الاحتفاء بقدوم العيد في البادية والقرى له طابع خاص يميزه عن المدينة، ويبدو ذلك جلياً من خلال ما يبدو من تمسك بالعادات والتقاليد التي بدأت تتوارى خجلا أمام نمط المتغيرات والحياة المتسارعة في المدن. وإضافة إلى الفرحة والسعادة التي تكتنف أبناء البادية عند حلول عيد الفطر، يمثل العيد مزيداً من التواصل بين أفراد القبيلة والقبائل الأخرى المجاورة، بتبادل الزيارات والتهاني، وممارسة ألوان من التراث العربي الأصيل كسباق الخيل والرماية. وحول هذه المظاهر، يحكي لنا حمدي البقمي (98 عاماً)، جانباً من مظاهر رؤية هلال شهر شوال، قائلا «مع صعوبة رؤية هلال شوال، لعدم توفر وسائل الاتصال، كنا نعلن عن حلول العيد بإشعال النار في قمم الجبال العالية، فيشاهدها القريبون، ليشعلوها أيضاً في قمم جبالهم ليتمكن الآخرون من رؤيتها، وهكذا حتى تصل أخبار الرؤية لعشرات الكيلو مترات، وتطورت الوسائل بإطلاق رصاص البنادق في الهواء، بأمر شيخ القبيلة أو كبير القوم». وبشأن ملابس العيد، أوضح علي القرفي أن عدم توفر الأسواق كان يدفع أبناء البادية إلى شراء أقمشة قبل شهر رمضان، لتخيطها النساء بشكل جميل يسمى الثوب الحربي (أبو ذلايق)، ويرتديها الرجال قبل صلاة العيد مع العمة التي تلف على الشماغ وتسمى (المعم)، والتحزم بالجنبية، ويلبس الصغار أجمل ما لديهم ليصلوا مع الكبار، بينما تقوم النساء بتجهيز بيت الشعر وتخضيب كفوفهن بالحناء وإعداد الفطور قبل صلاة الفجر، ويتكون من التمر والإقط والسمن وحليب الإبل، في حين ترتدي المرأة ملابس مطرزة بالحرير تسمى المدرعة مع الحلي الفضية. ويضيف بجاد شلاح، جوانب أخرى من تلك العادات والتقاليد، منها حرص أبناء البادية على الذهاب بعد الصلاة مباشرة وعلى شكل مجموعات لزيارة شيخ القبيلة، وتناول الإفطار عنده، وهو عبارة عن ذبائح، ثم تتوالى الزيارات لجميع أفراد القبيلة حتى ثالث أيام العيد، مشيراً إلى ممارسة مسابقة الرماية (الشارة) بعد صلاة العصر، ومسابقة الخيول العربية الأصيلة، وترديدهم أثناء توجههم لميدان الرماية والسباق بعض القصائد التي تشير لفرحة العيد. وعن طفل القرية، يرى مخلد فراج، فارقاً كبيراً في المقارنة بأطفال المدينة، معتبراً أن العيد في القرية يعني لهم المزيد من التواصل مع الأقارب والجيران، بطوافهم على الحي للمعايدة والحصول على العيدية، التي تتمثل في بعض قطع الحلوى أو مبالغ نقدية، ومن ثم العودة لمنازلهم عند العصر، في حين ينصب تفكير طفل المدينة في رغبته الذهاب لمواقع الترفيه فقط.