الحوادث المرورية تأكل أكبادنا وبشراهة عالية.. يقابل هذه الحوادث مسؤوليات تتحملها جهات أخرى، كالمرور والأمانات ووزارة النقل والهلال الأحمر ووزارة الصحة أسهمت في ارتفاع نسبة المتوفين في الحوادث المرورية، وغالبا ما تتم مناقشة الأمر على أن السرعة هي السبب الرئيس بينما واقع الحال يشير إلى مسببات أخرى قد تكون هي الأهم في وقوع الحوادث، ربما تأتي السرعة في مقدمتها لكن لم يتم تحميل وزارة النقل سوء بعض الخطوط الطويلة، أو تحميل الأمانات سوء الخطوط الداخلية، وهناك أيضا غياب اللوحات الإرشادية أو التحذيرية، ولم يتم إدخال الحيوانات السائبة كمسبب رئيس لكثير من الحوادث، وتجاهلنا بطء الإسعافات، وأغمضنا عيوننا عن قرار وزارة الصحة القاضي بعدم استقبال حالات التصادم .. كل هذه المسببات أسهمت في ارتفاع نسب وفيات الحوادث، وإذا أردنا أن نتحدث عن تلك الوفيات قبضنا على سبب واحد وهو السرعة .. وأغفلنا محاكمة بقية الأسباب. حسنا، سأذكر لكم حادثة مؤلمة حدثت في حي طيبة بمدينة جدة (وهو حي تم دمج خمسة أحياء به، يفتقر لكل الخدمات الحيوية ولازال غائبا عن عيون المسؤولين، فليس به أي خدمة أو مرفق أو مركز أو شرطة أو دفاع مدني أو إسعاف أو مدارس حكومية أو إشارات أو شبكة مياه أو هاتف، لا شيء يذكر بهذا الحي، واسمه السابق حي خالد النموذجي، أي أن نية المخطط لهذا الحي أن يكون نموذجيا في كل شيء هذه النية ظهرت من عهد الملك خالد بن عبدالعزيز ولايزال الحي نموذجيا في افتقاره لكل الخدمات.. المهم في هذا الحي، حدث حادث أدى إلى فقد شاب في مقتبل العمر، فحينما كان يسير السائق وبرفقته صديقه (المرحوم بإذن الله) كان بالشارع العام هبوط في نقطة منه أدت إلى انحراف السيارة، وارتطامها بعمود النور من جهة الراكب، الذي تعرض للضربة المباشرة، وفي سرعة تجمهر الناس منتظرين وصول أي إسعاف ولبعد أقرب مستشفى من الحي بمسافة تقدر بخمسين كيلو، تم حمل المصاب إلى مجمع عيادات بالحي لإجراء الإسعافات وإنقاذ المصاب، إلا أن المجمع رفض استقبال الحالة بحجة أن وزارة الصحة تمنع المستوصفات من استقبال حالات الحوادث، وتمنع كذلك تسخير سيارة المستوصف الإسعافية في نقل المصاب، المهم أن الشاب قضى نحبه أمام عيون ذويه وأصدقائه من غير أن يتم إسعافه بسبب قرار وزارة الصحة. وهنا، نقول للوزارة على أي أساس بنيت قرارا كهذا، هل وفرت مستشفيات حكومية كافية لاستقبال حالات الحوادث، فمدينة جدة كلها لا يوجد بها إلا مستشفيان حكوميان فقط لاستقبال الحوادث، فلو أراد أهل الشاب المتوفى الانتقال بمصابهم إلى مستشفى الملك فهد والذي يبعد مسافة خمسين كيلو (من غير حساب وقت الوصول والاختناق المروري فإن أي حالة في خطر سوف تموت قبل أن تصل).. فهل هذا القرار صادر من ثقة أن خدماتك تغطي كل نقطة، وإذا كانت الوزارة تعلم بمثل هذا العجز فلماذا تصدر قرارا يحول دون إنقاذ الناس.. لقد رحل الشاب مخلفا حسرة في نفس ذويه، وبقيت القرارات الغائبة عن واقع الناس من غير دراية بواقع الحال .. لنقول بعدها إن نسبة ارتفاع وفيات الحوادث ليس بسبب السرعة فقط ولكن بأسباب أخرى هي الباقية وهي الحاصدة لفلذات اكبادنا، وحسبنا الله ونعم الوكيل.. [email protected] a للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة