ألا تلاحظون أننا مجتمع مقلد للآخرين بما لا يتناسب أحيانا مع ظروفنا ومتطلباتنا واحتياجاتنا وهذا جد غريب، إذ أن المجتمعات في مجملها تختار كأسلوب حياة ما يناسب ظروفها، سواء كانت دينية أو جغرافية أو طقسا أو اجتماعية، لكننا نحن نخطئ أحيانا بتقليد غير مدروس ودون تفكير في مناسبته لنا، ودعوني أعطيكم مثالا واحدا لا أعتقد أن ثمة خلافا عليه وننطلق منه لأشياء أخرى عسى أن نستفيد. في تصميمنا لمنازلنا وتحديدا في الثمانينيات يبدو أننا تأثرنا ببعض الدول العربية التي زرناها مثل مصر ولبنان وسورية وغيرها فبدأت لدينا صرعة إضافة شرفة خارجية مكشوفة وهي (البلكونه) وهذه هامة جدا وأساسية ومفيدة لسكان دول مثل مصر ولبنان وسورية وتركيا فهي إطلالة على الشارع وخروج للهواء من ضنك المنزل المكتوم، ولذلك يتفنن سكان تلك المناطق في تصميمها وتعتبر جزءا مهما من المنزل المرفه، سواء قصر أو فيلا أو سرايا أو حتى شقة، بل هي أساس الراحة، لأن تلك المناطق تنعم بهواء عليل بارد في الصيف لا يحلو البقاء في المنزل لو لم تطل عليه. نحن قلدنا في ذلك الزمن وأضفنا (البلكونات) إلى مبانينا دون أن نفكر ولو مجرد تفكير بأنها لا تناسب أجواءنا الحارة المغبرة طوال العام وتعتبر منفذا لدخول الأتربة والغبار والهواء الحار صيفا والبارد شتاء، ليس هذا وحسب، بل إن طبيعة مجتمعنا وعاداته وتقاليده وتعاليم الدين لا تسمح بجلوس النساء في مكان مكشوف ولا إطلالة المرأة من شرفة بهذا الشكل حتى ولو كانت ستنشر الغسيل، أي أن تلك الشرفة لا تناسبنا مطلقا لو فكرنا مجرد تفكير ولو للحظة، والدليل أننا صرفنا الأموال على إلغائها أو تحويلها إلى مساحة مغلقة بالألمنيوم شوهت جمال منازلنا. حسنا، كم من القليد الأعمى على غرار (بلكونة) الغبار تلك نعذب به أنفسنا دون تفكير ولمجرد أننا نريد أن نصبح مثل مجتمعات تختلف عنا تماما؟!، أريد الأمثلة منكم، لكنني أتساءل أيضا هل قيادة المرأة للسيارة مثال لا يقل سلبية وعدم مناسبة عن (البلكونة) غبار وحر وعدم ستر نقلد به غيرنا ثم ندفع الثمن الباهظ لإلغائه؟! أعتقد أن الأمثلة كثيرة. www.alehaidib.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 262 مسافة ثم الرسالة