الزائر لحي الندوة لأول مرة يعتقد أنه ليس من أحياء العاصمة الرياض، وذلك لما يعانيه من نقص واضح في الخدمات الأساسية، يفتقر لشبكة الصرف الصحي، وما إن تهطل الأمطار حتى تختلط بمياه الصرف الصحي وتتجمع في شكل مستنقعات وبرك تنذر بتفشي الأوبئة، لا توجد في هذا الحي إلا مدرسة ابتدائية واحدة للبنين، ويضطر سكانه لتسجيل بناتهم وأبنائهم في أحياء أخرى بصعوبة بالغة لأنهم زوار لهذه الأحياء والأفضلية لسكانها، الحي أيضا لا يوجد فيه مركز صحي فيضطر سكانه لعبور مسافات طويلة للعلاج في مراكز ومستشفيات بعيدة منهم. إنه حي جديد عمره لا يتجاوز العشر سنوات، يقع وسط زحمة أحياء مدينة الرياض، يقبع في الجهة الشرقية الجنوبية من العاصمة، على طريق خريص في اتجاه الشرق، يبدأ من قبل جامعة الأمير نايف العربية للعوم الأمنية حتى حي النظيم، ويمتد شرقا مسافة تقدر بكيلومترين وجنوبا ب1.7 كلم، وهو من الأحياء المعروفة في الرياض، يسكنه عدد كبير من السكان، يتميز بموقعه الاستراتيجي بعيدا عن زحمة الرياض، بدأ في الازدهار، وتعرف الناس عليه عن قرب وبدأوا يتسابقون على شراء قطع الأراضي فيه منذ نحو خمس سنوات وحتى الآن، رغم هذا الإقبال على شراء قطع أراضيه، إلا أن هناك قطعا ليست بالقليلة ما زالت موجودة وبمساحات كبيرة لم تستغل. سكان الحي هم من ذوي الدخل الأقل من المتوسط، سعر قطعة الأرض فيه بين 200 و300 ألف ريال، وقبل الارتفاع الحاصل حاليا كان سعر القطعة الواحدة بين 100 و150 ألف ريال. تنقص الحي كثير من المرافق التي ينتظرها فلا يوجد به تصريف للمجاري ولا توجد به شبكة عامة للمياه، إضافة لعدم وجود خط تلفون ثابت أرضي، كما يفتقر الحي لأهم مرفق خدمي، مركز صحي حكومي أو أهلي يهتم بشؤون المرضى، ما زاد معاناة سكان الحي في التنقل للمركز الصحية المجاورة، وهناك تطلب منهم اجراءات كثيرة أقلها ما يتعلق بمسألة إثبات السكن وغير ذلك من الاجراءات الطويلة، كما أن الحي لا توجد فيه مدارس للبنات، ما يضطر السكان لنقل بناتهم لمدارس أخرى في أحياء بعيدة، ويكبدهم ذلك الكثير من الجهد المالي والبدني، حيث إنهم يقطعون مسافة بعيدة في الذهاب والإياب، إضافة لذلك لا توجد مدارس للبنين إلا مدرسة ابتدائية واحدة يحاول كل طلاب الحي الدراسة فيها، كما أن الإنارة والسفلتة غائبتان عن مواقع كثيرة من أرجاء الحي الذي كان يفترض أن يكون أفضل من وضعه الحالي، حيث إنه يفتقد للكثير من المرافق. وأرجع مدير شؤون المباني في إدارة تعليم منطقة الرياض المهندس بدر الدوسري، عدم وجود مدارس حاليا في هذا الحي لحداثته وعدم اعتماد مدارس له، وقال ل«عكاظ» سيفتتح العام المقبل مجمع مدارس للبنين يضم ابتدائية ومتوسطة وثانوية، إضافة لافتتاح أكثر من ذلك خلال السنوات المقبلة، مشيرا إلى أن الأراضي التي ستنشأ عليها مشاريع المدارس في طور الانتهاء منها، وسيتم العمل بها شريطة ألا توجد أي مخالفة تعيق عمل تلك المجمعات. تجولنا داخل الحي الجديد في مسماه، القديم في محتواه، وطالب عدد من سكانه بتأمين ما ينقصه من خدمات أساسية، معربين عن أملهم في أن يصل صوتهم إلى الجهات المختصة ويحلوا مشكلاتهم. غياب شبكة الصرف الصحي يقول عبدالله العنزي (أقدم من