أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد أنه في ما يتعلق بقرار وقف إصدار الصكوك وحجج الاستحكام في المحاكم ورفعها للمقام السامي للبت فيها، أنه «بالفعل توجد مشكلة عدم إصدار الصكوك، وهي قضية مرفوعة للمقام السامي وهي محل اهتمام ورعاية ولاة الأمر وننتظر توجيها بذلك، وهناك بعض القضاة يحكم بإصدار بعض الحجج لأن النص قابل للاجتهاد إلى حد ما، والذين لا يقبلون إصدار الحجج لهم أيضا اجتهادهم». من جهته، قال الشيخ يوسف عبدالعزيز الفراج القاضي في وزارة العدل، إن نظام التسجيل العيني للعقار والذي يحل محل النظام الحالي المعروف بالنظام الشخصي يحمل الكثير من السلبيات، وقال إن «نظام التسجيل العيني مستمد من نظام تورس الباحث الأسترالي، وهو نظام لا يلتفت إلى مالك العقار بقدر ما يلتفت إلى عين العقار الذي على أساسه يوثق الملك لمالكه». وقال إنه بشكل إجمالي فإن «النظام العيني أفضل بكثير من النظام الشخصي، حيث يتم من خلاله التغلب على مشكلات عديدة من بينها ازدواج الملكية والتعدي على الحقوق والأملاك العقارية.. وعدم التحديد الدقيق لحدود ومساحات الأملاك وإصدار أكثر من صك لعقار واحد»، مشيرا إلى أنه رغم الفوائد الجمة للتسجيل العيني إلا أنه مكلف في بداية تطبيقه أو ما يعرف بالقيد الأول والذي من خلال تجمع البيانات والمعلومات عن جميع الأملاك والطلب من أصحابها تسجيلها قبل مضي 3 سنوات من بدء التنفيذ الفعلي للنظام قبل أن تسقط حقوقهم في الأملاك التي تعود بالتدريج إلى الدولة، وبعد استكمال كافة المعلومات عن العقارات تصدر للمالك الصحيفة العقارية التي توضح كافة الحقوق والأملاك، وبناء عليه سوف يتم الاستغناء في وقت لاحق عن الصكوك وحجج الاستحكام المتبعة في الوقت الحاضر والتي يمكن أن يتسرب فيها التلاعب للتعدي على حقوق الآخرين. وأضاف الشيخ الفراج أن المشتري الأخير للعقار لا يلزمه إعادة العقار إلى المالك الأصلي بعد أن يكتشف أن البائع للعقار حصل عليه بطريقة غير شرعية مثل التعدي على العقار أو إصدار صك مزور، بل يلزم ذلك التعويض للمالك من قبل من استفاد من بيع العقار. وبين القاضي الفراج أن «هناك إجراءات قانونية دقيقة في النظام الجديد لتسجيل الحقوق تتفوق على النظام القديم الذي مازال يعمل به في المملكة، وإن كان يستفاد من بعض إيجابيات هذا النظام ويتضمن النظام الجديد عددا من المبادئ من بينها مبدأ التخصيص ويتعلق بكل ما يذكر في الصحيفة العقارية ومبدأ قوة حق التملك المطلق، حيث إن تسجيل المعلومات العقارية يؤدي إلى توثيقها وعدم إمكانية إبطالها، ومبدأ الشرعية والتدقيق حيث يتم فحص كل ما يتقدم به الملاك ولا بد من أن يكون هناك مبدأ شرعي، ثم مبدأ العلنية ونظام الإشهار لأجل إعطاء صاحب الملك أمرا ثبوتيا مطلقا، ثم مبدأ القيد المطلق ويدلل مبدأ الثبوتية المطلقة ولا يحق لك أن تلزم شخصا بشيء ما لم تسجل حقوقك العينية ومبدأ حظر التقادم وهو يلغي نظام تقادم الحق الذي يعتمده النظام القديم». وقال الشيخ الفراج، إن «من أهم ميزات النظام هو سهولة التعرف على المركز القانوني للعقار وتجنب المخاطرة الناتجة عن تشابه الأسماء واستحالة تداخل سندات الملكية والعينية والتعرف على أملاك مدعي الإعسار»، وانتهى بالقول إن «نظام التسجيل العيني للعقار والذي بدأ تجريبيا في بعض المحافظات يبدأ في استخراج وثائق كسجلات تبين إحداثيات كل عقار في صحيفة عقار مستقلة تمنع أية ازدواجية او تعد». خسائر التعديات من جانبه، قال عبدالله الأحمري رئيس اللجنة العقارية في جدة إن «نحو 14 مليار ريال تفقد سنويا بسبب الصكوك المتداخلة في التعدي على الأراضي البيضاء في مناطق المملكة تحت مسميات حجج الاستحكام»، وطالب بمنع منح حجج الاستحكام للمساحات الشاسعة والكبيرة كونها لا تعدو عن تجارة للهوامير من تجار العقارات، مطالبا بأن تكون تلك المساحات الكبيرة تحت المجهر وبإجراءات صارمة ودقيقة وواضحة، على أن يقتصر منح حجج الاستحكام لذوي الدخل المحدود وبمساحات في حدود 400 600 متر مربع، واستشهد الأحمري بأن كثيرا من البيوت الشعبية التي داهمتها السيول في جدة كانت مملوكة بحجج استحكام لمواطنين من ذوي الدخل المحدود، وقال الأحمري إن «الصكوك المهاجرة أو الطائرة كانت بنظام سابق يستطيع البعض الادعاء بإحياء مساحات شاسعة من الأراضي عن طريق الأمطار»، وقال الأحمري إن «جدة ومكة المكرمة تحتلان المرتبة الأولى في حجم قضايا حجج الاستحكام والتداخلات في الصكوك»، وأضاف أن «عدم التنسيق بين الجهات المختصة التي ترد على أسئلة المحاكم عند استخراج حجج الاستحكام أدى لتفشي الظاهرة، ناهيك عن أن الأمانات تكتفي فقط أمام القضاء بالممانعة على منح الاستحكام». وطالب الأحمري بإعداد دراسات متخصصة حول طرق الإحياء الشرعي الصحيح، لا سيما أن من يطلب حجج الاستحكام تمرسوا على طريقة إحياء الأرض لكسب المزيد من الأموال من خلال العقارات المملوكة بحجج الاستحكام. وكشف الأحمري أن «جدة تعد الأولى على مستوى المحافظات والمناطق في التعديات حتى أن هناك أكثر من 55 حيا عشوائيا تم حصرها من قبل أمانة جدة، أنشئت قبل سنوات قليلة بطريقة وضع اليد معظمها في شرقي وجنوبي المدينة»، وقال إن كثيرا من المتعدين يعمدون لإقامة أحواش وغرف بدائية طمعا في أن يحصلوا على ما حصل عليه السكان المقيمون فيها حاليا من إيصال التيار الكهربائي والمياه وغيرهما من الخدمات، فيما يعمد آخرون لجلب مولدات كهربائية كبيرة جدا تعمل على مد هذه الأحواش والاستراحات بالكهرباء وجلب صهاريج مياه التحلية لتزويدها بالمياه. وأكد الأحمري أن صكوك حجج الاستحكام يجب أن تكون في القرى والهجر والمراكز لأن هذه محياة أبا عن جد، على خلاف المدن الكبرى التي تحولت فيها حجج الاستحكام إلى تجارة أفضى إلى تداخل الصكوك وقضايا في المحاكم. وأبان أن نظام التسجيل العيني للعقار جديد في أحكامه وأفكاره، ويناسب وضع المملكة ومن أهم ما يهدف إليه هو القضاء على التعديات التي تحصل على الملكيات والازدواجية في التملك»، مشيرا أن كثيرا من المستثمرين يترددون في خطواتهم نحو الاستثمار العقاري بسبب عدم وضوح الرؤية والشك في وجود أكثر من مالك للعقار الذي يشترونه. 11 ألف تعد وقال العقاري محسن العطاس مؤسس منتدى جدة العقاري، إن دراسة أظهرتها وزارة الشؤون البلدية والقروية قبل عامين رصدت فيها أكثر من 11 ألف حالة تعد على أراض يملكها آخرون والتلاعب في صكوك عقارية، وقال إن «النظام الجديد للتسجيل العيني للعقار يتلافى تداخل الأراضي لاتباعه نظام الإحداثيات التي تحدد مواقع الأراضي بدقة، كما أن الازدواجية في المملكة غير واردة».