والمحتاجين والمنكوبين لا يعلمها ويحصيها إلا الله سبحانه وتعالى، فكان سموه قريبا من شعبه الذي أحبه والتف حوله، كما التف هذا الشعب الوفي حول خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود متعه الله بالصحة والعافية وأطال عمره على طاعته. قصة حب رئيس جهاز الإرشاد والتوجيه في الحرس الوطني الشيخ إبراهيم أبو عباة حكى قصة فتاة صغيرة كانت تسأل عن الأمير قبل وفاته، وعندما قيل لها أنه سيأتي أي جثمانه فرحت بذلك واستبشرت كثيرا، وقد كان قصد أهلها أن جثمانه سيصل إلى الرياض بقصد طمأنتها، وحتى لاتصدم بخبر وفاة الأمير سلطان يرحمه الله، مشيرا إلى أن هذا كان شعور جميع أفراد الشعب كله. وقال أبو عباة: الأمير سلطان كان صديق العلماء والمفكرين، لافتا إلى أن العلاقة بين العلماء وولاة الأمور طبيعية جدا منذ الملك عبد العزيز يرحمه الله، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز نجد العلماء بجواره يحفهم بالاحترام والإجلال، مؤكدا «هذه دولتنا وليس بغريب عليها ذلك». وأضاف «الأمير سلطان كان يحضر دروس وجلسات العلماء ومنهم الشيخ عبد العزيز أبو حبيب الذي كانت لديه جلسة، وكان الأمير يحضرها وكذلك أحدية الشيخ راشد المبارك، فضلا عن دعمه لكراسي البحث العلمي المنتشرة في كل مكان، وهو بحر لا ساحل له».