عند اعتبار علاقات الأفراد وتجمعاتهم في صورة أسر وعائلات وقبائل وشعوب، فهم يشكلون المجتمع، أما علاقاتهم وتجمعاتهم في صور مستهلكين ومنتجين وشركات ومؤسسات فهم يشكلون الاقتصاد، ولهذا فإن المجتمع والاقتصاد تعبيران لنفس مجموعة الأفراد. ويتحدد سلوك الأفراد وفقا للأدوار المناطة بالتجمع أو الوحدات الاقتصادية التي يعملون من خلالها. وإذا عجز الفرد أو الوحدة الانتاجية عن القيام بالدور المتوقع منهم، فهذا يعني وجود أحد أسباب الفساد، أما عند قيامهم بكامل الدور المناط بهم والالتزام بجودة التنفيذ، فإن الاقتصاد سينمو، ولكن في حدود التوقعات. أما إذا كانت هناك رغبة صادقة في التفوق لمواكبة العالم المتقدم، فإن ذلك يستوجب قيام الفئة المنتجة بتنفيذ أعمالهم بصورة أفضل من المتوقع، من خلال تحفيز الابتكار والتطوير لكل المهام. فقد أدت الابتكارات إلى تحسين البيئة الاقتصادية في العالم، وساهمت في حل العديد من مشاكله، بل يعتبر الابتكار أهم عناصر التقدم الاقتصادي. ويختلف الابتكار عن الاختراع، فالاختراع مفهوم تقني وهندسي لإيجاد شيء لم يكن متاحاً، أما الابتكار فهو مفهوم اقتصادي واجتماعي يتطلب قبول الأفراد وبيئة محفزة للأفكار الابتكارية. وتتعدد مصادر الابتكارات فمنها من ظهر من خلال تطوير العاملين أنفسهم لطرق ممارستهم لأعمالهم، ومنها ما ينتج عن جهود متعمدة للابتكار من خلال الأبحاث والتطوير، وجميعها يتطلب إدارة جيدة تحفز على الابتكار وتشجعه وتبحث عنه وتتبناه وتديره. ولا شك أن قيام الفرد بتنفيذ مهام عمله بصورة جديدة وتحقيق نتائج افضل تتضمن ابتكارا. ومن أهم صور الابتكار تغيير طرق إنتاج او تخزين أو استهلاك منتجات معروفة من خلال اكتشاف مصادر جديدة للمواد الخام أو السلع الوسيطة، أو تقديم تركيبة جديدة لمكونات المنتج، تجعل تكاليف الانتاج أقل أو تحفز الفرد على استهلاك أكثر، أو تقديم سلع جديدة، أو فتح أسواق جديدة، أو تبني هيكل تنظيمي جديد يؤدي إلى تخفيض التكاليف أو زيادة الإنتاج كما أو نوعا. ولعل الحافز لتنمية روح الابتكار يكون أكبر في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فالابتكار يؤدي حتما للنمو والتقدم. ولا يتطلب الابتكار سوى فهم الفرد للعمل الذي يقوم به والتفكير في كيف يجعله أفضل، فمن المؤسف أن يستمر الكل في عمل ما كانوا يعملونه العام الماضي بنفس الطريقة والأسلوب.