كشف الخبير العقاري عبدالله الأحمري، أن 15 مليار ريال تفقد سنوياً بسبب التنازع حول الصكوك المتداخلة في التعدي على الأراضي البيضاء في مناطق المملكة، تحت مسميات حجج الاستحكام، مطالباً بمنع منح حجج الاستحكام للمساحات الشاسعة والكبيرة، واقتصارها على الأراضي الصغيرة لذوي الدخل المحدود. إلى ذلك، أكدت هيئة الرقابة والتحقيق على أهمية مراقبة إيقاف تطبيق المنح والبيع وحجج الاستحكام والصكوك التعويضية على الأراضي الواقعة في مجاري السيول وبطون الأودية بشكل عام ومحافظة جدة بشكل خاص. وشددت الهيئة على أهمية تكرار التأكيد على منع التعديات بشكل قاطع ومواجهتها، وتكليف إمارة المنطقة بتعيين اللجان اللازمة ودعمها وتجهيزها بالإمكانات الكفيلة بإزالة التعديات ومنع وقوعها. وأكد رئيس محكمة جدة الشيخ إبراهيم القني «أنه لم يجرِ إستخراج أية حجة استحكام من المحكمة عقب صدور الأمر الملكي بمنع إصدار حجج الاستحكام». وأكدت مصادر قضائية أن المحكمة العليا أبطلت في حكم نهائي لا استئناف فيه، صكاً لحجة استحكام متنازع عليه على مساحة تقارب 11 مليون متر مربع في جدة، كما أبطلت الصكوك المتفرعة من الصك. وبين مصدر قضائي رفيع «أن طلبات بإبطال حجج استحكام صدرت قديماً وإيقاف حجج أخرى قبل استخراجها رفع بها إلى المحكمة العليا على خلفية نزاعات قائمة، ونظرت على الوجه الشرعي»، مضيفاً أن أكبر مساحة من مساحات حجج الاستحكام الملغاة العام المنصرم كانت بمساحة 11 مليون متر مربع، قيمتها خمسة مليارات ريال، وجاء نقض الصك الذي استخرج كحجة استحكام على خلفية تنازع بين عدد من رجال الأعمال حول ملكية الأرض، حتى صدرت توجيهات المقام السامي بإحالة القضية للمحكمة العليا، وباشر قضاتها دراسة حجة الاستحكام وأقروا إبطال الصك وإعادة الأرض إلى ممتلكات الدولة. وجاء في المداولات أن أحد رجال الأعمال استخرج صكاً على أرض في موقع استراتيجي عام 1396ه، وذلك عن طريق الإحياء الشرعي، وأعقب ذلك تداخل رجال أعمال على ملكية الصك، ورفضت أمانة العاصمة المقدسة منح تراخيص لصاحب حجة الاستحكام، ما دفعه للجوء للمقام السامي الذي أحال القضية للقضاء وبدوره أصدر حكماً بإبطال الصك، وجرى التهميش في سجلات كتابة عدل مكةالمكرمة على الصك الذي تقرر إبطاله بحكم شرعي. من جهتها، تواصل محكمة جدة النظر في 500 دعوى قضائية في مخطط العزيزية أقامها مواطنون، يطالبون فيها بإلزام ورثة رجل أعمال بإفراغ عقارات اشتروها قبل 30 عاماً بالتقسيط، وفق عقود بيع صحيحة وسندات قبض لكامل المبلغ المتفق عليه، أو إعادة تعويضهم عن تلك الأراضي بما يوازي قيمتها في الوقت الراهن، وذلك على خلفية التداخل في الملكية وتعد على ممتلكات الدولة في مخطط العزيزية 1 المشهور بمخطط السعيد، والذي أوقف الإفراغ فيه وهو المعتمد في اللوحة رقم 290/ب/1402ه، مطالبين بالتعويض عن الضرر الذي أصابهم، وقدرت عدد القطع المتعدى على ملكيتها بنحو أربعة آلاف قطعة أرض، قيمتها السوقية تقدر ب 2 مليار ريال. من جهته، كشف المجلس الأعلى للقضاء أنه أنهى أول دراسة تحليلية لرصد حجم الشكاوى التي يتلقاها، ووفق دراسة أعدها المجلس جاءت الشكاوى من قضايا حجج الاستحكام في المرتبة الأولى بنسبة 33 في المائة، وأوصت الدراسة برفع بعض الإشكالات الخاصة بحجج الاستحكام للمقام السامي. وأكد ل «عكاظ» الشيخ يوسف عبدالعزيز الفراج القاضي في وزارة العدل، أن نظام التسجيل العيني للعقار والذي يحل محل النظام الحالي المعروف بالنظام الشخصي، سيعالج السلبيات ويوقف تداخل الصكوك والاعتداء على الأراضي، وقال «إن نظام التسجيل العيني أفضل بكثير من النظام الشخصي، حيث يجري من خلاله التغلب على مشكلات عديدة من بينها ازدواج الملكية والتعدي على الحقوق والأملاك العقارية، عدم التحديد الدقيق لحدود ومساحات الأملاك وإصدار أكثر من صك لعقار واحد»، مضيفاً «بعد استكمال كافة المعلومات عن العقارات، تصدر للمالك الصحيفة العقارية التي توضح كافة الحقوق والأملاك، وبناء على ذلك يجري الاستغناء في وقت لاحق عن الصكوك وحجج الاستحكام المتبعة في الوقت الحاضر، والتي يمكن أنه نتج عنها التلاعب للتعدي على حقوق الآخرين». ويضيف الفراج أن المشتري الأخير للعقار لا يلزمه إعادة العقار إلى المالك