سكن في الحي) «عندما سكنت في هذا الحي قبل عشر سنوات لم أشاهد أي فيلا بالقرب من منزلي، أما الآن فقد تغير الوضع كثيرا»، مضيفا نعاني من عدم وجود شبكة للصرف الصحي داخل الحي، وهذه معضلة تكلفنا الكثير من الأعباء المادية التي أرهقتنا كثيرا بسبب ما ندفعه من مبالغ كبيرة لتوفير وايتات الصرف الصحي، حيث ندفع في الوايت الواحد نحو 80 ريالا كحد أدنى، ورغم وعود المسؤولين في تأمين شبكة الصرف الصحي خلال الأيام المقبلة إلا أننا حتى الآن لم نر شيئا على أرض الواقع رغم مرور شهور بل سنين على هذه الوعود، ونحن نخسر كثيرا مع غياب شبكة الصرف الصحي مع استمرار وجود الحفريات في هذا الحي حيث تختلط مياه الصرف الصحي مع مياه الأمطار وتتجمع في شكل برك ومستنقعات تستمر فترة طويلة حتى تجف. وأضاف لعدم وجود مركز صحي أو مستوصفات أهلية في الحي نضطر لعبور مسافات طويلة حتى نصل إلى أحياء أخرى لمعالجة أبنائنا في مراكزها الصحية، إلا أن الكشف في هذه المراكز البعيدة يتطلب فتح ملف خاص وهذا لا يتحقق لأننا من غير سكان الحي، وبالتالي يعاملوننا على أساس أننا زوار فنضطر للصبر حتى يسمح لنا بالعلاج. من جهتهم، قال كل من أبو محمد، أبو خالد، وأبو طلال: لا توجد في الحي مدارس للبنات والبنين، حتى يتمكن أبناؤنا من الدراسة بجوار منازلهم، ما اضطرنا للجوء إلى مدارس الأحياء المجاورة وهناك لم يقبلوا أبناءنا بحجة أننا لسنا من سكان الحي وهذا نظام معروف تطبقه وزراة التربية والتعليم، ومع إلحاح شديد وتدخل الواسطات نتمكن من تسجيل أبنائنا في تلك المدارس، لتستمر معاناتنا في قطع مسافة طويلة من المنزل إلى المدرسة والعكس. جامع كبير للحي وفي سياق آخر، يقول أبو سعود: يفتقر الحي لجامع كبير يؤدي فيه جميع الأهالي الصلاة، إذ إن الجامع الوحيد الموجود صغير للغاية ولا يستوعب المصلين. وطالب كل من أبو صالح ومحمد الشمري، بتأمين خط تلفون ثابت، وأشارا إلى أن مصروفات الجوالات أرهقت سكان الحي كثيرا لعدم وجود خط أرضي، وقالا: إن شبكة المياه لا توجد إلا في مناطق قليلة في الحي وبشكل ضعيف للغاية، ما يضطرنا للاستعانة بالوايتات لتوفير مياه الشرب والغسيل، ونحتاج في كل شهر لثلاثة وايتات ما يكلفنا كثيرا من المال. وأضاف أبو صالح (ضاحكا) وضعنا هنا في حي الندوة ذكرني بالديرة التي تبعد عن الرياض قرابة 400 كلم، لما نعانيه من مشكلات عديدة ومن المستحيل أن يصدق أحد أن حيا من أحياء الرياضالجديدة لا توجد به شبكة مياه. وفي جولتنا على مكاتب العقار في الحي، أوضح أبو ناير أنه قبل عدة أشهر اضطر أحد الأشخاص لعرض فلته للبيع بسبب نقص الخدمات داخل الحي، ليشتري فيلا في حي آخر تتوفر فيه الخدمات الأساسية ليرتاح وأفراد أسرته. وطالب كل من أبو عويد، أبو صقر، وفهد العريني (أصحاب مكاتب عقار داخل الحي)، أمانة منطقة الرياض بمخاطبة الجهات المختصة لتأمين الخدمات داخل الحي، لضمان استقرار سكانه دون أن يفكروا في الهجرة لأحياء أخرى تتوفر فيها الخدمات، خصوصا أن الكثير من سكان الحي شيدوا عمائر ومنازل عرضوها للبيع بسبب غياب الخدمات وعدم توفيرها على الأقل خلال السنتين المقبلتين، ولسان حالهم يقول «إن الحياة بدون خدمات داخل الحي لا تطاق».