في عالم يموج بالصراعات والتحديات؛ تبرز المملكة العربية السعودية كواحة استقرار، تنسج خيوط الدبلوماسية بحنكة واقتدار، لتضيء دروب السلام في مناطق الظلام، وجد «السودان» هذا البلد الذي أنهكته الأزمات في المملكة سندًا وعضدًا، حيث تجلت دبلوماسية الرياض في أبهى صورها، مزيجًا من الحكمة والإنسانية، تحت قيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-. فمنذ اندلاع الصراع في السودان؛ لم تقف المملكة موقف المتفرج حيث سارعت إلى مد يد العون، مستندة إلى روابط تاريخية وأخوية تجمعها بالخرطوم، إذ استضافت «عروس البحر الأحمر» محادثات السلام بين الأطراف السودانية، في مسعى حثيث لوقف نزيف الدم وإعادة الاستقرار، وأثمرت هذه الجهود عن «إعلان جدة» الذي نص على الالتزام بحماية المدنيين وتسهيل المساعدات الإنسانية، هذه الخطوة التي رآها المراقبون بريق أمل في نفق الأزمة المظلم. لم تقتصر جهود المملكة على الجانب الدبلوماسي فحسب والذي يقوده سفيرنا الهمام علي بن حسن جعفر؛ وإنما امتدت إلى الميدان الإنساني فكان «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» في طليعة المستجيبين لنداء الواجب، حيث أرسل عشرات الطائرات والسفن المحملة بالمساعدات الغذائية والطبية إلى السودان، في تجسيد حي لمعاني الأخوة والتضامن، ولاقت هذه المساعدات ترحيبًا وإشادة من المنظمات الدولية، التي ثمنت دور المملكة في تخفيف معاناة الشعب السوداني. وعلى الصعيد السياسي؛ حرصت الرياض على التنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لتوحيد الجهود الرامية إلى حل الأزمة السودانية، فالاجتماعات المتتالية التي عقدتها المملكة مع الأطراف الدولية كانت بمثابة تأكيد على التزام المملكة بنهج موحد لتعزيز وتنسيق وتكامل جهود السلام في السودان، سعيًا إلى إنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار. هذا الدور السعودي المقدر في السودان لم يكن وليد اللحظة؛ بقدر ما هو امتداد لسياسة ثابتة تنتهجها المملكة في دعم الدول العربية والإسلامية، ولعل الاستثمارات السعودية في السودان والتي شملت مجالات الزراعة والتعدين والبنية التحتية أكبر دليل على إيمان مملكتنا الطموحة بقدرات هذا البلد وحرصها على نهضته، فهذه الاستثمارات لم تكن مجرد مشاريع اقتصادية؛ بقدر ما كانت جسورًا لتعزيز العلاقات وتوثيق الروابط بين الشعبين الشقيقين. وفي خضم هذه الجهود؛ تبرز رؤية المملكة التي تجمع بين الحكمة في المواقف والمرونة في التعامل، بين السعي إلى تحقيق المصالح الوطنية والالتزام بالقيم الإنسانية، هذه الرؤية جعلت من السعودية لاعبًا رئيسيًا في الساحة الدولية، وقادرًا على التأثير الإيجابي والمساهمة الفاعلة في حل الأزمات. ختامًا، يمكن القول: إن دبلوماسية المملكة في السودان هي نموذج يُحتذى به، حيث تمازجت فيها الحكمة مع العمل الدؤوب، لتؤكد أن الرياض كانت وستظل مملكة الخير، منارة للأمل، وركيزة للاستقرار في المنطقة والعالم.