الأصلي، بعد أن يكتشف أن البائع للعقار حصل عليه بطريقة غير شرعية مثل التعدي على العقار أو إصدار صك مزور، بل يلزم ذلك التعويض للمالك من قبل من استفاد من بيع العقار. وأوضح الفراج أن هناك إجراءات قانونية دقيقة في النظام الجديد لتسجيل الحقوق تتفوق على النظام القديم الذي مازال يعمل به في المملكة، مشيراً إلى أن النظام الجديد يتضمن عدداً من المبادئ من بينها مبدأ التخصيص ويتعلق بكل ما يذكر في الصحيفة العقارية، مبدأ قوة حق التملك المطلق، حيث إن تسجيل المعلومات العقارية يؤدي لتوثيقها وعدم إمكانية إبطالها، مبدأ الشرعية والتدقيق، حيث يجري فحص كل ما يتقدم به الملاك، مبدأ العلنية ونظام الإشهار لإعطاء صاحب الملك أمرا ثبوتيا مطلقا، مبدأ القيد المطلق ويدلل مبدأ الثبوتية المطلقة، ولا يحق إلزام شخص بشيء ما دون تسجيل الحقوق العينية، مبدأ حظر التقادم وهو يلغي نظام تقادم الحق الذي يعتمده النظام القديم. وقال «إن من أهم ميزات النظام سهولة التعرف على المركز القانوني للعقار، تجنب المخاطرة الناتجة عن تشابه الأسماء، استحالة تداخل سندات الملكية والعينية والتعرف على أملاك مدعي الإعسار». وشكا ل «عكاظ» مواطنون من شراء عقارات تبين أن عليها تداخلا مع حجج استحكام، وبعضها تعدٍ على أملاك الدولة، وقال كل من ساطي الظاهري، محمد الغامدي وعبدالله الزهراني «اشترينا منذ سنوات طويلة أراضي في مخطط اكتشفنا رصد تعديات من قبل مالكه على أراضي الدولة». من جانبه، قال عبدالله الأحمري الخبير العقاري ورئيس اللجنة العقارية في محافظة جدة سابقاً «أسعدنا ما أعلنه أمس صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة عن استعادة أراضٍ مساحتها تقدر ب 280 مليار متر مربع في منطقة مكةالمكرمة بقيمة 86 مليار ريال، وتسليمها للأمانات، وهذه خطوة مهمة نحو التنمية وتحرير أراض معتدى عليها لصالح مشاريع تنموية كإسكان وغير ذلك». وطالب الأحمري بوضع المساحات الكبيرة تحت المجهر، وبإجراءات صارمة ودقيقة وواضحة على أن يقتصر منح حجج الاستحكام لذوي الدخل المحدود وبمساحات في حدود 400 600 متر مربع، واستشهد الأحمري بأن كثيرا من البيوت الشعبية مملوكة بحجج استحكام لمواطنين من ذوي الدخل المحدود، وقال «وفق النظام السابق يستطيع البعض الادعاء بإحياء مساحات شاسعة من الأراضي عن طريق الأمطار»، مشيراً إلى أن جدةومكةالمكرمة تحتلان المرتبة الأولى في حجم قضايا حجج الاستحكام والتداخلات في الصكوك، وأضاف أن عدم التنسيق بين الجهات المختصة للرد على أسئلة المحاكم عند استخراج حجج الاستحكام أدى لتفشي الظاهرة. وطالب الأحمري بإعداد دراسات متخصصة حول طرق الإحياء الشرعي الصحيح، لاسيما أن من يطلب حجج الاستحكام تمرسوا على طريقة إحياء الأرض لكسب المزيد من الأموال من خلال العقارات المملوكة بحجج الاستحكام، مشيراً إلى أن صكوك حجج الاستحكام يجب أن تكون في القرى والهجر والمراكز؛ لأنها محياة أبا عن جد، على خلاف المدن الكبرى التي تحولت فيها حجج الاستحكام إلى تجارة أفضت إلى تداخل الصكوك وقضايا في المحاكم. وأبان أن نظام التسجيل العيني للعقار يهدف للقضاء على التعديات التي تحصل على الملكيات وازدواجية التملك، وحذر من لصوص الأراضي الذين يظهرون من حين لآخر في مواقع خارج النطاق العمراني بعيدة عن الأعين، لتحقيق مكاسب غير مشروعة، حيث يندفع آخرون للشراء باعتبار أن نجاح المشروع مكسب لهم، حيث يبيعون الوهم للمواطنين البسطاء أراضي بمبالغ زهيدة عبر وثائق على اعتبار أنهم لا يملكون تلك الأراضي وإنما تعدوا عليها، ويضمون المبايعة شرطاً واضحاً أنهم يحمون المشتري من كل معتد ما عدا الدولة أو صاحب الصك الشرعي، مستغلين الثقافة المتواضعة للمشترين وحاجتهم لتملك أراض لإقامة أبسط المساكن لهم وللأبنائهم، ما يزيد العبء على الدولة في مواجهة التعديات على أراضي الدولة فضلا عن البناء العشوائي. وأشار إلى أن المواطنين بتصرفاتهم يساعدون لصوص الأراضي على سرقة أموالهم، من خلال الشراء لعقارات غير مملوكة ودون صكوك نظامية على تلك الأراضي ومعتدى عليها، مناشداً كل مواطن مهما كانت حاجته إلى السكن ألا يتهور ويشتري أراضي دون صكوك؛ لأنها مملوكة لآخرين أو للدولة، ما يعد تعدياً، يستلزم العقاب.